دعا علماء ومفكرون إلى “تعريف العالم بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعدالة الإسلام، وتعليمه البشرية مكارم الأخلاق عبر كافة الوسائل المتاحة، من تأليف الكتب وترجمتها، والأفلام والندوات في الفضائيات وشبكة الإنترنت والإذاعات، وكل ما من شأنه إيضاح سماحة الإسلام ورسالته الخالدة”، مشيرين إلى أن “الرد على من أساؤوا للإسلام سواء من أقدم على إنتاج وإخراج فيلم “براءة المسلمين” في أمريكا، ومجلة “شارلي أيبدو” الأسبوعية في فرنسا التي نشرت رسوماً مسيئة للنبي محمد، يجب أن يكون بما يليق بحضارتنا وكريم أخلاقنا التي علمنا إياها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم”، موضحين أن “المسلمين خير أمة أخرجت للناس”.
ولفتوا إلى أن “الذين ردوا بالعنف وقتلوا سفير الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرهم أخطأوا”، مشيرين إلى أن “الوفاء للإسلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكون بالمشاركة بتوضيح صورة الإسلام السمح للبشرية وليس بحصار السفارات وقتل الأبرياء”.
وأوضحوا أن “المشاركة في المسيرات السلمية لنصرة الإسلام ورفع اللافتات التي تستنكر الإساءة للإسلام وللرسول أمر مباح، شريطة ألا تستغل في أعمال الشغب والعنف”، بينما طالبوا حكومات المسلمين بأن يكون لها “دور بوقف الإساءة للإسلام”.
لا لتشويه الإسلام
من جهته، انتقد مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أعمال العنف التي صاحبت تظاهرات الاحتجاج على فيلم “براءة المسلمين” المسيء للإسلام الذي تم إنتاجه في الولايات المتحدة الأمريكية.
وندد بـ “المحاولة الإجرامية البائسة بنشر الفيلم المسيء” وطالب المستنكرين بعدم “تجاوز المشروع إلى الممنوع فيكونوا بذلك قد حققوا بعض أهداف هذا الفيلم المسيء من حيث لا يشعرون، فشرع الله يحرم أن يأخذوا البريء بجريرة المجرم الآثم ويعتدوا على معصوم الدم والمال أو يتعرضوا للمنشآت العامة بالحرق والهدم”.
ورأى آل الشيخ أن “هذه الأفعال تشوه وتسيء إلى الدين الإسلامي ولا يرضاها الله عز وجل وليست من سنة النبي” مناشداً دول العالم والمنظمات الدولية التحرك “لتجريم الإساءة للأنبياء والرسل كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد”.
ودعا المفتي المسلمين إلى “الوعي التام بأن هذه المحاولة الآثمة المجرمة ليس القصد منها الإساءة إلى جناب محمد فإنهم لن يضروه شيئاً لكن الذي نعلمه أن هؤلاء الأعداء هدفهم صرف المسلمين عما هم بصدده من بناء دولهم وتعزيز وحدتهم والتماسهم أسباب الحضارة والتقدم”.
وأضاف “لذلك، فإن أبلغ رد على هذه الإساءات هو أن يمضي المسلمون قدماً وبإصرار وعزيمة في بناء وتنمية أوطانهم حتى يكونوا على مستوى المسؤولية والأمانة”.
تجريم المسيئين للإسلام
من ناحيته، وجه الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون يطالبه فيها بوضع قوانين تماثل قوانين تجريم المساس بالسامية والهولوكست، كما طالبه بقرار دولي يجرم المساس برموز الدين الإسلامي.
وقال شيخ الأزهر في رسالته “لقد اجتاح الغضب ومشاعر الصدمة والإحساس بالإساءة كل أنحاء العالم الإسلامي بلا استثناء، وموجات الجماهير الغاضبة كما تعلمون تملأ الطرق والميادين في بلادنا، ووقفات الاحتجاج والاستنكار أمام المؤسسات والهيئات المحلية والدولية ما زالت متواصلة، منذ أيام متتابعة، لما أقدم عليه بعض السفهاء من تطاول على ذات النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يؤمن برسالته ويوقِّرُه ويحترمُه ويُعظِّمُه أكثر من مليار ونصف المليار من البشر في العالم المعاصر”.
وتابع إن “الأزهر الشريف الذي يُعبِّرُ عن ضمير الأمة الإسلامية ويُعَدُّ مسؤولاً عن حماية مقدساتها ورموزها الجليلة يتوجَّه إلى الرأي العام العالمي، والعقلاء من المتديِّنينَ أياً كانت عقائدهم، وإلى الشرفاء من أصحاب الرأي والفكر في العالم أياً كانت مواطنهم، أن يستنكروا هذا العمل اللامسؤول، الذي يهدِّد سلام العالم والعلاقات الإيجابية بين الأمم والشعوب، في وقت يسعى فيه الحكماء لِرَأْب الصدع في هذه العلاقات الدولية، والتَئام الجراح التي خلَّفتها سياسات العدوان والأنانية المادية، للعديد من الشعوب الإسلامية، في العراق وأفغانستان والصومال وفلسطين وغيرها”.
