1400 فرنسي يرغب في القتال بسوريا والعراق
نتنياهو دعا نفسه لتظاهرة باريس.. وفرنسا رفضت حضوره
تركيا: حياة بومدين في سوريا منذ 8 يناير


عواصم - (وكالات): أعلنت فرنسا أمس نشر آلاف العسكريين ورجال الشرطة لمواجهة خطر وقوع اعتداءات جديدة وخصوصاً حماية المدارس وأماكن العبادة اليهودية، غداة يوم تاريخي شهد مسيرات ضخمة ضد الإرهاب، فيما أكد مرصد مكافحة «الإسلاموفوبيا» التابع للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة، أنه رصد وقوع 54 عملاً مناهضاً للمسلمين في فرنسا منذ الاعتداء الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو»، ودعا السلطات الفرنسية إلى «تعزيز الرقابة على المساجد».
وأعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في ختام اجتماع حول الأمن الداخلي في قصر الإيليزيه نشر 10 آلاف عسكري اعتباراً من اليوم لضمان أمن «النقاط الحساسة في البلاد»، بأمر من الرئيس فرنسوا هولاند.
وأكد وزير الدفاع أنها «المرة الأولى التي يتم فيها حشد مثل هذا العدد من القوات على أراضينا»، مشيراً إلى «حجم التهديدات» التي لا تزال تواجهها فرنسا. وسبق أن أعلن وزير الداخلية برنار كازنوف نشر 5 آلاف عنصر من قوات الأمن والشرطة لحماية 717 مدرسة وأماكن عبادة يهودية في البلاد. وقال رئيس الوزراء مانويل فالس إن «المطاردات مستمرة» بحثاً عن «شريك» أو أكثر لمنفذي اعتداءات الأسبوع الماضي الثلاثة في باريس التي أوقعت 17 قتيلاً.
وقال فالس إن «المطاردة مستمرة، نعتبر أن هناك بالفعل شركاء محتملين على الأرجح». وأعلنت الحكومة الفرنسية أن 1400 فرنسي أو مقيم في فرنسا قد رحلوا أو أبدوا رغبة في الرحيل للقتال في سوريا والعراق مشيرة إلى مقتل 70 منهم هناك. وحذر هولاند من أن «فرنسا لم تنته من التهديدات» فيما أقرت الحكومة بوجود «ثغرات» في الأمن في وقت تحركت فرنسا في عدة عمليات ضد المتطرفين. فغداة التظاهرات التي جمعت 3.7 مليون شخص في شوارع البلاد للتعبير عن اتحادها وألمها بعد العنف الحاد، تواجه الطبقة السياسية الفرنسية كاملة تحدي الحفاظ على الوحدة التي تلت الهجمات والبناء عليها. ونزل مد بشري قياسي أمس الأول إلى الشوارع فاق عدده 3.7 مليون نسمة، بينهم 1.2 إلى 1.6 مليون في باريس وحدها بحسب وزارة الداخلية. وسار هؤلاء إلى جانب هولاند و50 مسؤولاً كبيراً من العالم أجمع، في أضخم تعبئة شعبية تشهدها فرنسا في تاريخها.
وعلقت الصحف الفرنسية والدولية على صفحاتها الأولى على الحدث: «نحن شعب»، «الحرية تسيــــر»، «انهضـــوا»، «المسيرة الكبرى». ودعا فالس إلى «تجنــب تراجع روحية 11 يناير» مشدداً على مكافحة معاداة السامية. ومن بين الضحايا الـ 17 الذين قتلهم الإرهابيون الثلاثة، 12 سقطوا في المجزرة التي وقعت الأربعاء الماضي في صحيفة شارلي إيبدو بينهم 4 من أشهر رسامي الكاريكاتير وشرطيان، والشرطية الشابة التي قتلت الخميس الماضي، و4 يهود قتلوا الجمعة الماضي في متجر أغذية.
وحاز الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرنسوا هولاند في الأيام الخمسة الأخيرة على دعم غير مسبوق من فرنسا متضافرة، لم يشهده منذ تولي منصبه في 2012.
