كتب – محرر O2:
سيتمكن المقاربون الجدد للفلسفة من التعاطي مع الأسئلة والأفكار العظيمة في العرف الغربي من خلال هذا الدليل الحيوي المعبر «الفلسفة ببساطة» لمؤلفه برندان ولسون، حيث تعود الفلسفة إلى الحياة.
برندان ولسون يستخدم فكرة «السببية المركزية» كمبدأ إرشادي، ليبين كيف يصبح تاريخ الفلسفة تسلسلاً واضحاً وطبيعياً للأحداث. وتكشف وجهة النظر، الناتجة عن ذلك، الروابط العميقة بين مشاكل العلم والعقل والحقيقة والحرية والمسؤولية والمعرفة واللغة والحقيقة والدين.
الكتابة واضحة وخالية من الإبهام، بينما تعطي بنية، «الفصل-القصير»، القارئ، الوقت للتوقف والتفكير في كل خطوة على مسار الطريق. تمهد رشاقة الأسلوب وجزالة التنسيق، أولاً، إلى سهولة الوصول: كما إن التوضيحات تشمل الرسوم والمخططات البيانية فضلاً عن صور الفلاسفة من أرسطو إلى فيتكينشتاين، لذلك يبدو كتاب «الفلسفة ببساطة»، والذي نقله إلى العربية آصف ناصر، بمثابة مقدمة للفلسفة، تضم على نقيض معظم المقدمات حجة للنقاش، والحجة هي أن المشكلات التي يحاول حلها في الفلسفة مشتقة غالبا من التغيرات التي تتالت على أفكارنا حول العلة بدءاً من العلل كغايات ومروراً بالعلل كحوافز، ثم إلى الأسباب كروابط، وذلك على امتداد خمسة وعشرين قرناً.
ونقرأ في الكتاب «هناك طرحان متناقضان للتقدم العلمي، فبحسب صورة العرف الشائع، يقوم العلماء بجمع المعلومات أولا، ثم يستنبطون نظرية لتفسيرها، ولكن هذا النموذج للمعلومات قد تم تحديده قبلا على يد كارل بوبر(الذي يعرف بفيلسوف العلم). وقامت حجة بوبر على أن العلماء غالباً ما يستنبطون النظرية أولاً، وحينئذ فقط ينصرفون إلى البحث عن معلومات وبيانات لاختبارها، وهنا تظهر الإشكالية: هل المعطيات قبل النظرية؟ أم النظرية هي التي تسبق المعطيات؟».
وفي شأن مقارب يتساءل الكاتب عن قضية العلل، فيناقش مسألتين حول السببية، الأولى: ما هو المعنى الدقيق للقول: إن (س) علة (ص)؟ والثانية: الى أي مدى يكون الاعتماد على الأخذ بالعلل معقولا؟ وهذا يستلزم أن نبين بجلاء معنى كل «المعطيات» أو الشواهد من ناحية، و»النظرية» أو التفسير من ناحية أخرى، فقد كانت قوانين كيبلر في حركة الكواكب نظرية أو تفسيراً بالنسبة إلى تيكوبرا، ولكن هذه القوانين نفسها لم تكن إلا معطيات بالنسبة إلى نظرية نيوتن في الجاذبية.
ويضيف الكاتب: إذا قلنا إن (س) هي علة (ص) فنحن نعني عادة أن (س) قد جعلت (ص) تحدث ونتصور من ذلك أن (س) قد أجبرت (ص) على الحدوث. ولكن هيوم، يشير إلى أننا لا نشاهد هذا الإلزام أبداً، وأننا لا نشاهد في الواقع إلا أن (س) تتبعها (ص) ثم نشاهد بعد حين شيئاً يشبه (س) يتبعه شيء يشبه (ص) وهلم جرا. إن هذه الأمور كلها نشاهدها جلية تماماً، ومتفرقة منفصلة عن بعضها كما يقول هيوم.