كتب: محمد عبدالشافي البنا: كان للألعاب الشعبية دور ثقافي هام في المجتمعات عبر العصور المختلفة. إن لكل مجتمع من المجتمعات موروثه الثقافي الذي يميزه عن غيره من المجتمعات الأخرى، والألعاب الشعبية تشكل جزءاً لا يتجزأ من الموروث الثقافي الشعبي وركناً جوهرياً من الذاكرة والوجدان لأي مجتمع. قد ينظر البعض إلى الألعاب الشعبية على أنها مجرد وسيلة لهو أو تسلية لجأ إليها الأطفال في الماضي لشغل وقت الفراغ والتخفيف من ضغوط الحياة اليومية، وإن كانت هذه النظرة صحيحة بعض الشيء إلا أنها تتسم بالسطحية وعدم الموضوعية، ذلك لأن الألعاب الشعبية هي نتاج واضح للتكوين الثقافي والحضاري وانعكاس ملموث للبيئة الطبيعية والجو الاجتماعي السائد، وهي تحمل بين طياتها كثيراً من المعاني والقيم الروحية والأهداف السامية التي تسهم لحد بعيد في بناء شخصية الطفل الاجتماعية والتربوية والانفعالية والتعليمية واللغوية والجسدية. كما إنها تضطلع بدور محوري في ترسيخ الموروث الشعبي وانتقال العادات والتقاليد والمعارف من جيل إلى جيل بشكل تلقائي وبدون تعليم منظم. ما يساعد ذلك على تكوين ثقافة شعبية لها مدلولاتها الإنسانية والاجتماعية يتم ممارستها في مختلف البيئات. تتسم الألعاب الشعبية بمميزات خاصة جعلتها تتبوأ مكانة مرموقة في إرساء العملية التربوية والتعليمية، فهي تساعد الطفل على اكتشاف نفسه والعالم الذي يحيط به وتكسبه مهارات التفكير وتنمي لديه روح التعاون والترابط الاجتماعي واحترام الحقوق والواجبات، فضلاً عن اكتساب العادات الاجتماعية، مما دفع ذوي الشأن لإصدار المؤلفات التي تتحدث عن طبيعتها وأهدافها. والمجتمع البحريني واحد من تلك المجتمعات التي حازت على ذلك التنوع من الألعاب من حيث المضمون وطريقة الأداء. واهتمت بالحفاظ عليها من خلال الإصدارات وتنظيم المهرجانات. ورغم أن الألعاب الإلكترونية وغيرها حلت في زمننا هذا محل الألعاب الشعبية، إلا أنها تتميز عنها بالنشاط والحركة والمكان المنفتح والجماعة. بينما الألعاب الإلكترونية تنفذ مفردة في أغلب الأحيان في البيت دون حركة. لكن لكل عصر سماته الخاصة، فنحن الآن في عصر السرعة والتكنولوجيا. تنقسم الألعاب الشعبية إلى أقسام كثيرة ومتنوعة للبنات والبنين على السواء نذكر منها على سبيل المثال... «السكينة» من ألعاب البنات تعتبرالسكّينة لعبة خاصة بالبنات فقط، حيث ترسم على أرض صلبة ست أو ثماني خانات متساوية والسابعة أو التاسعة على شكل نصف دائرة يسمى الدباب. وتقوم إحدى البنات برمي القيس “ وهو حجر مدور “ في أول بيت أو خانة وتركله وهي تحجل إلى البيت الذي يليه، وهكذا إلى البيت الرابع ويسمى مستراح. حيث يحق لها الاستراحة قليلاً ثم تواصل اللعبة إلى أن تنتهي من الدباب. وإذا وضعت رجلها على الأرض أو جاء القيس على أحد الخطوط فإنها تخرج من اللعبة. وفي النهاية ترمي البنت إلى الخلف من فوق رأسها. وتستمر اللعبة هكذا إلى أن تحصل إحداهن على أكبر عدد من البيوت. «القلينة والماطوع» القلينة والماطوع إحدى ألعاب