بقلم : عبدالستار الراوي الخليج العربي ظل حاضراً على الدوام في مباحثات العراق مع إيران وبقيت قضية أمن الدول العربية وسلامتها في هذا الجزء من الوطن الكبير مدرجة على جدول اللقاءات الثنائية، وحاول قادة الجمهورية الإسلامية مرات عديدة إجراء مقايضة مع العراق، تقوم على حل الملفات العالقة وإجراء تسوية شاملة تفضي إلى سلام دائم واستقرار مكين بين البلدين، في مقابل تخلي العراق عن عروبة الخليج وعربستان، ورفضت بغداد رفضاً مطلقاً إجراء مثل هذه المقايضة، وأوصدت دونها الأبواب، وركب المسؤولون الإيرانيون موجة التهديدات الأمريكية، ولوحوا بها سراً وعلانية: مرة عبر اللغة الدبلوماسية الناعمة وأخرى عن طريق الضغط السياسي بتحريك وكلائها للعبث بالأمن الداخلي، أو قيام الأحزاب الموالية لها بعمليات إرهابية لترويع المدنيين، وكان رد العراق على الابتزاز الرخيص حاسماً وغاضباً، ترجمه وزير خارجية العراق الدكتور ناجي صبري في لقاء سبتمبر 2002 فأسقط في أيديهم، وكشفت صحيفة سياست روز (السياسة اليوم) 16/2/2003، واحدة من بين أهم الوثائق في العلاقات الثنائية بين بغداد وطهران، فبعد أن رفض العراق التفريط بعروبة الخليج والجزر الإماراتية الثلاث رفع قادة الولاية الإيرانية سقف مطالبهم الابتزازية من بينها: إعلان الشيخ رفسنجاني في خطاب له بمدينة مشهد أن على العراق أن يدفع ألف مليار دولار كتعويض لخسائر الحرب، ثم تراجعوا في اليوم التالي لتعلن الخارجية الإيرانية أن المبلغ المطلوب سداده هو مائة مليون دولار، وأشارت “سياست روز” إلى أن التسوية الشاملة بين البلدين توجب على بغداد: 1 ـ الإعلان رسمياً إنهاء أي ادعاء له في الأراضي الإيرانية. 2 ـ وقف العداء والدعايات الشيطانية تجاه الإيرانيين. 3 ـ إنهاء المساعي المستميتة لتغيير اسم الخليج ومنطقة خوزستان. 4 ـ قبول العراق بالشروط المعلنة من الجانب الإيراني للسلام مع الجمهورية الإسلامية، وإعلانه أنه البادئ بالحرب المفروضة، وتقديم اعتذار رسمي للشعب الإيراني. 5 ـ التعهد بعودة العراق إلى اتفاقية الجزائر 1975 وخاصة حدود نهر (أروند) والتي كان العراق اقترحها في رسالة صدام حسين نفسه إلى رئيس الجمهورية الإسلامية بتاريخ 14/8/1990. 6 ـ أن يتعهد العراق بسداد آلاف المليارات تعويضاً عن الخسائر التي سببها في الحرب المفروضة على إيران. وكانت هذه المقايضة السياسية أشبه ما تكون بالمزاد العبثي، مجافية للتقاليد السياسية والأعراف الدولية كلها.. لكن الجمهورية الإسلامية حاولت من خلال هذه الاشتراطات أن تتعامل بلغة سوق العمل على وفق مبدأ العرض والطلب والبحث عن الأرباح العاجلة، لتنتقل المقايضة، هذه المرة، إلى منطق مقلوب على رأسه، لتقف الولاية بجبروتها كله على باب أمريكا، متوسلة أن يكون لها شرف المشاركة في إسقاط (كبرياء) العراق، الذي رفض عروضها الوضيعة وظل أنفاً أبياً. الأصابع الخفية وسبق أن نوهنا في الحلقة الخامسة إلى أن الإدارة الأمريكية، لم ترد على الولاية التي طال انتظارها، فردت على عقبيها، بعد أن رفض نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ووزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد، العرض الإيراني لكون “الإدارة الأمريكية ترفض التحدث إلى محور الشر”، بل أن هذه الإدارة وبخت الوسيط السويسري الذي نقل الرسالة، وأشرنا في الحلقات السابقة أيضاً إلى أن الجمهورية الإسلامية حاولت -مرات عديدة- التقرب من الولايات المتحدة الأمريكية لكنها أخفقت في مساعيها، وكان الإيرانيون يظنون أن إسرائيل كانت تقف عثرة أمام هذه المساعي، خوفاً من أن تكون هذه العلاقة على حسابها في المنطقة. فيما لم تعدم ولاية الفقيه سبيلاً إلا وولجته، فها هي تجدد المحاولة مرة أخرى وأخرى، فالمعلومات الدبلوماسية تشير إلى أن الشيخ هاشمي رفسنجاني قائد حرب الثماني سنوات معروف بكونه من أشد الغلاة في عدائه للعراق، وأنه قال في إحدى المناسبات الدبلوماسية إنه لن يستقبل السفير العراقي مازال حياً، على وفق هذه الرؤية المرضية كان يرى: إن القضاء على نظام صدام حسين خياره الأول ومقصده الأثير، بصرف النظر عن الجهة المنفذة سواء أمريكية كانت أم إسرائيلية، فالأمر سيان، ووفقاً لذلك تمكن هذا الثعلب الماكر من إقناع السيد علي خامنئي الذي كان متردداً بين (نعم) و (لا)، بأن الحرب على العراق قادمة حتماً وعدم تعاوننا مع أمريكا يعني أن نعطيها الذرائع كلها كي تشن حرباً علينا بعد العراق، لكن التعاون مع أمريكا ضد العراق يوصل أمريكا إلى أهدافها بأقل خسارة وتكون مدينة لنا في الوقت نفسه، وبعد ذلك مباشرة ستكون هناك فرصة لتطبيع علاقاتنا معها، لكن بما أن الحرب الأمريكية على العراق ستغضب الرأي العام العربي فكما فعلنا بالنسبة لأفغانستان يجب أن يستمر القائد في خطاباته النقدية، ولا يجب أن يكون تعاوناً علنياً، وسنعقد اتفاقاً مع تركيا والسعودية - بعد القضاء على (صدام) وسنرضي به الدول العربية، ولا شك أن التعاون مع أمريكا يكون من ضمنه استئصال (الخاتمية) بأسرها. ومن هنا تحركت الأصابع الخفية تمهد الطريق أمام صفقة سرية أخرى، تتحالف فيها الجمهورية الإسلامية مع البيت الأبيض، وكانت الخطوط الرأسية للصفقة الجديدة موضوعاً متداولاً في مجتمع السلك الدبلوماسي العامل في طهران، وبدأت تتكشف تفاصيل صورة التحالف الأمريكي الإيراني يوماً بعد يوم، وكانت ذروتها يوم افتتاح أحمد الجلبي مكتباً له باسم المؤتمر الوطني العراقي في قلب العاصمة الإيرانية، وتحول المكتب بمرور الأيام إلى غرفة عمليات للتنسيق بين أحزاب المعارضة شرقاً وغرباً وبين جهاز إطلاعات، وعبر أحمد الجلبي تم تمويل قوات فيلق بدر وإعادة تجهيزها، بالدولارات الأمريكية المخصصة لـ(تحرير العراق!!) بموجب القانون الذي شرعه الكونغرس الأمريكي في العام 1999. الصمت السلبي: أنكرت الخارجية الإيرانية وجود مثل هذا المكتب في ردها على مذكرة احتجاج العراق التي حملها كاتب السطور بنفسه، وحين قدمت السفارة البراهين والبيانات على وجود المكتب وعرضت كشفاً بأسماء العاملين فيه والمترددين عليه، لاذت الخارجية بالصمت السلبي. وسقط حاجز آخر كانت تختبئ وراءه ولاية الفقيه، ففي السابع والعشرين من سبتمبر 2003 نشرت أسبوعية دبكا نت Debka- net - Weekly الإسرائيلية تقريراً معلوماتياً أشارت فيه المجلة المعنية بالشؤون