قعواصم - (وكالات): احتشد 3.3 مليون شخص أمس في تجمع غير مسبوق ورددوا وسط الدموع والابتسامات «شارلي شارلي!» في شوارع باريس التي أصبحت ليوم واحد «عاصمة العالم» ضد الإرهاب مع مسيرة تاريخية تقدمها قادة أجانب جنباً الى جنب. وأجمع المعلقون والمشاركون في المسيرة على أنها «تاريخية» و»لا تصدق» في معرض وصفهم لحدث غير مسبوق من حيث حجمه في العاصمة الفرنسية التي شهدت «مسيرة جمهورية» ضد الإرهاب بعد سلسلة هجمات أوقعت 17 قتيلاً و20 جريحاً خلال 3 أيام في فرنسا.وهي مسيرة استثنائية أيضاً بسبب بعدها العالمي مع صورة القادة الأجانب يسيرون في شوارع باريس إلى جانب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي أحاط به الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وظهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المسيرة على بعد أمتار من رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتقدم القادة بصفوف متراصة وأمسك عدد منهم بأيدي بعضهم البعض.وقام عدد من قادة الدول بتحية الحشود وخاصة الذين كانوا على شرفات الجادة التي تقدمت فيها المسيرة.ولا يبعد مكان المسيرة كثيراً عن مقر صحيفة «شارلي إيبدو» التي تعرضت لاعتداء الإربعاء الماضي أوقع في مكتبها وفي الشارع قبالته 12 قتيلا. كما قتل 5 أشخاص في اعتداءات أخرى وقعت الخميس والجمعة الماضيين.وشارك في المسيرة أيضاً العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وزوجته الملكة رانيا ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي.وقالت الملكة رانيا إن وجودها والعاهل الأردني في باريس هو من أجل الوقوف مع شعب فرنسا في «ساعات حزنه الأشد» ومن أجل الوقوف «ضد التطرف بكل أشكاله».من جهته قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن عنف المتطرفين سيظل يشكل تهديداً لعدة سنوات قادمة.والقادة الأجانب الذين يرافقون الرئيس الفرنسي لزموا دقيقة صمت قبل مغادرة المسيرة وقد صفق لهم الحاضرون عند انضمامهم إليها. وقام هولاند بتحيتهم واحداً واحداً لينضم بعدها إلى مجموعة من أقارب ضحايا الاعتداءات. وقال رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي بباريس إن أوروبا ستكسب «تحدي الإرهاب».وقال الرئيس الفرنسي قبل الانضمام إلى التظاهرة أن «باريس اليوم هي عاصمة العالم».من جهته، دعا وزير داخلية بلجيكا جان جانبون إلى وضع «لائحة أوروبية للمقاتلين الأجانب» الذين ينضمون إلى تنظيمات متطرفة وذلك قبل مشاركته في الاجتماع الوزاري الدولي بباريس حول مكافحة الإرهاب.من ناحيته، أعلن وزير الداخلية الإسباني خورخيه فرنانديز دياز أنه سيدافع في باريس عن فكرة تعديل اتفاقية شنغن للسماح بمراقبة الحدود الداخلية للاتحاد الاوروبي للحد من تحرك المقاتلين العائدين الى أوروبا. وتدفق آلاف الاشخاص بعضهم بعيون دامعة الى ساحة الجمهورية نقطة انطلاق المسيرة. وكتب على لافتات رفعها المتجمعون ترحما على ضحايا الاعتداءات الارهابية بباريس، «ارفعوا أقلامكم» و»حرية، مساواة، ارسموا، اكتبوا». وتقدمت عائلات الضحايا المسيرة وسط إجراءات أمنية مشددة بوجود قناصة على طول الطريق في العاصمة الفرنسية التي انتشرت فيها قوات الأمن.ونشر أكثر من 5500 شرطي لضمان أمن المسيرة التي انطلقت من ساحة لاريبوبليك «الجمهورية» لتصل إلى ساحة لاناسيون «الأمة». وتفصل بين الساحتين 3 كيلومترات. وأفادت الشرطة الفرنسية بأنه، إضافة إلى التظاهرة الضخمة في باريس، جمعت التظاهرات المنددة بالإرهاب نحو 600 ألف شخص في بقية المدن الفرنسية نحو ثلثهم في مدينة ليون، ثالث المدن الفرنسية.وفي ساحة الجمهورية تجمع المتظاهرون حتى قبل انطلاق التظاهرة ورفعوا الإعلام الفرنسية.وقال لحسين تراوري «34 عاماً» الفرنسي المسلم واصله من ساحل العاج الذي قدم ومعه 17 شمعة إلى ساحة الجمهورية انه يتظاهر «لتجديد التاكيد على قيم فرنسا» وإظهار أن «فرنسا قوية وموحدة».وقال دانيال الموسيقي اليهودي «30 عاماً» «يمكننا العيش معاً لأننا نتقاسم القيم نفسها، الحرية واحترام الآخر مع كل الاختلافات في ما بيننا».وجرت تظاهرات أيضاً في العديد من العواصم الأوروبية والمدن الأمريكية حيث تجمع آلاف الأشخاص في مدريد ولندن وبروكسل أو واشنطن تضامناً مع فرنسا.وصباح الأحد التاريخي عقد مؤتمر دولي حول الإرهاب بشكل طارىء في باريس. ودعا وزراء الداخلية الأوروبيون ونظيرهم الأمريكي إلى تعزيز مراقبة التحركات على الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي.وأعلن وزير العدل الأمريكي إريك هولدر أن قمة لمكافحة الإرهاب ستعقد في 18 فبراير المقبل في الولايات المتحدة.من جانب آخر قال هولدر انه «لا توجد معلومات موثوقة» حتى الان على ان تنظيم القاعدة كان وراء الهجمات في فرنسا التي أودت بحياة 17 شخصاً.وقبل ذلك، أكد هولدر أن الولايات المتحدة قلقة بشأن شن متشددين يستلهمون فكر تنظيم القاعدة والتنظيمات المرتبطة به هجمات فردية في الولايات المتحدة.وفي وقت سابق، هدد المسؤول الشرعي في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب حارث النظاري فرنسا بهجمات جديدة في شريط فيديو بثته الجمعة الماضي مواقع جهادية بعد الاعتداء الذي نفذه الشقيقان كواشي اللذين ينتميان إلى هذه المجموعة ضد «شارلي إيبدو».ومنذ الإرهاب تخضع باريس وضواحيها لحالة إنذار قصوى في مواجهة الإرهاب مع تعبئة آلاف عناصر الشرطة والدرك الذين يقومون بدوريات في الشوارع وفي وسائل النقل العالم وأبرز المواقع السياحية في العاصمة الفرنسية.في سياق متصل، قال مصدران يمنيان كبيران إن الشقيقين شريف وسعيد كواشي اللذين نفذا الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» سافرا إلى اليمن عبر عمان في عام 2011 وتدربا على استخدام الأسلحة في صحراء مأرب أحد معاقل القاعدة. كما تناقلت حسابات لجهاديين على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر فيه رجل يقدم نفسه على أنه أميدي كوليبالي، أحد منفذي عمليتي احتجاز الرهائن في باريس، وهو يبايع زعيم تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» ويؤكد شراكته مع الأخوين كواشي في عملية «شارلي إيبدو» والحوادث التي تلتها.\ى\ى\ق«بيلد»: اعتداءات فرنسا مقدمة محتملة لموجة هجمات بأوروبا