حتى أن سلفه وخصمه الرئيسي رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني نيكولا ساركوزي أقر بأن هولاند «فعل ما يتوجب عليه القيام به». وأقرت الحكومة إنشاء لجنة برلمانية للتحقيق اقترحها الرئيس السابق ساركوزي فيما اقترح رئيس الحزب الاشتراكي الحاكم جان كريستوف كامباديليس لقاء بين «مجمل أحزاب الجمهورية» لبحث مسائل الأمن. ورداً على مطالبات اليمين بتشديد التشريعات لمكافحة الإرهاب، حذر فالس من «الإجراءات الاستثنائية»، على غرار قانون «باتريوت أكت» الذي أقر في الولايات المتحدة في أعقاب 11 سبتمبر وانتقد لتقييده الحريات العامة. غير أنه أعرب عن تأييده تشديد نظام التنصت في التحقيقات في قضايا مكافحة الإرهاب معرباً عن السعي إلى تعميم الحجز الانفرادي للمتشددين لمكافحة أنشطة نشر التطرف. وكان منفذ عملية احتجاز الرهائن في المتجر اليهودي أحمدي كوليبالي وشريف كواشي، الذي شارك وشقيقه سعيد في مجزرة شارلي إيبدو، أمضيا فترة في السجن قبل إقدامهما على الهجمات الأخيرة.
ويتواصل إحياء ذكرى ضحايا الهجمات طوال الأسبوع. ومن المقرر انعقاد مراسم رسمية في ذكراهم جميعاً خلال الأسبوع في صرح ليزانفاليد، حيث ضريح نابوليون، وإحياء مراسم أخرى في مقر الجمعية الوطنية.
في السياق ذاته، أعلن مرصد مكافحة «الإسلاموفوبيا» التابع للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة، أنه رصد وقوع أكثر من 50 عملاً مناهضاً للمسلمين في فرنسا منذ الاعتداء الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو»، ودعا السلطات الفرنسية إلى «تعزيز الرقابة على المساجد». ونقل رئيس المرصد عبدالله ذكري أرقاماً صادرة عن وزارة الداخلية تضمنت تسجيل وقوع 54 عملاً مناهضاً للمسلمين منذ الأربعاء الماضي وهي 21 اعتداء «إطلاق نار أو إلقاء قنابل»، و33 تهديداً «وخصوصاً شتائم». وأعرب عن «صدمته حيال ارتفاع موجة الإسلاموفوبيا بينما شاركنا في المسيرة بهدوء وصدق جنباً إلى جنب ضمن تنوع المتظاهرين وأعلنا إدانتنا الواضحة للإرهاب». وأعرب ذكري عن أسفه وقال «حتى مسجد باريس الكبير رمز الإسلام في فرنسا لا يحظى بحراسة خاصة». من جانبه، دان البابا فرنسيس «الأشكال المنحرفة للدين» التي تسببت بـ «المجزرة المأساوية» في باريس.
وقام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي دعا نفسه إلى المسيرة أمس الأول، بزيارة المتجر اليهودي الذي شهد عملية احتجاز رهائن.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نتنياهو قام بدعوة نفسه إلى التظاهرة الجماهيرية رغم طلب الرئاسة الفرنسية منه عدم الحضور. وبعد دعوته المثيرة للجدل ليهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل، أشاد نتنياهو «بتصميم» هولاند وفالس «في مواجهة معاداة السامية الجديدة والإرهاب». وبدت التعبئة الشعبية غير مسبوقة خاصة من حيث بعدها العالمي، وانعكست في مشاهد مذهلة للقادة الأجانب يسيرون في صف واحد، بعضهم لا حوار بينهم على غرار نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأثارت الهجمات في فرنسا موجة احتجاجات عارمة حول العالم، حيث نظمت مسيرات دعم في عدة عواصم أوروبية وأمريكية على غرار مدريد ولندن وبروكسل وبرلين وواشنطن ومونتريال وغيرها. في شأن متصل، قال محامي صحيفة «شارلي إيبدو» إن عدد الصحيفة هذا الأسبوع الذي أعده الناجون من الحادث سيتضمن رسوماً كاريكاتيرية خاصة بالإسلام مسيئة للرسول الكريم. من ناحيته، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أن حياة بومدين، رفيقة أميدي كوليبالي، دخلت سوريا في 8 يناير الجاري عبر تركيا.
ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري باريس الجمعة المقبل تضامناً مع ضحايا الهجمات، ورفض الانتقادات بشأن عدم انضمام أي مسؤول أمريكي كبير إلى زعماء العالم الآخرين في المسيرة الحاشدة التي أقيمت لتأبين ضحايا الهجمات.