عمان - (رويترز): يقول رجال أعمال ومسؤولون تجاريون سوريون إنهم قلقون من تعرض شريان الحياة الاقتصادي الذي توفره إيران لضغوط بسبب انخفاض أسعار النفط رغم الرسائل العلنية والدعم الذي تقدمه أقوى حليف إقليمي لسوريا، فيما أكدوا أن البنك المركزي السوري يشعر بانزعاج لأن التراجع في أسعار النفط يؤثر على دعم طهران لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي اعتمد على إيران المنتجة للنفط لمساعدته على خوض حرب أهلية مستمرة منذ ما يقرب من 4 سنوات وفي تدعيم عملة تتعرض لضغوط.
وقال مسؤول تجاري سوري كبير كان يتحدث من دمشق «لو لم يكن الدعم الإيراني المستمر إلى الآن ما كنا نجونا من الأزمة». وأضاف «الدعم الإيراني كان الأهم، وفي المقابل نعدهم بالمزيد والمزيد ونفتح لهم الأبواب أكثر فأكثر للاستثمار في سوريا».
وإنتاج النفط في سوريا التي تخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية تراجع بشدة منذ بداية الحرب حيث سيطر المسلحون المتشددون على منشآت الطاقة.
وفي يوليو 2013 منحت إيران سوريا تسهيلات ائتمانية قدرها 3.6 مليار لشراء منتجات نفطية حسبما أفاد مسؤولون ومصرفيون في ذلك الوقت. وجرى تخصيص مليار دولار أخرى لشراء منتجات غير نفطية.
لكن سوريا سعت إلى الحصول على تطمينات بأن طهران ستحافظ على الوضع الراهن للمساعدات بعد أن انخفضت الأسعار العالمية للنفط بنسبة 50 % في يونيو الماضي عندما سيطرت المعارضة على ما يصل إلى ثلث البلاد. وكانت الرسالة العلنية من إيران بالإيجاب.
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي زار طهران الاسبوع الماضي لتعزيز الدعم الإيراني لسوريا وبشكل خاص لضمان وصول منتجات النفط الإيرانية للأسواق السورية.
وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إن نائب الرئيس إسحاق جهانكيري قال بعد اجتماع مع الحلقي إن «الدعم الاقتصادي الإيراني لسوريا سيستمر بدون توقف». وفقدت الليرة السورية نحو 70% من قيمتها منذ بدء الحرب الأهلية في عام 2011، كما خسرت 10% أخرى من قيمتها خلال الأسبوعين الماضيين وحدهما.
وقال تجار إن التراجع مدفوع بعدة عوامل من بينها إدراك أن الضربات الجوية الأمريكية لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لا تساعد الأسد إلى الحد الذي كان متوقعاً. لكن أحد العوامل الكبيرة تمثلت في الخوف من تراجع قدرة إيران على المساعدة لتعزيز اقتصاد سوريا. ويقول رجال أعمال ومصرفيون مقيمون في دمشق إن البنك المركزي السوري يشعر بانزعاج لأن التراجع في أسعار النفط يؤثر على الدعم الإيراني لسوريا.
وأعلن مسؤولان مصرفيان كبيران تربطهما علاقات وثيقة بالبنك المركزي أن إيران أودعت ما بين 500 مليون و750 مليون دولار في البنك المركزي السوري منذ أكثر من عام استخدمتها السلطات لمساعدتها في الحفاظ على استقرار الليرة.
وأضاف المصرفيان أن البنك قام في الأسابيع القليلة الماضية في بيع الدولار لتعزيز الليرة في واحدة من اكبر عمليات السوق منذ بدء الحرب. ويوجد أجماع عام بين المتعاملين وخبراء البنوك ورجال الأعمال على أن تراجع إيرادات النفط الإيرانية سيكون لها تبعات كبيرة على مستوى الدعم الاقتصادي في المدى البعيد رغم التأثير الضئيل على العلاقات التجارية حتى الآن.
وقال عضو بارز في غرفة الصناعة في دمشق طلب عدم نشر اسمه «الهبوط الشديد الذي بلغ 50% في أسعار النفط سيقصم ظهر إيران وليس فقط مستوى دعم الأسد».
وسلم الإيرانيون توربينات محطات الكهرباء وحصلوا على وعود لإعادة بناء المساكن والطرق والبنية الأساسية التي دمرت في الحرب إدراكاً بأن طهران ستمولها مقابل حصة في الأسهم.
وكل هذا يمكن إجهاضه. غير أن الكثير يعتمد على المدة التي ستبقى أسعار النفط خلالها منخفضة.
ويشعر اثنان من رجال الأعمال السوريين الذين يبيعون منتجات تشمل زيت الزيتون والثياب لتجار إيرانيين من القطاع الخاص بقلق من أن يتم تأجيل سداد المدفوعات.
وقال عضو في غرفة الصناعة السورية من مدينة حلب إنه يفهم أن البند الرئيس في قائمة مشتريات رئيس الوزراء الحلقي في طهران كانت كميات أكبر من واردات منتجات البترول. وأثر تزايد انقطاع الكهرباء على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في الوقت الذي توقف فيه المزيد من حقول الغاز عن العمل مما أجبر السلطات على الاعتماد بشكل أكبر على واردات الوقود لمحطات الكهرباء. وقال تاجر نفط مقره في المنطقة إن سيطرة متشددي «داعش» على بعض المعابر الحدودية مع العراق أدت إلى تعطيل تدفق عشرات الآلاف من براميل الخام من العراق.
وقال تجار إن 4 ناقلات إيرانية قامت بتفريغ شحنتها من منتجات البنزين في الشهرين الماضيين في موانئ سورية. لكنها لم تنه النقص الناجم عن زيادة الطلب في موسم الشتاء مما أدى إلى احتجاجات صغيرة في قرى علوية بالقرب من ميناء اللاذقية معقل تأييد الأسد.