وشدد على “ضرورة صدور قرارٍ دولي يقضى بعَدَم المساس برموز الدِّين الإسلامي ومقدَّساته الّتي يجترأ عليها بعض الحمقى والمضلّلين، ممّن لا يعرفون قيمة السلام الاجتماعي بين الشعوب، ويستبيحون تأجيج الفتن بينها، ولا بدَّ من معاقبة هؤلاء المستهترين الذين أقدموا على تلك الأفعال الشنيعة”.
وطالب الطيب، بان كي مون “بحماية السِّلم العالمي من كل تهديد أو عدوان”، متسائلاً “أليس هذا العبث اللا مسؤول يُماثِلُ دعَاوى المساسِ بالسَّاميةِ التي تستنكرونَها فى كلِّ حين، والّتي تَصدُرُ الأحكامُ ضِدَّ المتَّهمِينَ بارتكابها في العديدِ من بلادِ العالَم، ولو كانوا من كبار المفكِّرين والعلماء؟!”.
أفعال تؤجج الكراهية
في الوقت ذاته، استنكر مفتي مصر الشيخ الدكتور علي جمعة ما نشرته مجلة ‘’شارلي أيبدو” الفرنسية الساخرة من رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال إن “مثل هذه الأفعال لا طائل من ورائها إلا تأجيج الكراهية بين الناس باسم ‘’حرية التعبير’’، رغم بعدها التام عنها”، داعياً المسلمين في فرنسا إلى “عدم الاستجابة لهذه الاستفزازات، وأن يعبروا عن غضبهم بطرق سلمية، واتباع السبل السلمية والقانونية لمقاضاة هذه المجلة، ومن قاموا بشر هذه الرسوم المسيئة”.
وكشف المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية د.إبراهيم نجم أن دار الإفتاء بصدد التنسيق مع صحيفة الـ ‘’لوموند’’ الفرنسية الأوسع انتشاراً في فرنسا، لنشر مقال ‘’النبي محمد رحمة للعالمين’’، وذلك ضمن حملة دار الإفتاء التي بدأتها للتعريف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لدى غير المسلمين في أمريكا وأوروبا، وكان أولها المقال الذي نشرته صحيفة ‘’واشنطن بوست’’ الأكثر انتشاراً في أمريكا والعالم، لمفتي مصر بعنوان ‘’النبي محمد رحمة للعالمين’’، ضمن سلسلة مقالات سيتم نشرها.
الوفاء للإسلام ليس بالقتل
وفي سياق متصل، خطّأ رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي “من قتلوا السفير الأمريكي في بنغازي” ودعا المسلمين في كافة أنحاء العالم إلى “الابتعاد عن العنف ومحاصرة السفارات في احتجاجاتهم على الإساءة للإسلام”.
ودعا القرضاوي في خطبة الجمعة، في مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة المسلمين الذين يريدون الاحتجاج على الفيلم المسيء للإسلام إلى “الابتعاد عن العنف ومحاصرة السفارات” الأمريكية.
وشدد على أن “الوفاء للإسلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكون بالمشاركة بتوضيح صورة الإسلام السمح للبشرية وليس بحصار السفارات”.
وأضاف أن “الرد على من أساؤوا للإسلام يجب أن يكون بما يليق بحضارتنا وكريم أخلاقنا”، مشدداً على أن “الذين ردوا بالعنف وقتلوا سفراء للولايات المتحدة الأمريكية أو غيرهم أخطأوا”.
ودعا إلى الانصراف إلى “تعريف العالم بسيرة النبي محمد وعدالة الإسلام، وتعليمه البشرية مكارم الأخلاق عبر كافة الوسائل المتاحة” بما فيها “تأليف الكتب وترجمتها والأفلام والندوات في الفضائيات وشبكة الإنترنت والإذاعات، وكل ما من شأنه إيضاح سماحة الإسلام”.
وأضاف القرضاوي أن “الغربيين اعتادوا الإساءة للمقدسات الإسلامية بين فترة وأخرى، فقد أساؤوا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال رسوم لا تليق بأي من البشر”.
وتابع “أساء البابا نفسه للمسلمين خلال محاضرة له، وها هم جماعة من الأمريكيين معظمهم، للأسف، من الأقباط المصريين ينشرون على شبكة الإنترنت فيلماً يسيء للإسلام، وفي أعز ما يعتقد به المسلمون، يسيئون للنبي الكريم محمد وقد ساعدهم على جرمهم قس أمريكي سيئ السمعة، وجاء كل ذلك والمسلمون منشغلون بأنفسهم، لم يسيئوا إليهم”.
ونوه القرضاوي بأن “الحكومة الأمريكية يجب أن يكون لها دور في منع الإساءة للإسلام وعدم التحجج بالحريات، وعلى حكومات المسلمين أن يكون لها دور بتقديم رسالة الإسلام وسيرة النبي الكريم للعالم. والمسلمون قادرون على تقديم الصورة الحسنة لرسالة الإسلام”.