يعرف الطلاق في الدين الإسلامي بأنه «أبغض الحلال» لما يترتب عليه من آثار اجتماعية، إلا أن هذه القاعدة ليست عامة على الأقل بالنسبة للمرأة الموريتانية، التي تستقبل المطلقة بالزغاريد والحفلات تماماً كما في يوم عرسها. ويشهد المجتمع الموريتاني ارتفاعاً في نسبة الطلاق تصل إلى 44%، وتؤكد مصادر إعلامية أن أحد أسباب ارتفاع نسبة الطلاق هي الاحتفالات التي يقيمها الأهل للمرأة عند طلاقها، فضلاً عن القوانين العرفية التي تيسر للرجل طلاق زوجته دون أدنى مسؤولية. وإذا كانت المرأة العربية تتقبل نبأ طلاقها بالحزن لأن حظها في الزواج ثانية ينخفض، فإن المرأة الموريتانية المطلقة تتساوى مع غيرها من النساء في الحظ بالزواج مرة ثانية وثالثة. وتُرجع الدراسات أسباب انتشار ظاهرة الطلاق في موريتانيا إلى عوامل عدة، بينها الطقوس الاحتفالية التي تستقبل بها المرأة عند طلاقها، والتزام الرجال لها بتعويضها عبر ظاهرة تعرف باسم «التحراش»، يتظاهر بموجبها الرجال غير المتزوجين ويعبرون عن رغبتهم في الزواج من المطلقة، والإقبال عليها فور عودتها إلى بيتها. وتستقبل النساء المنحدرات من طبقات اجتماعية راقية، في الأيام الأولى من الطلاق، الشعراء الذين يهنئونها بالقصائد على خلاصها من زوج سيء الحظ، ويحمدون الله أنها أصبحت خارج العصمة، لأنها أصلاً لم تكن زوجة الرجل المناسب. وتعد المطلقة حفلة عشاء تدعو إليها صديقاتها ومعارفها، وكثيراً ما تستقبل بعد هذه الحفلة دعوات شفهية من رجال يطلبونها للالتحاق من جديد بعش الزوجية ما إن تنتهي أيام العدة. ويعتبر خبراء اجتماعيون أن احتفال المرأة بالطلاق يعود إلى مجموعة عوامل، بينها أن الموريتانية ترى أن ردة الفعل المناسبة على الطلاق، هي أن تظهر أمام الزوج أنها غير منهارة بل سعيدة بالانفصال. ويعرف إعلان ترحيب الرجل بطلاق امرأة معينة لأنه يحبها في اللهجة الموريتانية بـ»التحراش»، وهو أن يذبح الرجل ثوراً أو كبشاً أو جملاً ثم يوزع لحمه على الفقراء والمساكين.
وإذا كانت هذه العادة اختفت منذ عقود على شكل ذبائح، فإنها لا تزال حية عبر ممارسات أخرى كمنح هدية لمن أعلن الخبر. وتجري عادة الاحتفال بالطلاق في المدن والقرى والأرياف الموريتانية على حد سواء، بأن ترفع المرأة المطلقة أو خادمتها أو قريبتها صوتها بثلاث زغاريد عند طلاقها لإعلان فرحتها بالحدث، وتدق الطبول أحياناً، ويتردد الغناء في سهرة تجتمع فيها النساء والأطفال. وفي المنطقة الشرقية من موريتانيا والعاصمة نواكشوط، يُعتبر من شبه الواجب على المرأة المطلقة تنظيم حفلة يوم خروجها من العدة، حيث تتزين وتضع الحناء مستعدة لخوض تجارب أخرى في الزواج.