كتب – المحرر الثقافي:
يعرف العلم الحديث اللون على أنه “ما نراه عندما تقوم الملونات بتعديل الضوء فيزيائياً بحيث تراه العين البشرية (تسمى عملية الاستجابة) ويترجم في الدماغ (تسمى عملية الإحساس التي يدرسها علم النفس).
وتذكر الموسوعات العلمية أن اللون هو أثر فيزيولوجي ينتج في شبكية العين، حيث يمكن للخلايا المخروطية القيام بتحليل ثلاثي اللون للمشاهد، سواء كان اللون ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أو عن الضوء الملون.
وتشير إلى أن ارتباط اللون مع الأشياء في لغتنا، يظهر في عبارات مثل “هذا الشيء أحمر اللون”، وهو ارتباط مضلل لأنه لا يمكن إنكار أن اللون هو إحساس غير موجود إلا في الدماغ، أو الجهاز العصبي للكائنات الحية. فأشعة الضوء بالمعنى الدقيق للكلمة ليست ملونة. يقول إسحق نيوتن: “لا يوجد في الأشعة سوى طاقة محددة وقدرة على تحريض الشعور بهذا اللون أو ذاك”.
مفهوم تاريخي للون
غير أن الإحساس اللوني يتأثر بمفهوم تاريخي طويل المدى وفق طبيعة وثقافة المشاهد، وأيضاً مفهوم قصير المدى وهو الألوان المجاورة. وبحسب مؤلف كتاب “فلسفة الألوان” إياد محمد الصقر، الصادر عن “الأهلية للنشر والتوزيع”، فإن “الألوان تحيط بنا من كل جانب ونتعايش معها في كل يوم، ونستمتع بجمالها في كل نظرة، ولا نتصور كل ما يحيط بنا بدون الألوان، ولا نتخيل كم تكون عليه صورة هذه الكائنات التي نراها بدون ألوان”. فاللون هو البُعد الإضافي الذي يمنح الفنان معاني لا متناهية للتعبير عن كل شيء جميل يحيط بنا، واللون يوقظ الإحساس، وينمي الشعور ويبهر النظر، وهو إما أن يكون مثيراً للعاطفة أو مهدئاً للنفس وهو يعتبر جزءاً مهماً في حياتنا الذي من خلاله إذا تأملنا الطبيعة في الصباح ثم الظهيرة نجد الألوان في الصباح فاتحة وفي غاية الجمال المتمثلة في الأشجار والبحار، بينما تتلاشى هذه الألوان في الماء تدريجياً، وعند الغروب تنعدم الرؤية تماماً ما عدا انعكاس غروب الشمس على البحر الذي يعطي قرص الشمس أثر الألوان في منتهى الروعة والجمال. لقد أبدع الله سبحانه وتعالى في خلقه، على أكمل وجه في جمال الطبيعة بألوانها الساحرة الخلابة وإبداعه عزّ وجلّ في تصوره الجميل بألوان باهرة غاية في النقاوة والصفاء”.
مرحلة انتقالية
إن الألوان –بحسب المؤلف- تستخدم كمرحلة انتقالية من حالة الفرح إلى حالة الحزن في اللوحة التشكيلية ومعاملاتها في الحياة، ولقد سيطرت الألوان على الإنسان بصفة عامة في فضاءات واسعة مما دعا علماء الفسيولوجيا والسيكولوجيا والفلسفة إلى تحليلها والاهتمام بها، وبما تضفى من سعادة أو قلق.
اللون من الجانب المعرفي
ويتطرق الصقر في كتابه هذا إلى “اللون من الجانب المعرفي وملازمته للإنسان في جميع مجالات الحياة، وما للون من معاني وأسماء، وحصيلة الفنانين في إبداعهم له وخلق روح الوعي، لذا المشاهد من خلال تعبيراتهم اللونية المجسدة في شتى الفنون، حتى التعرف على وصف اللون كعنصر أساسي في الحياة اليومية وعلاقته بمجالات الحياة”.
لكن المؤلف أغفل “مفهوم اللون من حيث الخصائص الفيزيائية والكيميائية أو حتى بذكر نظريات في مجال اللون التطبيق وعلى مفهوم اللون أو تعريفه كعنصر أساسي للفن، نظراً لرغبته في “تحديد طبيعة المشكلة البحثية وهو مفهوم اللون وعلاقته بالحياة اليومية، للوصول إلى هدف تبيان ما للون من دور في حياتنا اليومية والاجتماعية. من خلال عضو فعال في تركيبة الإنسان (العين) التي تساعد على فهم حقيقة اللون، وصولاً إلى فهم الفن الحقيقي والتوصل إلى الرؤية الجمالية في هذا الكون من روائع اللوحات التصويرية المبدعة من الخالق والفنان المبتكر.
الفلسفة العلمية للون
وهنا أغفل المؤلف أيضاً الحديث عن فلسفة العين وماهية العين، حفاظاً على منهجية البحث، لكنه نحى منحى آخر إلى الفلسفة العلمية واللون ودوره من الناحية السيكولوجية والنفسية والعملية في تركيبة اللون؛ وخلط الألوان مع بعضها وإنتاج لون جديد له مدلول نفسي وفسيولوجي يتعلق بالمكان.