حذر الشيخ خالد السعدون من «أخطار الطائفية والتشرذم على المجتمع المسلم» مشيراً إلى أنها «تقود إلى الاقتتال بين المسلمين ومن ثم إلى هلاكهم»، مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض»، وقوله عليه الصلاة والسلام «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دماً حراماً».
كما دعا إلى «الوحدة بين المسلمين وعدم الاقتداء ببني إسرائيل الذين جمعوا بين الشرين القتل والإخراج، وفي هذا الصدد يقول الله تعالى «ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان»، فيما لفت إلى أن»الدعوة إلى الله تكون بالحكمة والموعظة الحسنة».
منهاج الله ورسوله
وقال إن «النجاة من شر الطائفية تكون باتباع منهج الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مؤكداً أن «الناجين الموفقين هم من إذا اختلفوا لكتاب ربهم رجعوا، فلو استقام الناس على هذا لما اختلفوا، ولو اختلفوا وللقرآن رجعوا، لكان خلافهم من السهولة والمودة بمكان، وليس للتبديع والتكفير فيه سلطان»، يقول الله تعالى في كتابه الكريم «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً».
كما حذر الشيخ السعدون من «بعض الذين يصدون الناس عن كتاب الله ظلماً وعدواناً»، موضحاً أنه «مع رحمة الله العظيمة بعباده، ووضوح السبيل إليه واستقامته، ورحمة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشفقته بالأمة، ومع عظيم القرآن وإتقانه وإحكامه، بل وسهولته للعالم والجاهل، وهذا من إعجاز الله في كتابه، فقد أخبر الله عن كتابه أنه سهل ميسر للتعبد خاصة في أخذ العقائد والأحكام»، يقول الله سبحانه وتعالى عن كتابه، وهو أعلم بفهم عباده: «ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر»، بل وأعاد هذه الآية مرات في سورة القمر.
وتابع الشيخ السعدون «فليحذر المسلم تقليد أولئك الطغاة، لأنهم يعلمون أن الناس لو قرؤوا القرآن لفهموه وعرفوا الحق فأذعنوا إليه، ومن ثم تركوهم وخبيث منهجهم، وعلى المسلمين ن يحذروا من اتباع هؤلاء صما وعمياناً، وإلا صرنا كأهل الكتاب لما عبدوا علماءهم وما كانوا بتلك العبادة يعلمون، والحق أن طاعة العلماء بغير دليل ولا برهان، والإعراض عن حكم الله وكتابه كلياً أمر غير جائز شرعاً، كما قال الله تعالى: «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون»».
وأضاف «إن كان التفرق لمذاهب أو طوائف شتى أمراً لا محيص منه، فليأت كلٌ منا الحسنى في دعوته، فمن يظن مذهبه على هدى من الله، أو على بينة من الأمر، وأن الآخرين على خطأ أو سوء منهج واعتقاد فليدعهم لطريقته المثلى، وله عند الله المثوبة والحسنى، فمن كان عنده حق فليدع إليه، وإلا فهو آثم إذ لم يدع الناس لخير ما عنده: «وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون»، مشيراً إلى أن «الدعوة إلى الله تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وفقاً لقوله تعالى «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين». وقال أيضاً «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون».
نبذ التفرق
وقال إن «الإسلام حريص على نبذ التفرق والتشرذم»، موضحاً أن «اسم المهاجرين اسم شرعيٌ أثبته الله في محكم كتابه، فقال سبحانه وتعالى: «والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم»، فصار الانتساب لهؤلاء أعظم فخر وشرف، ولكن حينما استعمل الاسم في غير معناه، أو سمي به لأمر فاسد، فقد نبذه رسول الله صلى الله عليه وسلم»، ففي الصحيحين: «اقتتل غلامان غلامٌ من المهاجرين، وغلامٌ من الأنصار، فنادى المهاجر أو المهاجرون، يا للمهاجرين ونادى الأنصاري يا للأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا دعوى أهل الجاهلية؟!
وفي رواية: فقال النبي «دعوها فإنها منتنةٌ». فمع أن الله امتدح هذين الاسمين، لكن لما أريد بهما فتنةٌ، فقد وصف الانتساب لهما والتحزب لهما لا للحق، أو الانتساب لهما لنصرة جهل أو باطل، بقوله «دعوها فإنها منتنةٌ».
واستشهد الشيخ السعدون «بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوقف جماعة ما عن قراءة القرآن فيما بينهم إن صارت سبباً لاختلافهم وتفرقهم، رغم أن القرآن الكريم كلام الله، وقال الرسول في الحديث الشريف: «اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه». فحتى القرآن إن صار سبباً للتفرق فاتركوا قراءته، ولا تقربوه مجتمعين حتى تطهر قلوبكم وتصفو، ومن ثم فأي أمر سوى القرآن فيه فرقةٌ للمسلمين، يهجر ويترك، سواءً كان عالماً وفاضلاً أو صاحباً ومقرباً، أو مالاً وتلداً، فاجتماع المسلمين على عقيدة صحيحة ومنهج متين سليم، أولى من كل شيء».