هذه قصة أحببت أن أنشرها من أجل أخذ العبرة منها..
كنت عائداً من مطار هيثرو في لندن حيث إقامتي، وحين الدخول أعطيت جواز سفري البريطاني إلى الموظفة ففتحته وقرأت مكان الولادة البحرين ، فقالت: كيف البحرين؟ فقلت بخير .. ونرجو الله أن تبقى بخير .
^ منذ متى وأنت تعيش في انجلترا؟
^ أنهيت لتوي السنة العشرين
^ متى زرت البحرين آخر مرة؟
^ منذ 7 أعوام
فنظرت إلي وهي تبتسم وسألتني: من تحب أكثر البحرين أم بريطانيا؟
فقلت لها: الفرق عندي بين البحرين وهنا كالفرق بين الأم والزوجة .. فالزوجة أختارها .. أرغب بجمالها .. أحبها .. أعشقها .. لكن لا يمكن أن تنسيني أمي ..
الأم لا أختارها ولكني أجد نفسي ملكها .. لا أرتاح إلا في أحضانها .. ولا أبكي إلا على صدرها .. وأرجو الله ألا أموت إلا على ترابٍ تحت قدميها .
فأغلقت جواز السفر ونظرت إلي باستغراب وقالت: نسمعُ عن ضيق العيش فيها فلماذا تحب البحرين؟
قلت: تقصدين أمي؟
فابتسمت وقالت: لتكن أمك ..
فقلت: قد لا تملك أمي ثمن الدواء ولا أجرة الطبيب، لكن حنان أحضانها وهي تضمني ولهفة قلبها حين أكون بين يديها تشفيني .
قالت: صف لي البحرين؟
فقلت: هي ليست بالشقراء الجميلة، لكنك ترتاحين اذا رأيت وجهها .. ليست بذات العيون الزرقاء، لكنك تشعرين بالطمأنينة اذا نظرت اليها .. ثيابها بسيطة ، لكنها تحمل في ثناياها الطيبة والرحمة .. لا تتزين بالذهب والفضة ، لكن في عنقها عقداً من سنابل القمح تطعم به كل جائع .. سرقها اللصوص ولكنها ما زالت تبتسم ..!!
أعادت إلي جواز السفر وقالت: أرى البحرين على التلفاز احياناً ولكني لا أرى ما وصفت لي ..!!
فقلت لها: أنت رأيت البحرين الصغيرة التي على الخريطة ، أما أنا فأتحدث عن البحرين التي تقع في أحشاء قلبي ..
^ أرجو أن يكون وفاؤك لبريطانيا مثل وفائك للبحرين .. أقصد وفاؤك لزوجتك مثل وفائك لوالدتك
فقلت لها: بيني وبين بريطانيا وفاءٌ وعهد ، ولست بالذي لا يفي عهده، وحبذا لو علمتِ أن هذا الوفاء هو ما علمتني إياه أمي.
خالد يوسف