إعداد: وليد صبري
قال علماء ودعاة إن «اللين صورة من صور الرحمة، يضعها الله في قلب العبد، فالمؤمن اللين الرفيق، أحق الناس برحمة الله عز وجل»، مشيرين إلى أن «قسوة القلب قد تكون أحياناً نتيجة المعاصي، ومظهراً من مظاهر غضب الله سبحانه وتعالى على العبد».
وأضافوا أن «المسلم لينال باللين ما لا يناله بالغلظة والشدة»، موضحين أن «الانشغال بلغو الكلام، وتتبع الهفوات، يجفف منابع اللين في القلب، وتنعكس آثار ذلك وتظهر في صورة حدة في التعامل».
وقالوا إن «العلاقات الأسرية مع الأهل وذوي الرحم، ينبغي أن يسودها الرفق واللين، للمحافظة على تماسك بنيان الأسرة المسلمة، وصفاء أجوائها»، مشددين على أنه «ليس المقصود باللين عدم إنكار المنكر، وإنما اللين في الأسلوب، حيث يغني اللين ويحقق الغرض، وذلك باستنفاد جميع الوسائل الممكنة التي تضمن الاستجابة، ولا تستعدي الآخرين».
من جهته، قال الداعية الشيخ عبدالله بن علي بصفر إن «من صفات الرسول الكريم اللين والرفق، قال الله تعالى في كتابه الكريم: «ولوكنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»، فالإسلام دين اللين والرفق والرحمة، والله سبحانه وتعالى رفيق، ورسوله يحب الرفق، ويدعو أمته أن تتصف بهذه الصفة العظيمة الكريمة، فهي صفة من صفات القوة وليست صفة من صفات الضعف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله»، فالرفق صفة من صفات الله، إلا إذا انتهكت حرمات الله، وفي رواية لمسلم قال أيضاً: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه».
وشدد على أن «العلاقات الأسرية مع الأهل وذوي الرحم، ينبغي أن يسودها الرفق واللين، للمحافظة على تماسك بنيان الأسرة المسلمة، وصفاء أجوائها».
واستشهد الشيخ بصفر بأحاديث الرسول الكريم التي قال فيها «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي أمر أمتي فرفق بهم فارفق به». وإذا كان قصدنا الفوز برضا الله عز وجل، والنجاة من النار، فإن المسلم لينال باللين ما لا يناله بالغلظة والشدة، قال عليه الصلاة والسلام: «ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار، على كل قريب هين لين سهل»».
ويمكن أن تكون السلوكيات اللينة مدخلاً إلى اكتساب اللين القلبي، فقد شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال له: «إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم».
والرفيق الرحيم أحق الناس برحمة الله عز وجل كما في الحديث: «الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء «. وقال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا» .
وحتى الرحمة بالمخلوقات من أسباب استحقاق رحمة الله في الآخرة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة».
وتابع الشيخ بصفر «الهين اللين ينسحب رفقه على كل صور حياته، التي تقتضي السماحة واللين في التعامل مع المؤمنين، حتى يحظى بمحبة وعون الله سبحانه وتعالى».
وأضاف أن «صورة الشديد الغليظ، الغاضب العنيف، صورة مشينة معيبة تنفر منها الطباع البشرية، بينما صورة السهل الرفيق، اللين اللطيف، صورة تزين صاحبها، وترتاح إليها النفوس، وتأنس إليها القلوب».
من جانبه، قال الداعية الشيخ سليمان الجبيلان إن «التوازن في شخصية المسلم ليجمع الشدة والرحمة، وإن من الحكمة مراعاة كل ظرف بما يناسبه، والتعامل مع كل حالة بما تقتضيه، من الأخذ بقوة أو الرفق واللين، غير أنه يبقى أن الأصل في التعامل الاجتماعي اللين والرقة، ما لم يقم ما يقتضي خلاف ذلك».
أما حين تنضب ينابيع العاطفة، فلابد من تطهير القلب من عوامل القسوة، لتنعكس صورة اللين على المعاملة والسلوك . ورأى السلف الصالح أن «قسوة القلب قد تكون أحياناً نتيجة المعاصي، ومظهراً من مظاهر غضب الله سبحانه وتعالى على العبد، وفي هذا الصدد، قال مالك بن دينار: «ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم»».
ولاشك في أن الانشغال بلغو الكلام وتتبع الهفوات يجفف منابع اللين في القلب. وقد جاء في موطأ الإمام مالك رحمه الله قوله: «بلغني أن عيسى عليه السلام قال لقومه: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى، فتقسو قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية»».
970x90
970x90