بعد أن احتضنت منامة السياحة مؤخراً المعرض الدوري المشترك الرابع لآثار دول مجلس التعاون، وفي مقاربة للإنسانيات والحضارات المتعاقبة في المنطقة، افتتح القائم بأعمال الوكيل المساعد للسياحة بوزارة الثقافة الشيخ خالد بن حمود آل خليفة أمس، الملتقى العلمي الأول «آخر المكتشفات الأثرية بدول مجلس التعاون الخليجي».
وقال الوكيل المساعد للسياحة «شكل المدينة الحالي ينسج هويتنا بكامل تقاربها وحالات التشابه فيها، ما يؤكد أن الإنسان الخليجي على مدى التاريخ وتعاقب الحضارات على منطقة شبه الجزيرة العربية كان يعايش تجارب متقاربة تنسجم مع بعضها البعض»، موضحاً «اللقاء يجمعنا اليوم بالعديد من الباحثين والخبراء ويشكل خطوة عميقة باتجاه فهم واستيعاب أمثل للمعطيات التاريخية والاقتصادية والحضرية التي شهدتها المنطقة، وهو نتيجة جميلة يفضي إليها المعرض السابق لنبدأ بالتطرق إلى مدن أوسع وملامح عميقة اكتشفها الباحثون واشتغل عليها المنقبون للتوصل إلى حقيقة الهوية وشكل العمران».
وافتتح اللقاء بعرض فيلم قصير حول الملتقى العلمي «التطور المدني في شبه الجزيرة العربية خلال العصور.. تنوع ووحدة حضارية»، وقدم تلخيصاً لتجربة المعرض وحكايته.
ومثل الملتقى بتفاصيل أحداثه ومناقشاته المفتوحة نموذجاً عملياً وبصرياً تناول بتشريح علمي دقيق مدناً ومستوطنات خليجية تعود كل واحدة منها لإحدى الدول المشاركة في نموذج توسع في مداه عن الطرح الأول، إذ واصل استدراج ملامح مخفية لم يتسن عرضها قبلاً وحاول أن يفسر علاقة الأدلة والأثريات المعثور عليها بالحقائق التاريخية والحضارية.
وتناول الملتقى الأشكال المقترحة للهوية الإنسانية آنذاك وعلاقتها بتخطيط العمران، وتأثير ذلك على عمليات النمو الحضري والتجربة الإنسانية بمختلف نشاطاتها وممارساتها المعيشية، ودرس انعكاس المفاهيــم الدارجــة آنـــذاك والمعتقـــدات المتصلـــة بالفكـــر الروحـــي والسياســـي والاقتصادي والاجتماعي على شكل المدينة وبيئتها الحضرية.
واستضاف الملتقى في جلسته الأولى عمر الكعبي من الإمارات، وعباس أحمد سلمان من البحرين ود.عوض الزهراني من المملكة العربية السعودية، حيث تناولوا في عرضهم «قرى العين القديمة في موضوع علم الآثار الحضري والذاكرة الشعبية لحارة الخريس»، «موقع حلة العبد الصالح منذ الألفية الثانية وحتى الأولى قبل الميلاد»، «مدينة جرش الأثرية» على التوالي.
فيما انتقلت الجلسة الثانية إلى سلطنة عمان من خلال «كانت هنام مدينة تدعى (قلهات)» مع طرح خميس العاصمي، وإلى قطر مع فيصل النعيمي الذي لخص آخر المكتشفات الأثرية هناك والبحث البيئي التاريخي في المنطقة، وأخيراً برفقة د.سلطان مطلق الدويش من الكويت حيث شرح «الاستيطان خلال الألفية الخامسة قبل الميلاد».
ويأتي هذا الاشتغال متابعة للمعرض السابق الذي تناول في نسخته الرابعة حكايات المدن وتطورها وفقاً للمتغيرات الإنسانية والحضارية والبيئية، واستعرض في مساره البصري التطور العمراني لشبه الجزيرة العربية منذ عصور ما قبل التاريخ ولغاية الفترة الإسلامية، حيث سلط الضوء على ظهور المستوطنات المختلفة على مر العصور، واستنباط التطورات الثقافية والاجتماعية، وعكس بشكل دقيق الجدل الدائر بين نمط الحياة البدوية والتطور العمراني الهائل في منطقة الخليج العربي.
وشاركت في الحدث كل دولة خليجية بتقديم مدينتين أو مستوطنتين كمادتي عرض، بغرض إظهار مدى تعقيد هذه المستوطنات البشرية وتنوعها.
ومـــن شـــأن النقـــاش أن يفتــح جدليــات وأطروحات حديثة حول المدن العربية الحديثة وما تواجهه من تحديات، فيما يستلهم القسم الأخير من الحدث وتيرة التطور العمراني السريع في المنطقة والجهود المبذولة لحفظ الطابع العمراني المحلي والتراث العربي، والهوية التاريخية والحضارية لإنسان المنطقة.
وكرم الشيخ خالد بن حمود آل خليفة في ختام الحدث، المشاركين بالملتقى من دول الخليج العربي والقائمين على تنظيمه.