الأولاد. وأدواتها الماطوع وهي عصا من سعف النخيل بطول ذراع. أما القلينة فهي عصا من سعف النخيل بطول شبر حيث يقف فريق على جانبي الكور، ويقف الفريق الثاني على مسافة بعيدة من الكور لتلقف القلينة. ويضع الفريق الأول القلينة داخل حفرة صغيرة في الأرض “الكور” بشكل مائل نصفها خارج الحفرة. ويقوم أحدهم بالضرب على رأس القلينة بالماطوع لترتفع ليضربها بالماطوع لمسافة بعيدة. ويحاول الفريق الثاني تلقفها، فإن استطاع تلقفها انتقلت إليه اللعبة وإن لم يستطع ووقعت القلينة على الأرض أخذها ورمي بها باتجاه الكور. «الدحروي» لعبة السباق والسيارات أما الدحروي فهو عبارة عن طوق من الحديد أو حلقة أو عجلة الدراجة الهوائية، يتخذ الأولاد الصغار منها لعبة مسلية يدفعونها أمامهم بقطعة قصيرة من الجريد أو العصا، مع الجري والتسابق بها فيما بينهم. «اللقفة» للأولاد والبنات معاً اللقفة تلعبها البنات بشكل خاص. تعتمد على خفة الحركة، وتستخدم فيها خمس حصيات يتم رميها على الأرض وتؤخذ واحدة لترمى بالهواء ويتم جمعها واحدة واحدة. وفي الدور الثاني اثنتان اثنتان وفي الدور الثالث ثلاث. وفي النهاية يجب على من عليها الدور أن تجمعها مرة واحدة، بفتح اليد اليسرى التي على خط مستقيم، ثم يبدءون بالمشي بالقباب. والفائز من يستطيع الصمود والمشي بالقباب لأطول مسافة ممكنة. لكنها ليست محرمة على الأولاد فلهم من اللعب فيها نصيب، وإن كان أقل من البنات، إلا أنهم يضعوها ضمن ألعابهم التي يمارسونها بشكل اعتيادي. «البلبول» قريب من القلينة والماطوع البلبول عبارة عن قطعة صغيرة من الخشب أسطوانية الشكل طرفها مدبب تسمى بلبول، وجريدة طولها ذراع مربوط بطرفها خيط من القماش يلف حول الخشبة الأسطوانية الخيط ويسمى المريكان، ثم ترمى على الأرض لتدور. ويضرب البلبول بالخيط المربوط بالجريدة فيدور وتزداد سرعة دورانه. ويجتمع الأولاد حوله يسمعون أنينه، وهي لعبة يمارسها الأولاد دون البنات، وهو يصنف بأنه شقيق للعبة القلينة والماطوع. «الخبصة» لعبة مشتركة أيضاً الخبصة لعبة يشترك فيها عدد من البنات، بحيث تضع كل بنت خرزة واحدة ويتم إخفاؤها في حفنة صغيرة من التراب، لتبدأ التي عليها الدور في تدوير هذه الحفنة وتقسيمها إلى حفنات أصغر على عدد اللاعبات. والتي على يمين الخباصة لها حق الاختيار أولاً والخباصة أخيراً. وما تحصل عليه كل واحدة من عدد الخرز تحتفظ به. وربما لا تحصل على أي شيء. ثم تضع كل لاعبة خرزة وتخبص التي على يمين الخباصة السابقة. وهكذا تستمر اللعبة. وهي لعبة قديمة عرفها العرب قبل الإسلام وذكروها في أشعارهم. «التيلة» يتسابق الأولاد وراءها لعبة التيلة واحدة من ألعاب الأولاد يتسابقون للفوز فيها وملء جيوبهم من أحجامها المختلفة. وطريقة لعبها أن يقوم الصبيان بصف تيلهم كل اثنتين في مكان في صف واحد على مسافات معينة. ويبدآن اللعب فيرمي الأول “السير” تيلة ليصيب التيل المصفوفة. وكل صف يصيبه يكسبه لصالحه ويخسره غيره. ويدعى اللاعب الثاني “الثني” والثالث “الثلث” والأخير يدعى “التوش”.