الخضيرة - (الجزيرة نت، أ ف ب): تواصل غضب المهاجرين اليهود من أصل أثيوبي في إسرائيل، واصطدموا مع الشرطة في قلب تل أبيب خلال احتجاجهم على الممارسات العنصرية ضدهم، بعد احتجاجات مشابهة لهم في القدس المحتلة الخميس الماضي فجرها اعتداء رجل شرطة على جندي أثيوبي.ويشكو يهود الفلاشا الذين هاجروا إلى إسرائيل عدم وجود «الجنة» الموعودة التي حلموا بها هناك، وقالوا إنهم وجدوا أنفسهم مهمشين يعيشون على حواف المجتمع ويشكون العنصرية التي تظهر تباعاً، وآخرها الاعتداء على مجند منهم مما فجر الغضب الدفين فيهم.ورفع المتظاهرون في «ميدان رابين» بقلب تل أبيب لافتات تندد بالعنصرية وتدعو إلى مساواة الأثيوبيين ودمجهم في المجتمع الإسرائيلي، وهتفوا ضد الشرطة واتهموها بالعنصرية والعدوانية تجاههم. وتحولت المظاهرة إلى مواجهة مع الشرطة الإسرائيلية التي استخدمت الهراوات والخيول وقنابل الصوت والغاز ضد متظاهرين رجموها بالحجارة، وأصيب العشرات من الطرفين.واعترف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بأن إسرائيل ارتكبت «أخطاءً» بحق اليهود الأثيوبيين ووصف معاناتهم بـ»الجرح المفتوح».وتفتح تلك الواقعة وضع اليهود الفلاشا في إسرائيل والذين يبلغ عددهم نحو 140 ألفاً موزعين على 19 بلدة ويعيشون في أحياء فقيرة ومهملة ومدن صفيح على أطراف المدن القائمة، كما هو الحال في مدينتي الخضيرة والعفولة، حيث تتزايد نسبة المعتقلين الجنائيين بينهم وتبلغ نحو 40% خصوصاً من الشباب الذين يعانون الفقر والبطالة.وقال يائير عاليمو «30 عاماً» المقيم في العفولة إنه يبحث عن عمل منذ عامين دون جدوى، وإن عائلته المكونة من 9 أفراد تكابد فقراً صعباً، مضيفاً «أرباب العمل يفضلون العمال البيض، أما السود فلا يحظون برعاية الدولة». كما يشكو تفشي العنصرية في مختلف مناحي الحياة داعياً للتنبه للبنى التحتية المتآكلة في حي عفولة عليت الذي يعيش فيه.وتتكرر الشكوى على لسان شيمعون ألاما «49 عاماً» المقيم في حي «الغفعاه» في العفولة الذي يعاني أيضاً من الإهمال وفقدان مصادر العمل وخدمات الرفاه والصحة، ويقول ألاما إن أكثر ما يضايقه هو «الإهانة التي يتعرض لها أبناؤه في المدرسة من زملائهم الإسرائيليين الذين يعاملونهم باستعلائية وازدراء».ويضيف إنه كان طفلاً حينما شارك ذووه بالسير على الأقدام من أثيوبيا حتى السودان طيلة أسبوعين، وناموا على الطرقات حتى نقلتهم خلسة طائرات إسرائيلية للبلاد، «وكنا نعتقد أننا في الطريق إلى جنة عدن ولم نتخيل مواجهة هذه العنصرية والاستخفاف، ولذا أحن اليوم إلى موطني الأول رغم قسوة المعيشة هناك».أما المسن مامو غواتشا «75 عاماً» والمقيم في الخضيرة داخل حي مهمل، فيرى أن العنصرية «تبقى أخف من الجوع والعطش»، لذلك يستبعد العودة إلى أثيوبيا، لكنه يشير إلى فقدانه الشعور بالانتماء والمعاناة من الإقصاء من قبل الإسرائيليين الذين يرفضون مجاورتهم وتأجيرهم شققاً، وأحياناً عدم تشغيلهم.لكن رئيس حزب «ميرتيس» المعارض إيلان غيلؤون فيعتبر ما يتعرض له الفلاشا «عارضاً لتفشي العنصرية في إسرائيل التي سعت جاهدة لاستقدامهم وأهملت استيعابهم».يذكر أن هجرة يهود الفلاشا إلى إسرائيل بدأت مبكراً، لكن أغلبيتهم وصلوا في عمليتي «موسى» عام 1984 و»سليمان» عام 1991، حينما نقلت آلاف منهم عن طريق السودان بتنسيق سري من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد».