في رثاء المغفور لها الشيخة سعيدة بنت حمد آل خليفة حرم المغفور له سمو الشيخ مبارك بن حمد بن عيسى آل خليفة
(وكُنتُ قُبيل الموت أستَعظِمُ النوى *** فقد صارت الصغرى التي كانت العظمى)
هكذا قال أبو الطيب المتنبي في رثاء جدته، وهكذا نستعيد هذا المعنى وقد أصبنا بفقد المغفور لها الشيخة سعيدة بنت حمد آل خليفة حرم المغفور له سمو الشيخ مبارك بن حمد بن عيسى آل خليفة، حقاً ليس أعظم من فاجعة الموت، وليس أقسى على النفس من فقد من نحب، فكيف والفقيدة إحدى أكرم نساء البحرين نسباً وأشرفهن منبتاً.
ما أجل الخطب وأفدح المصاب، لم تجف المآقي بعد من فرط الحزن لفقدان المغفور لها سمو الشيخة موزة بنت حمد آل خليفة، فإذا بنا نفجع من جديد في أختها الشيخة سعيدة، فها نحن اليوم، بنفس الأسى ونفس اللوعة، نودع المغفور لها الشيخة سعيدة بعين دامعة وقلب باك، والفقيدة أكبر من البكاء.
عندما يعجز اللسان عن وصف ما بالنفس من جزع وحرقة، وتقصر الكلمات وتتوه العبارات وسط هذه المشاعر، عندما يضنينا الحنين إلى من فقدنا ونتذكر الأوقات التي قضيناها بصحبتها نقبس من دفء عطفها وفيض حنانها، حينها لانجد غير الدموع تنهمر حرى لتطفئ أحزان نفوسنا.
ما أقسى اللحظات التي فارقتنا فيها، تتداعى ذكرى الماضي يوم كانت بيننا تشيع بابتساماتها وبشاشتها السعادة في كل من حولها، وتغمر الجميع بينابيع حنانها.
ما أقسى أن يكون الحديث عن فقيدتنا الغالية بصيغة الماضي، كانت نعم الأم الرؤوم ومثالاً للكرم والحلم وسماحة النفس وطيبة القلب ونقاء السريرة، تزرع المحبة والسعادة في كل من حولها وتستحوذ على حب الجميع بتواضعها وعطفها، بصفاء روحها ولين طبعها.
إن المآثر الجليلة التي وشحت حياة الفقيدة، والسجايا العظيمة التي عرفناها فيها لمخبرة أنها كانت رمزاً للعطاء ومنبعاً للخير لا ينضب.
كيف التصبر وأنت توارين الثرى؟ وكيف التأسي وقد توقف قلبك الطيب عن النبض، وانقطعت أحاديثك وابتساماتك؟ وكيف التعزي وقد استبدلت بالأثواب أكفاناً وبالمنازل لحداً، وبالأهل وحدة؟.
واليوم أيتها الغالية، وقد انقطع منك النفس، وأسلمت إلى خالقها الروح، لا يسعنا إلا أن نسأل الله تعالى أن يجعلك في القبر مطمئنة، وعند قيام الأشهاد آمنة، وبجود رضوانه فائزة، وإلى أعلى درجاته سباقة، فنامي قريرة العين، راضية مرضية، ولتكن الجنة مثواك أيتها الغالية.
د. نورة بنت أحمد بن عبدالله الغتم