كتبت - زهراء حبيب:
عاقبت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، برئاسة القاضي علي بن خليفة الظهراني وعضوية القاضيين السيد محمد عزت، وجاسم العجلان وأمانة سر أحمد سليمان، 4 مدانين في القضية المعروفة بـ»جيش الإمام» بالسجن المؤبد «بينهم مدانان هاربان»، وحكمت بمعاقبة 6 آخرين بالسجن لمدة 15 عاماً عن تهمة الانضمام للتنظيم الإرهابي، وبرأت 14 متهماً بينهم عبدالرؤوف الشايب المقيم في لندن المدان في قضية ائتلاف 14 فبراير بالسجن 15 عاماً، وخلية قطر الإرهابية بالسجن 15 عاماً أيضاً، وأمرت المحكمة بمصادرة المضبوطات.
وتبين تفاصيل الدعوى إلى أن المتهمين الأول والثاني والسادس والسابع أسسوا تنظيماً إرهابياً سمي بـ»جيش الإمام» الهدف منه تغيير دستور الدولة ونظامها الأساسي، عن طريق إشاعة الفوضى في البلاد، وارتكاب جرائم العنف والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وكذلك استهداف منشآت عسكرية ومدنية مهمة.
وانضم المتهمون من الثامن حتى 13 إلى التنظيم الإرهابي وهم على علم بأهدافه، وعليه قام المتهمون الأول والثاني والسادس والسابع بالسعي للتخابر مع من يعملون لمصلحة جمهورية إيران والحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية ضد البحرين، والاعتداء على رجال الأمن واستهداف المواقع الحساسة.
80 ألف دولار من «الحرس الثوري»
وتبين التفاصيل بأن المتهمين اعتمدوا في تمويل التنظيم الإرهابي على ما يكسبوه من الحرس الثوري الإيراني، وتقدر قيمة التمويل 80 ألف دولار أمريكي، وفي إطار تنفيذ مخططاتهم تدرب المتهمين الأول والسادس والسابع على استعمال الأسلحة والمتفجرات في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني، بإشراف من يعملون لمصلحة الحرس.
وجنّدوا المتهمين من الثامن حتى 13 وإرسالهم إلى معسكرات الحرس الثوري في كل من جمهورية إيران والعراق، مع التكفل بنفقة المعيشة والسفر، إذ تدرب المتهمون على استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة والمتفجرات.
وخزن المتهمون من السادس حتى الثامن إحداثيات مواقع ومنشآت عسكرية ومدنية منها وزارت الدولة كالداخلية والدفاع، والقاعدة الأمريكية، وقاعدة الشيخ عيسى الجوية، ومطار البحرين الدولي، وحلبة البحرين الدولية، ومواقع أخرى، بناء على تكليف شخص يعمل لصالح الحرس الثوري في إيران يدعى بدر.
وأوضحت أوراق الدعوى أن المتهم السابع أنشأ شبكة تواصل تربط كل من المتهمين الأول والثاني والسادس، إضافة إلى التواصل بينه وبين شخص يدعى أبو ناصر يعمل مع الحرس وكان الطرفان يستعملان عبارات مشفرة «كجلب السمك مشترك» ويقصد بجلب الأسلحة مشترك، من أجل توفير وسائل آمنة لإدخال الأسلحة والمتفجرات إلى البحرين.
وبينت المحكمة أن الواقعة ثبت وقوعها وتوافرت الأدلة على صحتها في حق المتهمين سالفي الذكر، مما ثبت في اعترافات المتهمين السادس والسابع والثامن، ومن العاشر حتى 12، وشهادة شهود الإثبات، وتقرير الأدلة الجنائية بشأن ماهية الأسلحة التي وصفها المتهمون من خلال الرسومات اليدوية في تحقيقات النيابة العامة، وتقرير المختبر الجنائي الخاص بفحص المضبوطات، وإدارة الجرائم الإلكترونية بفحص أجهزة المتهمين.
إحداثيات مواقع
وجاء في اعتراف المتهم السادس بأن المتهم السابع أبلغه عن نيته في إنشاء تنظيم مسلح يهدف إلى مقاومة رجل الأمن، وتجنيد أشخاص عن طريقه واختياره، كما أطلعه بأن دوره يتمثل في استقبال المجندين والتكفل بهم بالاستعانة بالأموال التي يوفرها له، ووافق على عرضه.
