كتب ـ جعفر الديري:
الخوف أمر فطري في الإنسان، سجية في قلب كلّ منّا، وهي لا تفرق بين صغير أو كبير رجل أو امرأة، غير أن شدّة الخوف تختلف من إنسان لآخر، وهناك أناس يروضون أنفسهم على مقاومة الخوف ويتغلبون عليه، مقابل آخرين يضعفون أمامه حتى يتحوّل إلى وسواس يقض مضجعهم ويقلق راحتهم.
الخوف الذي يبدو بيناً في عين طفل صغير، نلمحه ذاته في عين شاب مكتمل النضج والرجولة، والفرق بينهما أن الطفل يخاف من شيء لأنه يجهله بينما الراشد يخافه لأنه يعرفه.
لكن هذه لا تعتبر قاعدة عامة عند الموظف عادل أحمد، وهو يسقط مقولة «الناس أعداء ما جهلوا» على الخوف أيضاً، والخوف في نظر أحمد مدعاة ألم لا يطاق «لمست ذلك جلياً في حالة إنسان عزيز علي كان منذ صغره يخاف من نتائج الامتحان، حتى تحوّل هذا الخوف إلى قلق مزعج لازمة طوال عمره».
ويضيف «صديقي بلغ اليوم الأربعين من عمره، وما تزال كلمة امتحان تخيفه، وحين يدخل أي امتحان حتى لو كان غير مهم يضطرب، وتتغير أحواله».
فائدة الخوف
ليلى سلمان لها رأي آخر، وتجد في الخوف مزية عظيمة شرط استغلاله بشكل جيد «الخوف من الامتحان مثلاً يدفع الإنسان لبذل جهد أكبر، صحيح أن الإنسان يعاني قليلاً، لكنه في النهاية يحرز نتائج جيدة ومركزاً متقدماً».
وتعتقد سلمان أن جميع الناس مدينين للخوف في قصص نجاحهم «لا نجاح دون خوف، الموظف يخاف على عمله لذا يندفع فيه بقوة، والطالب يجتهد في مادته خشية من الرسوب، والطفل يخشى غضب والديه فيطيعهما، وكذا التاجر لا يغمض له جفن حتى يطمئن على بضاعته».
وتضيف سلمان «تصور أن يختفي الخوف من قلوبنا.. ماذا يحدث؟! لن نجد شيئاً قائماً وحتى لو قام سرعان ما ينهار لأن لا خوف عليه».
غضب الوالدين
ويسلّم الشاب مهدي حسن بأهمية الخوف في حياة الإنسان، لكن يحذر بالمقابل من آثاره السيئة متى تحكّم بالإنسان «الله سبحانه وتعالى وهب الحياة للإنسان، لذا هي أثمن من أن يقضيها بالخوف، إذا خشي الإنسان على آخرته فله كل الحق».
متى ما صدرت عن مهدي كلمة غير مقصودة تجاه أبيه أو أمه يضطرب «أتحوّل لطفل صغير، إذ لا حياة للإنسان في الدنيا ولا الآخرة عندما يغضب والديه، أو يزعجهما بتصرف أو كلمة.. ما أتعس تلك الساعات يودّ الإنسان فيها لو يقبر في الأرض ولا يجرح أبويه بشطر كلمة».
الخوف ظالم
أم فاطمة تجد الخوف أمراً كريهاً جداً، وتنصح كل ذي قلب بالتغلب عليه، فهي مثلاً ظلمت نفسها كثيراً، حين تركت العنان لخوفها يتحكم فيها، فهي ولفرط تعلّقها بأبنائها لا تهدأ حتى ترى أبناءها جميعاً إلى جانبها «إنه أمر مفزع، الأولاد من حقّهم أن يعيشوا حياتهم، وحتى البنات لم يعد يقبلن بالجلوس في البيت، ماذا تفعل امرأة مثلي تخشى على فلذات أكبادها حتى نسمات الهواء؟ إما أن تحبسهن في البيت وذلك ليس من حقها وإما أن تترك لهم حرية الخروج والدخول لتظل على أعصابها خشية عليهم من أي مكروه.. ظلمت نفسي كثيراً وظلمت أبنائي من شدة الخوف والرهبة».