العسكرية والاستخبارية إلى أن وفداً أمريكياً التقى وفداً إيرانياً برئاسة عباس ملكي مستشار المرشد الأعلى للعلاقات الدولية (عضو دفتر مشاورت مقام معظم رهبري در أمور بين المللي) وبعد أشهر من المفاوضات الصعبة، توصل الطرفان إلى الاتفاق الآتي: إن التعاون ضد العراق سيكون قائماً بين الطرفين الإيراني والأمريكي كما كان تماماً ضد طالبان والقاعدة وأنصار الإسلام، وإن التفاوض جرى بين وفد من المجلس الوطني الأمريكي ومندوب مرشد الثورة عباس ملكي، وكان مفاوضه الأمريكي شخص يحمل اسماً مستعاراً (توم سركيس) واسمه الحقيقي (جوناتان اسميت جي آر)، وعرف نفسه أنه من السلك الدبلوماسي الأمريكي في الكويت، وتم توقيع اتفاقيات سرية يلتزم بها الجانبان ويعملان كلٌّ من طرفه على الوفاء بمضمونها على وفق المحددات الآتية: من جهة الولايات المتحدة الأمريكية تقرر: 1 ـ إن القوات الإيرانية غير النظامية ستقبل وجودها الفعلي في القسم الشمالي للعراق الواقع تحت سيطرة أمريكا وتركيا وستشارك هذه القوات في العمليات ضد صدام حسين. 2 ـ إن أمريكا وإيران ستتعاونان في الميدان السياسي لتشكيل دولة بديلة عن صدام حسين، وإن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق سيشارك في تركيبة المعارضة والدولة المقبلة، ويعقد المجلس الوطني المؤقت جلسة في أربيل ويعلن المجلس الوطني العراقي، ثم يعلن هذا المجلس انحلال النظام العراقي وحزب البعث، وسيستدعي هذا المجلس أمريكا وإنكلترا لمساعدة الشعب العراقي ولينقذوه من استبداد صدام حسين، وسوف تشكل أمريكا مظلة حماية للشيعة في الجنوب، وإن الشيعة في الجنوب كما في الشمال سيشاركون في الحكومة الفدرالية العراقية المقبلة. 3 ـ إن أمريكا ستقدم الحماية لإيران في حال تعرض أراضيها لأي هجمات من العراق سواء بأسلحة تقليدية أو كيماوية أو بيولوجية. في مقابل ذلك قدم الوفد الإيراني لنظيره الأمريكي التعهدات الآتية: 1 ـ إن القوات النظامية الإيرانية لن تدخل لا قبل الحرب ولا بعدها إلى الأراضي العراقية. 2 ـ إن إيران لن تقوم بأي أضرار لمخازن البترول والمنشآت البترولية. 3 ـ إن القوى الإيرانية لن تستقر في مناطق الشيعة ولن تعلن مخالفتها لأمريكا في مناطق الشيعة لا في وقت الحرب ولا بعدها. 4 ـ لن تتدخل إيران بعد ذلك في الشأن الداخلي العراقي. 5 ـ تستطيع القوات الأمريكية الخاصة دخول الأراضي الإيرانية بمشاركة الضباط الإيرانيين لتتمكن من تعقب عناصر القاعدة في الحدود الأفغانية. ولتنفيذ هذا الاتفاق دخل فريق من جيش بدر وعناصر من الحرس الثوري المتخصصة ضد الإرهاب إلى شمال العراق برفقة فريق من القوات الأمريكية الخاصة والقوات التركية عبر مدينة السليمانية العراقية إلى المواقع المخصصة. وقبيل الحرب بشهر واحد فقط، أزاح الكساندر شوايه الستار عن واحد من أهم جوانب الاتفاق السري بين واشنطن وإيران، ففي مقاله الذي نشرته دير شبيغل في 9/3/2003 بعنوان (مع الشيطان الأكبر ضد صدام حسين) ذكر الكاتب: إن الإيرانيين التقوا الأمريكيين في 28 يناير 2003 في لندن وأيد هذه المعلومة نائب وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد أرميتاج، ويبدو أن الأمريكان ضغطوا في هذا اللقاء السري على الإيرانيين ليتعهدوا أن لا يمانعوا في إسقاط صدام حسين، واتفق الطرفان على التعهدات المتبادلة الآتية: أولاً ـ تعهدات الجمهورية الإسلامية: 1 ـ تأمين الحماية اللازمة للطيارين الأمريكيين بالحفاظ على حياتهم، في حال اضطرارهم للهبوط في أراضيها. 