كتب - وليد صبري:
يشكو أولياء الأمور من القلق الزائد لأبنائهم مع اقتراب امتحانات نهاية العام الدراسي، ويخيم على معظم البيوت جو من التوتر والقلق والرعب، سواء من الآباء والأمهات أو من الطلبة أنفسهم.
ومع التسليم بحالة توتر تعيشها معظم الأسر خلال الأسابيع السابقة للامتحان، إلا أن خبراء الصحة يؤكدون أن «تحويل المنزل لمعسكر أثناء الاستعداد للامتحانات، له انعكاسات سلبية على نفوس الأبناء، خاصة صغار السن منهم».
وينصح هؤلاء الأسر «بالاستعداد تدريجياً للهدوء، حتى يساعدوا أبناءهم على التركيز في المذاكرة، بدلاً من الانتقال فجأة من حالة لأخرى، قد تصيب الأبناء بالارتباك والحيرة».
المفتاح بيد الأسرة
وتقول أستاذ أصول التربية د.زينب حسن إن «البيت الهادئ واللغة المشتركة بين أفراده ومشاعر الحب والحنان الصادرة عن الأب والأم تجاه أبنائهم، تعمل بشكل إيجابي على مرور الفترة السابقة للامتحانات بسلام».
وتضيف أن المشكلة لا تكمن في خوف الأبناء وتوترهم فقط «إنما في مقدرة الوالدين على التعامل مع أبنائهم، فقد يتحولان إلى مصدر توتر وقلق، مثل زيادة التعليمات بالمذاكرة الدائمة، ما يقابله الأبناء بالعناد والمخالفة، وتكون النتيجة انفلات الأعصاب من جانب أولياء الأمور ما يؤثر سلباً على الأبناء».
وتدعو زينب حسن الوالدين إلى «التحلي بالصبر والهدوء والسماح للأبناء بالراحة والمرح لأنهم بحاجة للاحتضان والاحتواء.. وهذا لا يتأتى إلا بالتحدث معهم بهدوء، ما يدفعهم لبذل مزيد من الجهد استعداداً للامتحان».
وتنبه إلى أن «هناك تصوراً خاطئاً من جانب أولياء الأمور يتمثل في اعتقادهم أن كثرة ساعات المذاكرة أمر مطلوب، والصحيح عكس ذلك تماماً، وهنا عليهم مساعدة أبنائهم على أخذ قسط من الراحة، بغية زيادة التركيز والانتباه، في حين أن الجلوس لساعات طويلة في المذاكرة دون فاصل منشط يضعف القدرة على الفهم والتركيز».
لا للأطعمة الدهنية
ويقول استشاري التغذية د.فهيم صديق إن «ثقافة الأم ووعيها بما تقدمه لأبنائها على مدار العام الدراسي وخلال فترة ما قبل الامتحانات يلعب دوراً كبيراً في تمتع الأبناء بصحة جيدة تجعلهم قادرين على الاستيعاب والتحصيل».
وينصح الأم أن تقلل من إقبال أبنائها على تناول الطعام خارج المنزل، أو تناول وجبات سريعة تحتوي على نسب عالية من الدهون، لأنها تعكس إحساساً كاذباً بالشبع، وربما تصيب الطلبة بالخمول والكسل وعدم التحصيل أو التركيز.
ويدعو صديق الأم إلى تقديم الطعام الخفيف لأبنائها الحاوي على الخضروات والفواكه الطازجة، وقدر من البروتين، يتنوع بين الأسماك واللحوم والدواجن.
ويلفت إلى أن «بعض الأمهات يعتقدن أن زيادة الوجبات ضرورة لتوليد الطاقة والحيوية لدى الطلبة خلال الامتحانات، ما يزيد من إصابة الأبناء بالبدانة وما يتبعها من خمول وكسل وميل للنوم، ومن الأفضل تنظيم الوجبات لتكون 5 وجبات يومياً».
