عواصم - (وكالات): نزلت حشود من المصريين مجدداً مساء أمس شوارع القاهرة وعدة محافظات للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي الذي اجتمع مع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي للبحث في مخرج من الأزمة بعد أن رفض فجر أمس بيان القوات المسلحة الذي أمهله 48 ساعة لتحقيق «مطالب الشعب» فيما ازدادت عزلته مع جملة استقالات في الحكومة والرئاسة، بينما شهدت العاصمة ومحافظات أخرى تظاهرات مؤيدة للرئيس المصري تطالب بالتمسك بالشرعية. وأكد بيان للرئاسة المصرية نشر على صفحتها على «فيسبوك» أن الرئيس المصري «استقبل الفريق الأول عبد الفتاح السيسي لمتابعة مستجدات الساحة السياسية» فيما أكد مصدر عسكري أن «اللقاء مستمر منذ عدة ساعات لمناقشة الأزمة والبحث عن مخرج».
وفي هذه الأثناء تجمع آلاف المتظاهرين أمام قصر القبة الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة حيث يقيم حالياً الرئيس المصري، وفقاً لمعلومات تتردد في وسائل الإعلام المحلية، ونزل آلاف آخرون إلى ميدان التحرير وإلى قصر الاتحادية المقر الرسمي للرئاسة.
وحذر الجيش المصري أمس الأول مرسي من أنه سيضطر للتدخل في الحياة السياسية اذا لم تتحقق «مطالب الشعب» خلال 48 ساعة وذلك إثر تظاهرات حاشدة وغير مسبوقة الأحد الماضي طالبت برحيل مرسي.
وفي وقت لاحق، قالت مصادر عسكرية إن القوات المسلحة ستعلق العمل بالدستور وتحل مجلس الشورى بموجب مسودة خارطة طريق سياسية ستنفذها ما لم يتوصل مرسي ومعارضوه لاتفاق بحلول اليوم.
وأضافت أن من الممكن تعديلها بناء على التطورات السياسية والمشاورات.
وذكرت المصادر أن الجيش يعتزم تشكيل مجلس انتقالي أغلب أعضائه مدنيون من جماعات سياسية مختلفة وخبراء لإدارة البلاد إلى حين وضع دستور جديد خلال شهور.
وأضافت أن ذلك سيعقبه إجراء انتخابات رئاسية مع إرجاء الانتخابات العامة إلى حين وضع شروط صارمة لاختيار المرشحين. وتعتزم القوات المسلحة بدء حوار مع جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة وقوى سياسية ودينية ونشطاء من الشبان فور انقضاء المهلة التي حددتها للتوصل لاتفاق اليوم. في المقابل، قالت رئاسة الجمهورية المصرية إن «البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة لم تتم مراجعة رئيس الجمهورية بشأنه». وأضافت في بيان «ترى الرئاسة أن بعض العبارات الواردة فيه تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب». وقال البيان إن مرسي «لا يزال يجري مشاورات مع كافة القوى الوطنية حرصاً على تأمين مسار التحول الديمقراطي وحماية الإرادة الشعبية».
ودعا التحالف الوطني لدعم الشرعية «ائتلاف مكون من أحزاب وقوى وتيارات إسلامية» لتظاهرات ومسيرات مؤيدة للرئيس مرسي في عدد من ميادين الجمهورية بشكل فوري. ووصفت شخصيات بارزة من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي مهلة الجيش بأنها «انقلاب». ووصف مرسي الحكم المدني بأنه مكسب كبير من مكاسب ثورة 2011 وقال إنه لن يسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
من جانبه، دعا حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين أنصاره إلى التظاهر لمقاومة أي تحرك للجيش شبهه المتحدث باسم الحزب بالانقلاب الذي أدى إلى الحكم المدعوم من الجيش على مدى 6 عقود. وقال المتحدث باسم الحزب مراد علي «هذه لحظة حرجة للغاية في تاريخ مصر. نواجه لحظة مماثلة إلى حد بعيد لما حدث في عام 1952».
وأذاعت قناة مصر 25 التلفزيونية التابعة للإخوان صوراً لحشود ضخمة في عدد من المدن المصرية. وكتب المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد على حسابه على تويتر يقول إن 50 مظاهرة مؤيدة للشرعية خرجت في محافظات مصر. ووقعت مساء أمس اشتباكات بين أنصار ومعارضي الرئيس مرسي في القاهرة والإسكندرية والجيزة وبنها أسفرت عن مقتل 7 و إصابة العشرات، بحسب مصادر أمنية. وبعد ظهر أمس، دعا القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي في تعليق كتبه على صفحته على فيسبوك إلى «طلب الشهادة لمنع الانقلاب على الشرعية».
