خلصت دراسة علمية إلى أن الشاعرات البحرينيات أطلقن صرختهن في وجه القيم الموروثة، وأعلن رفضهن لعاداتٍ بالية، تفرض عليهن واقعاً لم يعد مناسباً لهن، فأبرزن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمرأة، وتمردن على الظروف التي تسهم في قهرها وانحطاطها، ودعين إلى نهوضها وإلى تحريرها من التقاليد ومن سيطرة الرجل عليها، ومن سيطرة الإرث التاريخي الذي قيدها في جنسها كأنثى. وامتدت ثورة بعض الشاعرات إلى مفهوم الوالدين، فعلت الصرخة الرافضة لهما، بحسبانهما جزءاً من القيم والتقاليد الموروثة، فالأبوان ما هما إلا صورةٌ لهذا المجتمع القديم، وقد خرجت الشاعرات من الشرنقة التي تفرض عليهن اتخاذ موقفٍ إيجابي من الوالدين. جاء ذلك في رسالة الباحثة درية كمال فرحات في (المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية) حيث ناقشت رسالتها بعنوان (مظاهر التمرد في شعر الأنثى الخليجية شاعرات البحرين أنموذجاً) يوم الأربعاء الماضي في بيروت، بإشراف العميد الدكتور خليل أبو جهجه. وتجدر الإشارة إلى أن تمرد الشاعرات تفاوت ما بين الاتزان والانفعال، فجاء هادئاً أحياناً وثائراً حيناً آخر، ومصبوغاً بطعم النضال والقوة حيناً وبطعم الأنوثة حيناً آخر، أو تفاوت بين الذاتية والموضوعية الجادة التي تهدف إلى الإصلاح.
واستندت الدراسة إلى المنهج الموضوعي، لاستنتاج مظاهر التمرد عند الشاعرات من خلال النصوص، فالفن قبل كل شيء « ليس بناءً شكلياً بل تأتي أهميته من قدرته على توليد تجربةٍ ما وإنتاج معنىً يؤثر في الحياة». مع الاستناد إلى مقومات التحليل النفسي، لما في ذلك من اكتشاف لمكنونات الشاعرات ومشاعرهن واتجاههن إلى التشاؤم والحزن والميل إلى البكاء والحزن، وعلاقتهن بالطفولة.
وساعد هذا المنهج في اكتشاف الجوانب الاجتماعية المحيطة بالشاعرات، للاستدلال على دواعي التمرد ونتائجه عليهن وعلى مجتمعهن فالأدب «هو موضوع تجربةٍ أكثر منه معرفة، وأن هذه التجربة ذات جوهرٍ روحي»، وهو سعي لفهم تجربة ما في « (الوجود – العالم) كما تتحقق في العمل الأدبي، وما الدخول إلى نصوص الشاعرات إلا لكشف تعبيرهن عن تجاربهن. كما إن اختيار المنهج الموضوعاتي يسمح بعقد مقارناتٍ بين أعمال الشاعرات، وذلك من خلال تناولهن مواضيع مشتركةً تتناول المجتمع، مع إظهار الإشكاليات كل حسب وجهة نظرها، وتتجاوز المقارنة لتكون مع أدباء مختلفين، «فقد أمدنا مفهوم الموضوع بعنصرٍ مشتركٍ مدلولي أو إلهامي Inspiration يسمح بمقارنة أعمال مؤلفين مختلفين انطلاقاً من فهرس Indexواحد».
وهذه الدراسة تشمل جميع نتاج الشاعرات البحرينيات المعاصرات، والتي قد تعوض النقص في الدراسات الأكاديمية حول الشعر البحريني الحديث عامة وشعر المرأة خاصة، وتمحورت الدراسة حول قضايا التمرد في شعرهن، وقسمت البحث إلى خمسة فصول، عدا الفصل التمهيدي والمقدمة والخاتمة وثبت ببليغرافي بأسماء الشاعرات والتعريف بهن.