عواصم - (وكالات): يمثل خروج الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المفاجئ من العملية السياسية في العراق بعد مسيرة حافلة بالنزاعات العسكرية وغير العسكرية، «هدية» لخصومه الشيعة قبل أسابيع من الانتخابات البرلمانية، بحسب ما يرى محللون. ويشكل أيضاً انسحاب الصدر، خسارة لعنصر أساسي داخل الطائفة الشيعية، بعدما لعب دوراً مركزياً في تخفيف الاحتقانات الطائفية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عزيز جبر إن ابتعاد الصدر، أحد أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً أساسياً في إعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين عام 2003، يشكل «إفادة للأطراف الأخرى من ذوي الطروحات الشيعية».
ويسمي جبر المجلس الأعلى بقيادة عمار الحكيم، وجماعة عصائب أهل الحق المنشقة عن التيار الصدري، لكنه يذكر على وجه الخصوص أن «المستفيد الآخر هو رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي إذ إنه تخلص من مزاحم قوي طواعية، حيث تخلص المالكي من الصدر دون أن يبذل جهداً كبيراً، وكأنها هدية مجانية».
ويملك الصدر مكاتب سياسية في معظم أنحاء البلاد، ويتمثل تياره في البرلمان بـ 40 نائباً من بين 325، وفي الحكومة بستة وزراء.
وبعيد عودته إلى العراق عام 2011 بعد أكثر من 4 سنوات أمضاها في إيران حيث تابع دروساً دينية، دخل مقتدى الصدر في نزاع سياسي طويل مع المالكي الذي يحكم البلاد منذ عام 2006.
وكان مقتدى الصدر في منتصف 2012 أحد أبرز السياسيين العراقيين الذين عملوا معاً على الإطاحة برئيس الوزراء، المدعوم من طهران واشنطن، عبر سحب الثقة منه في البرلمان، من دون أن ينجحوا في ذلك.
وكتبت صحيفة «الدستور» المستقلة في افتتاحيتها أمس أن قرار الصدر «جار في مرحلة ذات حرجة كبيرة لما ينطوي عليه من إخلال في معادلة التوازنات السياسية التي أسس على وفقها المشهد الانتخابي المرتقب». وأضافت أن انسحاب الصدر «سيربك المشهد وسيؤثر بشكل أو بآخر في استغلال المنافسين للفراغ الذي سيتركه، مما قد يرجح الكفة لصالح طرف يكرس حالة التردي، ويستنسخ الصورة السابقة التي لا تبشر بخير».
وقد جاء قرار الصدر بإبعاد ممثليه في البرلمان والحكومة عنه في خضم موجة غضب شعبي عارم جراء إقرار البرلمان امتيازات لأعضائه لدى تقاعدهم، علماً بأن وسائل إعلام عراقية أبرزت مؤخراً أسماء ممثلين عن تيار الصدر صوتوا لصالح القانون. ورأى المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي أن «الصدر أحد أهم قوى التوازن النامية في العراق، وخروجه هو أول انهيار لأهم عوامل التوازن الداخلي الطائفي لدى الشيعة وبداية لانهيار دائرة التوازن الوطني الكبير».
من جانبه، قال الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس إن مقتدى الصدر «يبتعد عن أضواء السياسة عندما يتعرض لتهديد جسدي أو عندما يهم تياره بالقيام بعمل سياسي لا يرغب هو في أن يكون له دور فيه». ويضيف «لا شيء دائماً في العراق، إلا الموت».
من ناحية أخرى، كثفت قوات الجيش العراقي من انتشارها حول ناحية سليمان بيك التي خرجت بعض أجزائها عن سيطرة الدولة منذ عدة أيام، وسط معارك متقطعة مع المسلحين الذي يسيطرون على هذه الأجزاء.
ومنذ بداية العام، يسيطر مقاتلون مناهضون للحكومة ينتمي معظمهم إلى تنظيم «داعش»، أحد أقوى المجموعات الجهادية المسلحة في العراق وسوريا، على الفلوجة وعلى أجزاء من الرمادي المجاورة غرب بغداد.
من جانب آخر، توجه رئيس وزراء كردستان ووزير الموارد الطبيعية بالإقليم نيجيرفان برزاني إلى بغداد لتعزيز الجهود من أجل تسوية نزاع مع الحكومة المركزية بشأن صادرات نفط الإقليم عبر خط أنابيب جديد يصل إلى تركيا.