وكانت حركة «تمرد» المعارضة، التي أطلقت الدعوة إلى تظاهرات وأكدت أنها جمعت 22 مليون توقيع على استمارة سحب الثقة من مرسي، دعت إلى مواصلة التظاهرات. وأغلقت معظم المؤسسات أبوابها أمس في القاهرة التي بدت شوارعها شبه خالية.
وفي تداعيات الأزمة سياسياً أيضاً، قدم وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو استقالته لينضم بذلك إلى 4 وزراء آخرين بينهم وزير السياحة أعلنوا استقالتهم منذ امس الاول.
وفي خضم الاستقالات الجماعية طلب المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إيهاب فهمي والمتحدث باسم رئاسة الوزراء علاء الحديدي إعفاءهما من منصبيهما.
كما استقال أيضاً الفريق سامي عنان القائد السابق للقوات المسلحة المصرية من منصبه كمستشار للرئيس.
وفي هزيمة سياسية جديدة لمرسي، أصدرت محكمة النقض أمس أمراً بإعادة النائب العام عبد المجيد محمود إلى منصبه بعد أن أقاله مرسي في نوفمبر الماضي.
وأوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن محكمة النقض أصدرت «حكماً نهائياً بعودة عبد المجيد محمود نائباً عاماً».
وعزل محمود بمرسوم رئاسي وتعيين طلعت عبد الله الذي يعد مقرباً من الإخوان المسلمين خلفاً له أدى إلى تفاقم الأزمة بين مرسي والقضاء.
من جانبها أكدت جبهة الإنقاذ الوطني ثقتها في الجيش الذي اعتبرت أنه لا يريد التدخل في الحياة السياسية.
وأعلنت أحزاب وحركات المعارضة المصرية أنها اتفقت على «تفويض» رئيس حزب الدستور محمد البرادعي على التحاور باسمها مع الجيش بشأن رؤيتها للمرحلة الانتقالية التي يفترض أن تعقب انتهاء حكم الرئيس مرسي.
واحتفت الصحف أمس بموقف الجيش وعنونت صحيفة الوطن المستقلة «آخر 24 ساعة في حكم الإخوان» فيما عنونت التحرير «الجيش انحاز لمصر، ومصر غداً بلا مرسي».
وفي المواقف الدولية، اتصل الرئيس الأمريكي باراك اوباما بنظيره المصري أمس مؤكداً أن واشنطن «ملتزمة بالعملية الديمقراطية في مصر ولا تدعم أي فريق أو مجموعة» حسب المتحدث باسم البيت الأبيض.
وتابع المسؤول أن أوباما شدد على أن «الديمقراطية لا تقتصر على الانتخابات بل هي أيضاً الاستماع إلى أصوات كل المصريين وأن يتم تمثيلهم في حكومتهم وذلك يشمل المصريين الذين يتظاهرون في مختلف أنحاء البلاد».
وفي وقت لاحق، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن «واشنطن ملتزمة بأن تأخذ العملية الديمقراطية مجراها في مصر»، موضحة أن «التقارير التي تقول إن أمريكا تحث على إجراء انتخابات مبكرة في مصر غير دقيقة».
وفي وقت سابق، كشف مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية أن أوباما، حذر قادة الجيش من «الانقلاب» على نظام مرسي، وفقاً لقناة «سي ان ان» الأمريكية. وشدد مسؤولو الإدارة الأمريكية على أن مرسي عليه أن يتنحى عن السلطة فوراً، حيث ذكر أحد المصادر «نقول له يجب أن تجد طريقاً باتجاه الدعوة لانتخابات جديدة»، وتابع بقوله «ربما هذا هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة الراهنة»، بين نظام جماعة «الإخوان المسلمين» والمعارضة.
وشجع أوباما الرئيس المصري على اتخاذ خطوات لإظهار استجابته لمخاوفهم.
وقد دعت ألمانيا القوى السياسية في مصر إلى إيجاد مخرج للأزمة الحالية «على أساس مبادىء ديمقراطية».
من جانبها دعت الأمم المتحدة إلى الحوار مشددة على أن هذه الأزمة الجديدة سيكون لها «أثر كبير» على الوضع في دول أخرى في المنطقة». ودعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مرسي لأن ينصت لمطالب الشعب المصري وأن ينخرط في «حوار وطني جاد» لنزع فتيل الأزمة السياسية.
أما إيران فدعت الجيش المصري إلى احترام «اقتراع الناخبين».