استلهم العرض المسرحي “لا وقت للحب” ثيمة الفرح وتغليبها في مجتمع يلفه السواد والحزن، عبر سيناريو ثمثيلي متقن وإخراج لامس حيثياته وسينوغرافيا ارتقت بالعمل وأكملت مشهده المؤثر. وقال الناقد المسرحي زكريا رضي في ندوة تطبيقية أعقبت العرض، إنَّ “لا وقت للحب” استخدمت لعبة المسرح داخل المسرح، وهي لعبة جميلة جداً تمَّ تنفيذها بشكل مميَّز، لافتاً إلى النص يحمل عمقاً إنسانياً كبيراً واستبطاناً للمشاعر الإنسانية، حيث إن مازن كان يحمل الكراهية وسط مجموعة من الأفراد الذين يخالفونه في المشاعر، وحوّلت الأحداث (حزنه وكراهيته) إلى حبّ جديد وحياة متجددة مفعمة بالآمال. وأضاف “أما جوقة الممثلين الذين تسربلوا بالسواد، بدا أنهم متحدون في بناء مشروعهم الفرائحي، في مقابل شخصية واحدة “مازن”، أبت أنْ تفارق الحزن حتى حصل لها التحول في المشهد الأخير، وكان لبس الأسود لمسة المخرج، ففي النص لم يكن هناك ما يشي أنَّ الممثلين يرتدون السواد، فكانت المفارقة أنهم بسوادهم هذا ينشدون الحب والفرح”. وأشار إلى أنَّ تكنيك العرض باختيار لعبة المسرح داخل المسرح كسرت الحاجز بين المتفرج والعرض، ومنحت المتفرج فرصة التعاطي مع العرض بحميمية أكثر. وأضاف أنَّ عرض “لا وقت للحب” ـ على بساطته ـ يحمل عمقاً واستبطاناً لمشاعر النفس الإنسانية وتقلباتها، و«لاحظنا كيف أنَّ الجوقة كلها كانت تنشد الفرح بإزاء شخصية واحدة هي “مازن”، ولعلَّ حيلة النص في تساؤل لماذا لا نطلب الفرح بإيقاع الحزن وقلب المعادلة؟ هي حيلة لأجل امتصاص حزن مازن وإذابته في الفرح”. وعبّر مؤلف العمل المسرحي يوسف الحمدان عن سروره بالتعليقات والانطباعات التي سمعها بعد العرض، وفضّل أنْ يكون مستمعاً أكثر مما يكون متحدّثاً، وقال “المسرح لا يوجد فيه أستاذ، كلنا متعلّمون في المسرح، فالمسرح كبير ومخيف ومروع، ونحن نستشعر المسؤولية حين نمثل أو نخرج أو نكتب نصاً مسرحياً”. وأضاف أنَّ النص يحتمل التأويل سواء من ناحية عنوانه أو أحداثه، “ما أحوجنا في هذا الوقت أنْ نشعر ونستشعر ونحب ونُحَبّ، والمسرح من خلاله نستطيع أنْ نتواصل ونعيد تشكيل حياتنا وذواتنا، الكوميديا هي عنصر أساس من عناصر الحبّ، لدينا حواس لا نتلمسها ولا نستعوبها، نحتاج أن نشعر بها ونستوعبها، والمطلوب أن نسأل ونُسأل، ونحصل على بعض الإجابات ولا نحصل على إجابات لأسئلة أخرى، ولكن المطلوب من الإنسان أنْ يبحث دوماً عن الإجابات”. واستعرض مخرج العمل عبدالله سويد تجربته الجديدة مع المسرح المدرسي، وقال “أجمل ما في العرض هو الحضور الكبير والتفاعل الجميل، وتشرّفنا بحضور الإخوة الأشقاء من دول مجلس التعاون الخليجي واليمن، والممثلون كانوا مجموعة من الهواة استحسنوا فكرة تمثيل النص، واستطاعوا خلال فترة قياسية أنْ يستوعبوا النص ويدخلوا في أجوائه وأنْ يتنقلوا فيه من حالة إلى حالة ومن موقف إلى موقف، وهم لا يملكون تلك الخبرة الكبيرة”. وأشاد سويّد بمستوى الطلبة الذين وقفوا على خشبة المسرح للمرة الأولى، وتمكّنوا من أداء المشاهد بإتقان لافت، وتفاعلوا مع النص واستطاعوا استخدام المزيج بين اللغة العربية الفصحى والعامية.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}