وتوجه المتهم السابع إلى إيران ومكث هناك عدة أيام ثم عاد إلى سلطنة عمان، وسلمه ظرفاً يحتوي على مبلغ 30 ألف دولار أمريكي، ليقوم باستقبال الأشخاص الذين سيجندهم المتهم السابع في البحرين، ليقوم بعمل الترتيبات اللازمة لسفرهم إلى إيران، وبناء على ذلك قام بتحويل المبلغ المسلم إليه على شكل دفعات بواسطة مكاتب الصرافة المختلفة، واستقبل أشخاصاً على دفعتين أحدهم المتهم العاشر وشخص آخر كنيته بوكرار.
والتقى المتهمان الأول والثاني بشخص يدعى بدر وتبادلوا أطراف الحديث عن أوضاع البحرين، وعرض مواقع عن طريق برنامج غوغل إيرث، وطلب منه التأكد من إحداثيات المواقع، وبعد التأكد منها تم إرسالها مرة أخرى للمدعو بدر عن طريق تخزينها في جهاز «المايكرو ميموري»، وتسليمها له عبر المتهم الأول الذي استلم المعلومات ومبلغ 20 ألف ريال.
واعترف أحد المتهمين بأن وسيلة التواصل بين بو ناصر والمتهم السابع كانت باستخدام الإنترنت في مقاهي «النت».
عمليات عسكرية وإسقاط النظام
واعترف المتهم السابع بأنه سافر إلى لبنان والتقى هناك بالمتهم السادس وشخص يدعى يوسف العمران وتداول معهما فكرة التدريب العسكري، بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، ثم رجع إلى البحرين وأبلغ المتهمين الأول والثاني استعداده للانضمام للتنظيم، وعليه سافر إلى إيران عن طريق العراق، ثم عرج على سلطنة عمان للالتقاء بالمتهم السادس، واستقبله في العراق شخص اسمه أبو نجاح الذي تولى نقله إلى الحدود العراقية الإيرانية ومنها إلى مطار الأهواز ثم إلى طهران، وهناك التقى بالمتهم الأول الذي عرفه على أبو ناصر وبوعلي وهما المسؤولان عن التنظيم من الجانب الإيراني لانتمائهما للحرس الثوري.
وتوجهوا إلى أحد المناطق وتلقوا تدريبات عسكرية مع المتهم الأول والسابع على فك وتركيب الأسلحة كسلاح كلاشنكوف، وسلاح أم 16، وسلاح أم بي أي 5 وكذلك سلاح آر بي جي، والتدريب على كيفية استخدام المتفجرات، واتفق مع المدعو أبو ناصر حول آلية إرسال المعلومات السرية وتسلم منه مبلغ 20 ألف دولار كمصروف، وليقوم بتجنيد أشخاص آخرين، ووافق على الانضمام للتنظيم وأن يكون دوره استلام الأموال من إيران وإرسالها إلى البحرين كنوع من التضليل للأجهزة الأمنية، وبعدها عاد لسلطنة عمان بنفس طريقة سفره ثم إلى البحرين، وجند المتهمين الثامن و13 وسلم كل منهما مبلغ 300 دينار، وأرسل أسماءهما إلى المدعو أبو ناصر عن طريق الإيميل واتفق معه على تدريبها في العراق.
وبينت التفاصيل إلى أن التنظيم أطلق عليه أنصار الإمام المهدي في البحرين التابع لجيش الإمام الغرض منه القيام بعمليات عسكرية وإسقاط النظام.
وبعد اكتمال عناصر التنظيم توجهوا إلى إيران لتلقى تدريب نظري على الأسلحة، ورافقوهم إلى منطقة جبلية ودربوهم على استخدام الأسلحة والمتفجرات، واستخدام سلاح «الآر بي جي» والرماية من السيارة، وأبلغوهم بأنهم سوف يجلبون الأسلحة والمتفجرات إلى البحرين بالتنسيق مع مسؤولي التنظيم، وتم تدريبهم على كيفية إخفائها لجلبها للبحرين.
