الاتحاد الأوروبي يوسع العقوبات على إيران بسبب انتهاك حقوق الإنسان

بدأ موسم حملة انتخابات الرئاسة في إيران هذا العام بتحذير.. فخلال زيارة لمدينة قم منتصف يناير الماضي قال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أمام حشد إن «أعداء في الداخل والخارج ربما يحاولون تقويض الانتخابات». وأضاف «أولئك الذين قد يعرضون تقديم مشورة عامة بشأن الانتخابات -ربما بدافع التعاطف- من حيث إن الانتخابات يجب أن تكون على هذا النحو أو ذاك يجب أن يتوخوا الحذر حتى لا يروجوا بدرجة أكبر لهدف العدو، يجب أن يحرصوا حتى لا يفقد الناس ثقتهم في الانتخابات. ينبغي ألا يقولوا باستمرار إنه يجب أن تكون الانتخابات حرة. من الواضح أن الانتخابات يجب أن تكون حرة».
وأعقب هذا التحذير سلسلة من عمليات الجلد والإعدامات العامة في أنحاء إيران. وفي أواخر يناير الماضي اعتقل عشرات الصحافيين بتهمة المشاركة في شبكة هدفها زعزعة الاستقرار في البلاد. وقال روزبه مير إبراهيمي وهو محلل إيراني مقره نيويورك «الاعتقالات والضرب والأحكام الصارمة التي صدرت في الآونة الأخيرة كلها مرتبطة بالانتخابات». وأضاف «يتوقع النظام أزمة أخرى وقد شن حملة صارمة مقدماً لتخفيف أثرها». وفي انتخابات الرئاسة السابقة عام 2009 أدى فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بفترة ثانية إلى احتجاجات حاشدة في الشوارع تم إخمادها بالقوة في أعنف إضطرابات داخلية تشهدها إيران منذ نشأتها قبل 34 عاماً.
ونزل مؤيدو مير حسين موسوي ومهدي كروبي خصمي أحمدي نجاد إلى الشوارع فيما أطلقوا عليه «الحركة الخضراء». وقتل العشرات واعتقل الآلاف. وهذه المرة يتوقع أن تتخذ السلطات تدابير وقائية.
فموسوي وكروبي موضوعان رهن الإقامة الجبرية لمدة عامين ولا يتوقع أن يرفع أي مرشح لافتة الإصلاح التي كان يتبناها الاثنان.
ومن المرجح أن يطرح على الناخبين مجموعة من الشخصيات الموالية لخامنئي دون أن يكون لهم قاعدة سلطة مستقلة يمكن أن تزيد من الانقسامات في المجتمع.
وقال مهدي خلجي زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى «يريد خامنئي أن يكون الرئيس المقبل شخصاً يمكنه السيطرة عليه، إنه يريد أشخاصاً لا يتمتعون بتأييد شخصي». ومنذ الانتخابات الماضية أصبحت حياة المواطن الإيراني العادي أكثر صعوبة حيث يعاني الاقتصاد من عقوبات دولية. وارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية والوقود بينما انخفض الدعم وتراجعت بشدة صادرات النفط التي تمثل الجزء الأكبر من دخل إيران. ولا يحق لأحمدي نجاد الترشح للانتخابات المقبلة، وقد دب الشقاق بينه وبين خامنئي مع محاولة الزعيم الأعلى الاحتفاظ ببعض الموالين له في مناصب عليا بالحكومة.
وواجه أحمدي نجاد اتهامات من بعض خصومه المتشددين بأنه في قبضة «تيار منحرف» من المستشارين الذين يسعون لتقويض ولاية الفقيه. وتم عزل بعض حلفائه من مناصب رسمية بينما سجن آخرون، وأبرزهم مستشاره علي أكبر جوانفكر، ورئيس الادعاء السابق في طهران سعيد مرتضوي. ولا يخفي نجاد دعمه لصهره ومرشحه المفضل ومستشاره الرفيع اصفنديار رحيم مشائي الذي تزوجت ابنته من ابن أحمدي نجاد. وخصوم أحمدي نجاد يتهمون مشائي بمحاولة تقويض سلطة رجال الدين لكن الرئيس يحاول تمرير اسمه خلال عملية الفحص التي تسبق قبول الترشيح. ومن المتوقع أن يكون رئيس البرلمان والمفاوض النووي السابق علي لاريجاني -الذي كان من خصوم أحمدي نجاد لدى انتخابه الأول في عام 2005- مرشحاً مفضلاً هذه المرة لكن أحمدي نجاد ربما تسبب في تقويض فرصته، بعد أن اتهم عائلة لاريجاني بضلوعها في قضايا فساد.
وهناك العديد من الشخصيات الموالية لخامنئي يمكنه الاختيار من بينها كي يدعمها في الانتخابات، وأبرزهم كبير المفاوضيين الإيرانيين سعيد جليلي، وهناك غلام علي حداد عادل المستشار الرفيع لخامنئي الذي تربطه به صلة نسب أيضاً. ومن المنافسين الذين يمكنهم رأب واحد من أكبر التصدعات في المؤسسة علي أكبر ولايتي الذي خدم مستشاراً للشؤون الخارجية لخامنئي لمدة 16 عاماً. والأهم أنه عمل وزيراً للخارجية لمدة 16 عاماً أثناء رئاسة خامنئي وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني وهو من أكثر الشخصيات ثراء في إيران وكان على مدى عقود من أهم الشخصيات في إيران. ومنذ انتخابات عام 2009 تم تهميش رفسنجاني الذي تولى الرئاسة في التسعينيات وخسر الانتخابات لصالح أحمدي نجاد في عام 2005. ومن المرشحين البارزين الآخر الذين يحظون بثقة النظام محسن رضائي الذي انضم رسمياً إلى سباق الرئاسة هذا الأسبوع، وقد كان قائداً بالحرس الثوري لمدة 16 عاماً. من ناحية أخرى، قال دبلوماسيون بالاتحاد الأوروبي إن حكومات الاتحاد الأوروبي ستفرض عقوبات هذا الأسبوع على 9 مسؤولين وأشخاص إيرانيين آخرين تنحي باللائمة عليهم في انتهاكات لحقوق الإنسان في إيران. وذكرت الأمم المتحدة أن إيران صعدت من عمليات إعدام السجناء ومن بينهم قصر بالإضافة إلى اعتقال معارضين غالباً ما يتعرضون للتعذيب في السجن وأحياناً للموت.
وهذه العقوبات الأوروبية الجديدة منفصلة عن الإجراءات التي فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي الذي تشتبه الحكومات في الاتحاد الأوروبي ومناطق أخرى بأن له بعداً عسكرياً سرياً. وتمدد هذه العقوبات إجراءات فرضها الاتحاد الأوروبي في العام الماضي بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان والتي تستهدف حالياً 78 شخصاً من بينهم مسؤولون مثل صادق لاريجاني رئيس الهيئة القضائية الإيرانية ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية الإيرانية عزت الله ضرغامي.
«رويترز»