معسكر مغلق
وينصح استشاري الطب النفسي د.محمد عويضة «بعدم تحويل المنزل إلى معسكر مغلق خلال الامتحانات، لأن ذلك يمثل خطراً يؤدي لنتائج عكسية ويولد شعوراً بالإحباط والخوف».
ويقول إن «الترفيه مطلوب خلال فترة الامتحان، من أجل التحصيل السليم، واعتبار الامتحانات جزءاً من العام الدراسي، وبالتالي يكون هناك مردود إيجابي يزيد من الثقة بالنفس ويتخلص الأبناء من الحيرة والارتباك خلال الامتحانات».
القلق ظاهرة طبيعية
ويقول استشاري الطب النفسي د.أكمل مصطفى «تختلف درجة التوتر والقلق قبل الامتحانات وخلالها من شخص لآخر وفقاً لتركيبته النفسية وظروفه العائلية والاجتماعية المحيطة»، ويشير إلى أن «قليلاً من الخوف والقلق لا بأس به، والقلق الطبيعي ينشط الجهود الإيجابية للإنسان كي يتعامل مع الأمور الصعبة والسيطرة عليها».
ويوضح أن «هناك عدداً من الأعراض الشائعة تسبق الامتحانات مثل الصداع، ونقص الشهية، وآلام البطن، والإسهال المتكرر، والغثيان، والقيء، والدوخة والدوار والإحساس بعدم التوازن، وخفقان القلب وآلام الصدر، والآلام العضلية المتنوعة، والشعور بالتعب والإعياء».
ويعدد الأعراض النفسية الصريحة «الترقب، والخوف، وتوقع الفشل والرسوب، وصعوبات النوم، والأحلام المزعجة والكوابيس، والعصبية والتوتر، ونقص التركيز والمثابرة».
ويدعو من باب تطمين الطلبة وأهلهم، إلى السيطرة على هذه الأعراض والتخفيف منها بالدعم النفسي والتفاؤل والتشجيع، والتقليل من المشروبات المنبهة «الشاي، والقهوة، والكولا، والشيكولاته»، وتنظيم أوقات المذاكرة والدراسة، وأوقات الراحة والنوم، وأن يأخذ الطالب بأسباب النجاح ويبذل جهده في الحفظ والاستذكار.
ويبين مصطفى أن «بعض الحالات تحتاج للعون الاختصاصي في حال عدم الاستجابة للأساليب العامة من خلال تقييم الحالة وتقديم العلاجات المناسبة».
ويقول إن الأشخاص الذين يزداد خوفهم وقلقهم من الامتحانات يشكون عادة من صراعات نفسية تتعلق بالتنافس والنرجسية والطموح، بسبب تكوينهم الذاتي أو تربيتهم، وعادة ما يكون هؤلاء من المتفوقين، ويزداد قلقهم لدرجة كبيرة، وبعضهم يراجع العيادات النفسية لطلب المشورة، وتخفيف أعراض التوتر المصاحبة مثل القلق والأرق والعصبية، وضعف التركيز، والنسيان، والخوف من الامتحان.
ويضيف «من السهل تقديم بعض النصائح العامة والعملية لهؤلاء أو مهدئ خفيف، وبعضهم الآخر ممن لديه أعراض شديدة كالاكتئاب، أو الوسواس القهري ورغبة التأكد من حفظ المعلومة وتكرارها، يحتاج لعلاجات أخرى دوائية وجلسات نفسية».
ويقدم عدداً من الإرشادات العامة لاتباعها خلال الامتحانات بينها «أخذ الطالب قسط وافر من الراحة في الليلة السابقة للامتحان، كي يدخل الطالب القاعة وهو هادئ الأعصاب قوي التركيز، وتناول وجبة خفيفة قبلها، فهي تزود المخ بالطاقة اللازمة للتفكير، وتريح معدته القلقة، وتجنب المأكولات الدسمة أو الإكثار من الشاي والقهوة».