أوباما لم يجد أي عذر على الإطلاق يدعو لارتكاب أعمال عنف ضد الشرطة
عائلة الضحية تتهم الشرطة بمحاولة تشويه سمعته أثناء التحقيقات
مقتل «براون» حلقة ضمن وقائع عنصرية ومضايقات واعتقالات تمييزية
سكان محليون يتهمون الشرطة بمحاولة إخفاء الحقائق وإنقاذ القاتل
الشرطة تقول إن الشاب الذي قتلته كان يحاول سرقة علبة سيجار!
تواصلت الاحتجاجات أمس في 90 مدينة أمريكية على قتل الشرطة الأمريكية مراهق أسمر اللون في ضاحية فيرغسون بمدينة سانت لويس بولاية ميزوري الأمريكية السبت الماضي، في ظل صمت جهات حقوقية ومنظمات دولية عن الأسلوب القمعي الذي تستخدمه الولايات المتحدة في التصدي للمتظاهرين.
من جانبها قالت الشرطة أمس إن الشاب الأسود «غير المسلح»، كان مشتبهاً به في عملية سرقة قبل دقائق من إطلاق النار عليه.
وأثارت هذه المعلومات مشاعر غضب واستياء في ضاحية سانت لويس في بلدة فرغسن، واتهمت عائلة الشاب الشرطة بأنها تحاول الإساءة إلى سمعته أثناء التحقيقات في الحادث.
وشكت جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان من أن مقتل براون هو أحدث حلقة ضمن سلسلة من الوقائع العنصرية ومضايقات الشرطة والاعتقالات التمييزية، كما طرح تساؤلات حول استخدام الشرطة القوة المفرطة لتفريق متظاهرين.
ونظم العديد من الأمريكيين أيضاَ عددا من الوقفات والمسيرات في عدة مدن كبرى بمختلف الولايات تضامناً مع الشاب براون وللتنديد بوحشية الشرطة، وكانت أبرز هذه المظاهرات فى نيويورك ولوس أنجلوس.
وتداعت مدن أمريكية، يومي الجمعة والخميس، في مظاهرات حاشدة تضامناً مع مدينة «فيرغسون» بولاية ميزوري، بدورها بادرت الشرطة ووحدات مكافحة الشغب بإطلاق الرصاص المطاطي ومسيلات الدموع لتفريق المتظاهرين الغاضبين.
بعد الحادثة بدأت في الضاحية اضطرابات استمرت عدة أيام، وشهدت إصابة أشخاص في الاشتباكات مع الشرطة التي استخدمت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق الحشدود، لتتسع الاحتجاجات إلى أكثر من مدينة أخرى.
وطلبت شرطة سانت لويس من المحتجين التجمع في ساعات النهار فقط والتفرق «قبل حلول المساء لضمان سلامة المشاركين والسكان بشكل عام».
وجاءت مناشدة الشرطة عقب ثلاث ليال من الاحتجاجات تخللتها أعمال عنف أدت إلى اعتقال العشرات وإلى وقوع أعمال سلب ونهب واعتداء على المتاجر.
واستخدمت الشرطة السيارات المصفحة لإغلاق الطرق، فيما شبك المحتجون أذرعهم في تحد واضح للأوامر التي بثتها السلطات عبر مكبرات الصوت بضرورة إخلاء المنطقة.
واعتقلت الشرطة صحافيين أمريكيين لفترة وجيزة أثناء تغطيتهما الأحداث ولكن سرعان ما أطلقت سراحهما.
ونشر واحد منهما، وهو الصحفي ويزلي لاوري الذي يعمل في صحيفة الواشنطن بوست، تغريدة في وقت لاحق قال فيها «يبدو أنه يمكن للشرطة الأمريكية في عام 2014 أن تعتقلك وتودعك السجن ومن ثم تتركك وكأن شيئاً لم يكن».
وقال مسؤولون إنه في الأثناء قام عملاء في مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) بالتعاون مع محامين في قسم الحقوق المدنية في وزارة العدل والمدعي العام الأمريكي باستجواب شهود عيان على الأرض. وقالت وزارة العدل في بيان «خلال الأيام المقبلة سيتجول عملاء في الإف بي آي في الأحياء القريبة من موقع الحادث بحثاً عن أفراد قد يكون لديهم معلومات عن عملية إطلاق النار ولم يتقدموا للإدلاء بإفاداتهم».