ثبوت الاتهامات في حق المدانين
وأشارت المحكمة إلى أنه ثبت في حق المتهمين الاتهامات التالية أنهم في فبراير 2012 حتى يناير 2013: أولاَ: المتهمون الأول والثاني والسادس والسابع أنهم تخابروا مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» للقيام بأعمال عدائية ضد مملكة البحرين، بأن تخابروا مع الحرس الثوري الإيراني وأمدوهم بمعلومات وبيانات تتعلق بمواقع عسكرية وأمنية ومنشآت حيوية بالمملكة، وتوطئة لتلقي توجيهاتهم نحو استهدافها ورجال الأمن، وارتكاب أعمال التخريب بغرض إحداث الاضطرابات والقلاقل وإشاعة الفوضى في البلاد.
وقبلوا عطايا لأنفسهم ممن يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد ارتكاب أعمال ضارة بمصالح البلاد القومية، بأن قبلوا من عناصر الحرس الثوري الإيراني المبالغ المالية المبينة بالتحقيقات مقابل تزويدهم بمعلومات وبيانات عن مواقع ومنشآت حيوية بالمملكة لضربها واستهداف رجال الأمن وارتكاب أعمال التخريب.
وأسسوا وأداروا على خلاف أحكام القانون جماعة - تولوا قيادة فيها - الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات والحقوق العامة والخاصة، وكان الإرهاب من وسائلها في تحقيق وتنفيذ أغراضه، بأن ألفوا جماعة تحت مسمى (جيش الإمام) وعملوا على تدريب أعضائها على استعمال الأسلحة وتصنيع واستخدام المتفجرات ودبروا لها الأموال اللازمة لتنفيذ مخططاتهم في استهداف مواقع عسكرية وأمنية ومنشآت حيوية بالمملكة والتعدي على رجال الأمن بغرض الإخلال بالأمن العام وزعزعة استقرار البلاد.
ثانياً: المتهمون من الثامن حتى الثالث عشر أنهم انضموا وآخرون إلى جماعة مؤسسة على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات والحقوق العامة والخاصة، بأن انضموا إلى الجماعة موضوع التهمة أولاً بند 3 مع علمهم بأغراضها ووسائلها وتلقوا تدريبات ونفذوا تكليفات تدخل في نشاطها على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات.
ثالثاً: المتهمون من الأول والثاني والسادس والسابع والثامن والعاشر والثالث عشر وجهت لهم أنهم جمعوا وأعطوا أموالاً للجماعة موضوع التهمة أولاً بند( 3) مع علمهم بممارستها نشاطاً إرهابياً.
رابعاً: المتهمون الأول، ومن السادس حتى الثالث عشر وجهت لهم أنهم تدربوا على استعمال الأسلحة وتصنيع واستخدام المفرقعات بقصد ارتكاب جرائم إرهابية.
خامساً: المتهمون من الأول والثاني والسادس والسابع بأنهم اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة في تدريب المتهمين من الثامن حتى الثالث عشر على استعمال الأسلحة وتصنيع واستخدام المفرقعات بقصد الاستعانة بهم في ارتكاب جرائم إرهابية بأن اتفقوا معهم على ذلك وساعدوهم بأن سهلوا لهم السفر خارج البلاد والانخراط في معسكرات التدريب التابعة للجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني وحزب الله، فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
سادساً: المتهمون الأول والثاني آووا أعضاء الجماعة موضوع التهمة أولاً (بند 3)، ودبروا لهم وسائل التستر والتعيش، بأن دبروا لهم مساكن ونفقات المعيشة أثناء وجودهم بالخارج لتلقي التدريب، مع علمهم بما تدعو إليه هذه الجماعة بوسائلها في تحقيق وتنفيذ أغراضها.
وتطرقت المحكمة في حيثيات الحكم إلى أن التهم المسندة للمتهمين سالفي الذكر مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة، فقد ارتكبت لغرض واحد، ونظمها نشاط إجرامي واحد، وعليه تقضي المحكمة بالعقوبة الأشد عملاً بنص المادة (66) من قانون العقوبات.
وفيما يخص ما أسند للمتهمين من الثالث حتى الخامس ومن 14 حتى 24 (المبرؤون)، قالت المحكمة إن المقرر قانوناً لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهم لعدم كفاية الأدلة، ناهيك عن أن الاتهام المسند إليهم قد جاءت في أوراق الدعوى تخلو من ثمة دليل يقيني تطمئن له المحكمة لإدانتهم، وعليه قضت ببراءتهم.