أقفلت معظم المصانع في منطقة الشيخ نجار الصناعية الضخمة في ضواحي حلب التي لم تصل إليها المعارك، لكنها تستقبل نحو 1000 نازح فروا من الحرب المجنونة التي تجتاح ثاني المدن السورية منذ 6 أشهر.
وافتتحت المنطقة قبل 5 سنوات وترمز إلى نجاح حلب، الرئة الاقتصادية لسوريا قبل أن تغرق في الحرب في صيف 2012.
وخلال الأسابيع الأولى من النزاع في حلب، قصفت مدفعية النظام هذه المنطقة ببضع قذائف، إلا أن «رجال الأعمال توصلوا إلى اتفاق مع النظام لتحييد مصانعهم»، بحسب ما يقول رأفت، وهو مسؤول إعلامي يعمل مع مجموعات مقاتلة معارضة تتولى إدارة المنطقة حالياً.
وأوضح أن رجال الأعمال «طلبوا أيضاً من المسلحين إخلاء المنطقة لتجنيبها المعارك، وهذا ما حصل»، مشيراً إلى أن الشيخ نجار هي المنطقة الصناعية «الأكبر والأهم في سوريا».
ويقدر رأفت أن المنطقة الصناعية تعمل حالياً «بـ 20% من طاقتها فقط»، مشيراً إلى أن السبب الرئيس الذي يحول دون عودتها إلى العمل بشكل كامل هو نقص التيار الكهربائي.
ويقول محمد علاوي إنه اضطر إلى إقفال مصنعه للأقمشة لمدة أشهر بسبب المعارك، مضيفاً «أعدت فتحه قبل أسابيع. أحتاج إلى المال لأعيل عائلتي».
وأعيد فتح مصنع الحلوى الذي يعمل فيه منير الهسام في نوفمبر الماضي. إلا أن المواد الأولية التي يحتاجها في التصنيع لا سيما السكر البرازيلي والطحين الماليزي، لا تصل إلى حلب. ويقول الهسام، وهو مدير إنتاج في المعمل، «إذا استمر الوضع على حاله، سنكون مضطرين إلى الأقفال بشكل نهائي».
ويشير إلى أن «آلاف العمال فقدوا عملهم بسبب الحرب»، موضحاً أن هذه المنطقة «كانت المحرك الاقتصادي لسوريا وأحد أبرز مصادر الدخل في حلب».
ويقول رأفت إن بعض مسؤولي المجموعات المقاتلة المعارضة «حاولوا حث أصحاب المصانع على إعادة فتحها، إلا أن غالبيتهم فروا» من المنطقة. ويؤكد أن سبب إبقاء البعض على مصانعهم مقفلة يعود إلى أنهم كانوا «على علاقة طيبة بالنظام ويخشون حصول أعمال انتقامية ضدهم».
وفيما يقول سكان في حلب إن بعض المقاتلين المعارضين يستوفون «خوات» من أصحاب الأعمال، يؤكد رأفت أن «الثوار لا يفرضون أي ضريبة» على أصحاب المصانع في منطقة الشيخ نجار.
ورغم أن المنطقة شبه متوقفة صناعياً، إلا أنها تدب بالحياة بعد أن احتلت مئات العائلات من النازحين من المعارك المستودعات وأبنية المصانع. وقد استقر محمد الكردي القادم من حي مساكن هنانو في مدينة حلب مع عائلته في مصنع كان يعمل فيه قبل الحرب.
ويقول «طلبت من صاحب المصنع الإذن بالإقامة هنا، ووافق، شرط أن أتولى حراسة المكان». ويبيع النازحون سلعاً متنوعة في كل زاوية طريق: ملابس وخضار وأدوية تنظيف وحتى البنزين. ويقول أبوحسين الذي يقيم مع عائلته في مصنع نصفه مدمر إن «نحو 700 عائلة» لجأت إلى المنطقة الصناعية منذ بدء المعارك في حلب في يوليو الماضي.
وفي الملجأ الذي وجده أبوحسين، يوجد 30 شخصاً ينتمون إلى 3 عائلات. ويقول «لا يوجد ماء ولا كهرباء ولا تدفئة، ولا أي شيء، والبرد قارس في الخارج».
ويتابع أبوحسين «نشعل البلاستيك والخشب وكل ما نجده من حولنا للتدفئة».
إلا أنه يضيف «على الأقل، نحن سالمون، وبعيدون عن الحرب».
«فرانس برس»