كتبت - نورة عثمان:
حكمة قديمة تقول: «المتفائل يرى ضوءاً غير موجود، والمتشائم يرى ضوءاً ولا يصدقه».
فهل تصح هذه المقولة؟ وهل فعلاً يؤثر التفاؤل أو التشاؤم على حياة الأشخاص؟ وهل يتأثر بتفاؤل أو تشاؤم المحيطين بهم؟ وكيف يعززون التفاؤل ويتجنبون التشاؤم؟ ماذا عن الغالبية.. أتنتمي للفئة المتفائلة أم المتشائمة؟
آمنة العيسى تؤكد أنها متفائلة جداً وتقول: «التفاؤل يجعل نفسيتي مرتاحة، فلا أقلق وأشغل بالي بما يحصل، لأني إن فعلت ذلك فسيتعكر يومي»، مضيفة: «لا يوجد لدي ما أتفاءل به من أشياء مادية كالتي يعتقد البعض أنها جالبة لحسن الحظ». وتضيف العيسى: «المتشائمون يضايقونني ولا أحب أسلوبهم في التعاطي مع الأمور، لكنهم لا يؤثرون بي، فأنا غالباً متفائلة»، وترى أن غالبية شباب البحرين متفائلون. صالح يوسف أيضاً متفائل، ويؤكد أن التفاؤل شيء مهم لتتحقق الأمور على نحو إيجابي مستشهداً بذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء»، ويستطرد: هذا يعني أن على المرء أن يتفاءل ويظن الخير بربه حتى تتحقق الأمور بالطريقة الحسنة التي يريدها.
وحول تعامله مع المتشائمين يقول يوسف: «أتضايق جداً من تشاؤمهم وأحاول تشجيعهم على التفاؤل»، مضيفاً: «إن حصل ما يريده الشخص فهو خير، وإن لم يحصل له فهو أيضاً خير»، ويتساءل: «حينها..ماذا سيستفيد المتشائم من تشاؤمه؟». ويعتقد يوسف أن شباب البحرين نصفهم متفائلون ونصفهم متشائمون، فلا غلبة لفئة على أخرى.
فاطمة أحمد تعيش هذه الحالة، وتقول عن نفسها: « أنا 50-50 بين التفاؤل والتشاؤم، تارة أتفاءل وأخرى أتشاءم» وهو ما يمكن أن ينطبق عليه وصف «متشائلة»، معلّلة الأمر بتأثرها بمن حولها، وتوضح ذلك قائلة: «حينما أكون مع أشخاص سلبيين وحقودين أشعر بالتشاؤم، وأن أمراً سيئاً سيحصل». وعن طريقة تغلبها على التشاؤم، تقول فاطمة: «أخالط أناساً متفائلين، هذا أهم شيء، كما إن الخروج من المنزل لجولة تسوق أو أماكن ترفيهية أمر يجعلني متفائلة». وتخالف فاطمة رأي آمنة، إذ ترى أن غالبية الناس متشائمون، وتضيف:» الهروب من التشاؤم صعب، فالأخبار السيئة التي تدفع للتشاؤم موجودة في كل مكان وتلاحقك بهاتفك أينما كنت». عبدالله إبراهيم إنسان متفائل، ويكشف السر قائلاً: «من حولي متفائلون، أتفاءل بالطيبين اللذين أحبهم، أمي.. أبي.. أصدقائي»، ويضيف :»أحرص دائماً أن أكون معهم لأن للمتشائمين تأثيراً سلبياً علي، لا أستطيع أن أبعده، لذا أبعدهم عني، لكن الحمد لله، فغالبية الشباب وإن كانت الصعوبات حولهم كثيرة إلا أنهم متفائلون». ويعلق أستاذ علم النفس بجامعة البحرين الدكتور أحمد جلال على الموضوع قائلاً إن «التفاؤل والتشاؤم أمران لا يبنيهما المرء على أساس علمي، بل يستندان على قناعات شخصية عنده، والأمر يعتمد في غالبه على الإيحاء».
ويوضح د.جلال الأمر بمثال عن شخص يعرفه، يتفاءل بأحد الأقلام التي يملكها، لذلك لا يذهب إلى قاعة الامتحان إلا به، ويعتقد أنه لو أجاب على الامتحان بقلم آخر فسيحصل على علامات سيئة، فهذا الشخص تعتمد علاماته عملياً على دراسته، لكن القلم يجعل الشخص يتفاءل ويوحي له أنه سيحصل على علامات جيدة. ويحذر د.جلال من مسألة مخالطة المتشائمين لأنها «كالتفاحة الفاسدة التي تفسد صندوقاً كاملاً من التفاح الجيد، إذ يصعب على المتفائل أن ينقل تفاؤله إلى المتشائم، لكن المتشائم يؤثر بسهولة على المتفائل». ويبين د.جلال بخصوص «عدوى» التشاؤم، أنها متفاوتة بين الأشخاص، فهناك من يتأثرون بشدة وهم المخالطون الدائمون للمتشائمين، وغيرهم يتأثر بشكل بسيط بما يسمى علمياً «التقمص العاطفي» أو «تلوين المشاعر»، وهو تشاؤم مؤقت لحادث طارئ، ومثاله أن يلاقي الشخص آخر يعرفه فيخبره أن قريباً له توفي، حينها يتضايق الشخص ويتشاءم، لكنه لا يبقى في هذه الحالة طويلاً. ولتجنب التشاؤم ينصح د.جلال بتجنب المتشائمين، وإذا كان الأمر صعباً لكون المتشائمين من الأهل أو الأصدقاء، على المرء أن تكون مناعته النفسية عالية.
وبحكم عمله في الجامعة يعتقد د.جلال أن غالبية الشباب البحريني متفائل، وأن البحرينيين «يرون ضوءاً غير موجود».