وأضاف البيان «نطلب من الجمهور التعاون وندعو مجدداً أي شخص يملك معلومات عن حادث إطلاق النار الاتصال بالإف بي آي». وأفادت معلومات من دائرة الشرطة في فرغسن بان مايكل براون (18 عاماً) سرق علبة سيجار من متجر قبل أن يطلق عنصر الشرطة النار عليه ويقتله في وضح النهار في التاسع من أغسطس.
وساهم مقتل براون في تأجيج التوترات العنصرية في ضاحية ذات الغالبية السوداء تنتشر فيها عناصر شرطة من البيض وفي إعادة الجدل إلى الواجهة حول العلاقات بين قوات الأمن والأمريكيين من أصول أفريقية.
ونشرت الشرطة صوراً لكاميرات مراقبة ظهر فيها شاب طويل أسود يرتدي الملابس التي كان يرتديها براون يمسك صاحب متجر من قميصه ويدفعه بقوة.
وقال قائد شرطة فرغسن توماس جاكسون إن الشرطي الذي قتل براون هو دارين ويلسن (28 عاماً) انضم إلى صفوف الشرطة قبل أربع سنوات وملفه نظيف.
وأضاف لاحقاً أن «أول اتصال بين الشرطي وبراون لم يكن له أي علاقة بعملية السرقة».
وأوضح أن ويلسن الذي كان في سيارة للشرطة أوقف براون «لأنه كان يسير في الشارع ويوقف السيارات».
وكشفت هذه المعلومات بعد أول ليلة من الهدوء هذا الأسبوع إثر قرار حاكم ولاية ميزوري جاي نيكسون استبدال القوات المحلية بشرطة الولاية.
وقال الكابتن الأسود رون جونسون المسؤول عن الدوريات على الطرقات السريعة في ولاية ميزوري الذي كلف مهمة فرض النظام في فرغسن إن «الليلة الماضية كان ليلة رائعة».
واستمرت التظاهرات السلمية الجمعة مع مشاركة 300 شخص في محطة بنزين تحولت إلى نقطة تجمع بعد أن نهبت وأحرقت في نهاية الأسبوع.
ونشرت الشرطة تقريراًَ لخصت فيه مضمون شريط لكاميرا مراقبة أظهر أن براون كان يحاول مستخدماً العنف سرقة علبة سيجار قبل 20 دقيقة من حادث إطلاق النار.
وجاء في التقرير «يظهر الفيديو براون يدخل المتجر مع صديق حيث يدور شجار مع موظف فيه».
وأعربت أسرة براون من خلال محامين عن «غضبها الشديد» في ما وصفته بأنه محاولة «شريرة» للإساءة إلى سمعة ولدها الذي لم تكن لديه أي سوابق.
وأضاف المحامون «إن العناصر التي عرضت علينا لا تبرر إطلاقاً إطلاق الشرطي النار على ابنها عندما كان مستسلماً».
وقال جاكسون إنه نشر التقرير في الحادث والفيديو المرتبط به لأنه تلقى «طلبات كثيرة» من وسائل الإعلام بهذا المعنى.
لكن السكان المحليين يشكون في أن تكون شرطة فرغسن تحاول طمس وقائع بعد ستة أيام من وقوع الحادث في وقت تجري فيه شرطة المقاطعة ومكتب التحقيقات تحقيقات موازية.
وقالت امرأة لقناة (سي إن غن) طلبت عدم كشف اسمها «أعتقد أنهم يحاولون إخفاء أمور كثيرة. يحاولون إنقاذ الشرطي لماذا لم يكشفوا هذه المعلومات منذ البداية؟».
والأسبوع الماضي تحولت التظاهرات إلى مواجهات مع الشرطة المحلية التي نشرت وحدات لمكافحة الشغب ومدرعات.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعا الشرطة إلى احترام المتظاهرين في فيرجسون بولاية ميزوري في محاولة لنزع فتيل التوتر بعد مظاهرات شابها العنف على مدى أربع ليال احتجاجاً على مقتل الشاب الأسود.
وأضاف الرئيس الأمريكي: «ليس هناك أي عذر على الإطلاق يدعو لارتكاب أعمال عنف ضد الشرطة، كما إنه لا يوجد عذر لرجال الشرطة للاستخدام المفرط للقوة ضد الاحتجاجات السلمية»، مشيراً إلى أن سلطات الولاية مسؤولة عن إجراء تحقيق شفاف ومفتوح في مقتل الشاب، ولكنه انتقد اعتقال الشرطة اثنين من الصحافيين، قائلاً إنه يعلم أن المشاعر متأججة حالياً.