2 ـ لن تسمح إيران لصدام حسين بالهروب عبر الأراضي الإيرانية. 3 ـ لن تقبل بوجود أية معارضة للنظام المستقبلي في أراضيها. ثانيا ـ تعهدات الولايات المتحدة الأمريكية: 1 ـ أن لا تجعل عراق المستقبل مقراً للعمل ضد إيران. 2 ـ أن تعطي للمعارضة الشيعية الموجودة في إيران دوراً في عراق المستقبل بعد صدام حسين. من معطيات التعهدات الإيرانية ونتائجها: 1 ـ في خطبة الجمعة وبتاريخ 31/1/2003 وبعد مرور أربعة أيام فقط على الاجتماع السري، أعلن الشيخ هاشمي رفسنجاني: (إننا نوافق على خلع أسلحة النظام العراقي ولا نوافق على دخول جيوش أمريكا إلى المنطقة)!! 2 ـ فيما أعلن وزير الخارجية الدكتور كمال خرازي: إن إيران لن ترفض الهجوم على العراق إذا كان ضمن نطاق منظمة الأمم المتحدة!! 3 ـ أبدت الجمهورية الإسلامية تعاوناً كبيراً مع مفتشي الأمم المتحدة، وحقق محمد البرادعي لمدينة نطنز زيارة ناجحة من دون أية مشكلة تذكر. 4 ـ أوردت اطلاعات استراجيك- في 28/1/2003 اعتراف بيان جبر صولاغ أحد قادة المجلس الأعلى بأن وحدات من فيلق بدر-2 المجهزة بأسلحة ثقيلة اجتازت الحدود الإيرانية، واستقرت هذه الوحدات في كردستان العراقية، في مقرات (كانيتشار) في شمال العراق في حدود 35 ميلاً جنوب السليمانية وفي مقرين آخرين تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني. وأكدت هذا الخبر جريدة “انقلاب إسلامي” في (10 مارس 2003)، وذكرت: إن خمسة آلاف من قوات الحكيم (بدر) دخلت من إيران إلى العراق، واستقرت في معسكرات تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني. 5 ـ حضور ممثلي ولاية الفقيه لقاء واشنطن التشاوري، ومؤتمر لندن، ومن العاصمة البريطانية طاروا إلى صلاح الدين، لحضور مؤتمر المعارضة تحت إشراف زلماي خليل زاد بوصفه ممثل الرئيس جورج بوش وبرفقته مسؤولون من “CIA “ ومندوبون عن وزارتي الخارجية والدفاع، وهنا قررت الجمهورية الإسلامية عدم الاكتفاء بوكلائها من الأحزاب الموالية، فأقدمت على المشاركة الرسمية وعلى أعلى مستوى، فأرسلت وفداً برئاسة العميد محمد جعفري من قيادة مجلس الأمن القومي في إيران وهو على علاقة حميمة بأحزاب المعارضة وبالأكراد أيضاً. وأكدت طهران مجدداً شراكتها لواشنطن في السعي العدواني المشترك عندما استقبلت على أراضيها المعارضين كلاً من وكلاء الـ«سي آي أي” وجهاز الاطلاعات، الذين عقدوا مؤتمرهم تحت علم الجمهورية الإسلامية، وفي عاصمة ولاية الفقيه، إذ جرى توزيع الأدوار بين الأحزاب المشاركة كما تم وضع اللمسات النهائية لشكل الحكم المقبل في العراق وماهيته، وضم المؤتمر: (مسعود بارزاني محمد باقر الحكيم وكوسرت رسول ممثلاً عن جلال طالباني، أحمد الجلبي، كنعان مكية، قادة حزب “الدعوة” و«منظمة العمل الإسلامي”). كان البرنامج السياسي للمؤتمر يمثل أعلى مستويات التعاون والشراكة بين طهران والبيت الأبيض، وتم عقد العديد من اللقاءات التمهيدية المطولة مع كبار مسؤولي الدولة الإيرانية: (الشيخ هاشمي رفسنجاني، كمال خرازي وزير الخارجية، العميد قاسم سليماني مسؤول “قرار كاه القدس” العميد محمد جعفري، ممثل مجلس الأمن القومي الإيراني، العميد سيف الله، مسؤول قرار “كاه نصر”، يعني قيادة نصر المعني بإدارة علاقات الجمهورية الإسلامية مع المعارضة العراقية)، وبانقضاء المؤتمر أقامت السلطات الإيرانية لضيوفها وداعاً رسمياً. الكعكة المرتقبة: على صفحات جريدة همبستكي (التضامن) 16/2/ 2003 وبكلمة صريحة يطالب الكاتب سيد حسين مير فضلي الحكومة الإيرانية أن تضمن حصتها من الكعكة العراقية النفطية، أيضاً يجب على إيران أن تكون داخل هذه (السلة) وأن تعمد إلى المطالبة بتعويضات كبيرة جراء الخسائر الإيرانية الفادحة التي تسبب بها نظام صدام حسين خلال الحرب المفروضة. أما سعيد حجاريان أحد ممثلي التيار الإصلاحي فينشغل بدراسة مطولة تنشرها “إيران نيوز بيبر” بعدد 8 مارس 2003 للحديث عن سيناريوهات الحرب على العراق، ترتكز رؤيته على ما سمّاه بـ(سياسة الخطوتين المنفصلتين) والتي لا يكفيه جزء من الكعكة العراقية، بل يسعى بسيناريوهاته إلى قضم العراق كله: الخطوة الأولى: تحتمها مصالح الجمهورية الإسلامية، وهي البقاء على الحياد بصفة كاملة قبل الحرب وخلالها، ويرى أن نهج المنطق الدبلوماسي مع العراق يتعين أن يقوم على الثقة في هذا الوقت القصير السابق على حل الأزمة العراقية، وحسب هذا المنظور لم يكن فقط صواباً أن نرحب بـ(ناجي صبري)، وبالمثل فأن من الخطأ أن نستقبل معارضين سياسيين أو تأييدهم، بأي شكل من الأشكال، ما لم نكتشف أن صدام حسين لا يستطيع استخدام الصواريخ البيولوجية والكيماوية ضدنا، في هذه الحالة فإن موقفنا تجاه العراق والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يتغير. أما بالنسبة لموقف الجمهورية الإسلامية بعد الحرب (المرحلة الثانية)، فيقول حجاريان: إن ثمة من يدعي أن البقاء على الحياد قبل الحرب وخلالها ولم نخاطر بأي شكل من الأشكال، فلا تستطيع طهران أن تتوقع الحصول على أي صوت في (النظام العراقي الجديد)، بعبارة أخرى: سوف تحاصر الولايات المتحدة مجال التمدد الإيراني إلى الحد الأدنى”. والواقع ففي ضوء تصورات البنتاغون تجاه المنطقة فإن تعاون طهران من عدمه لن يكون له تأثير تجاه ما يخص إمكانية أن تحظى بنفوذ داخل النظام العراقي الجديد. الخطوة الثانية: تتبدى في البنية الأساس لنفوذ إيران في العراق مثل ( علاقة إيران بالشيعة العراقيين وبالأكراد ووجود قيادة شيعية في النجف والمعرفة المسبقة بالمجتمع وبالثقافة العراقية). لذلك فإن أهم عامل في تشكيل الدور الإيراني في النظام العراقي المنتظر ليس التعاون مع الولايات المتحدة قبل الحرب أو خلالها لكن وجود البنية الأساس الضرورية للنفوذ في العراق سوف يجبر إدارة البيت الأبيض على قبول الدور السياسي الإيراني هناك.. ويبدو عبر سياسة الخطوتين تلك تستطيع طهران أن تحمي مصالحها في ظل الظروف الراهنة بأقل قدر من المخاطر.