دفعت العديد من التطورات السلبية على صعيد الاقتصاد العالمي، إضافة إلى مشكلات العرض والطلب في سوق النفط، إلى تهاوي أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ شهور عديدة خلال شهر يوليو لتعود إلى الارتفاع بشكل طفيف بما نسبته 4% في بداية الأسبوع الأول من شهر أغسطس مدعومة بتوقعات المحللين والمضاربين على ارتفاع سعر النفط. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد استمرت محادثات اليونان مع دائنيها بشأن صفقة إنقاذ جديدة في حين واصل سوق الأسهم في الصين تراجعه بعد فشل مساعي الحكومة الصينية للحد من وطأة التباطؤ الاقتصادي.
ومن بين التطورات الهامة خلال يوليو، تخفيض البنك المركزي الصيني قيمة اليوان بنسبة 1.9% من أجل تحفيز النمو الاقتصادي للصين ودعم الصادرات مما أدى إلى تراجع سعر اليوان إلى أدنى مستوى له خلال العقدين الماضيين. وعلى الرغم من أن الحكومة قد وصفت هذا الإجراء بالخطوة الاستثنائية وغير المتكررة، الا أن تخفيض قيمة العملة الصينية قد أدى إلى حدوث تراجع للأسواق العالمية على اثر عمليات البيع الجماعي التي شهدتها أسواق السلع وعملات الأسواق الناشئة. وأدى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي إلى ارتفاع تكلفة الواردات الصينية من النفط، والتي من المتوقع أن تتباطأ في المدى القريب على أقل تقدير. هذا وجاء قرار تخفيض قيمة العملة الصينية بعد صدور تقرير يشير إلى تراجع حاد في الصادرات الصينية وانخفاض غير متوقع في نشاط التصنيع وأسعار الإنتاج إلى أدنى مستوى منذ ستة أعوام في شهر يوليو.
إضافة إلى ذلك، توقفت عمليات المضاربة على ارتفاع أسعار النفط في بداية شهر أغسطس مع قرب انعقاد اجتماع طارئ لمنظمة أوبك، مما أدى إلى تراجع أسعار الخام، حيث أوضحت المنظمة أنها لا تنوي عقد اجتماع طارئ لوقف انخفاض أسعار النفط. إلى جانب ذلك، ارتفع عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة وفقاً لشركة بيكر هيوز بمعدل 6 منصات ليصل مجموعها إلى 670 منصة حفر حتى الأسبوع الماضي مما أدى إلى تفاقم مشكلات الزيادة في المعروض النفطي.
واستقر سعر سلة خامات أوبك دون مستوى الدعم البالغ 60 دولاراً للبرميل خلال شهر يوليو، في حين تسارعت وتيرة التراجع في التعاملات الأولية لشهر أغسطس لينخفض سعر نفط أوبك إلى أقل من مستوى الـ 50 دولاراً للبرميل مسجلاً بذلك مستوى جديداً من الانخفاض مقارنة مع الشهور الماضية. هذا وقد بلغ متوسط سعر سلة أوبك خلال شهر أغسطس 47.59 دولار للبرميل (لغاية 10-أغسطس)، أي بانخفاض بلغت نسبته 12.2% بالمقارنة مع متوسط السعر المسجل في شهر يوليو. أما من ناحية أداء سلة أوبك منذ بداية عام 2015 الحالي وحتى تاريخه، فقد استقر متوسط سعر سلة أوبك من النفط عند 54.69 دولاراً للبرميل بانخفاض بلغت نسبته 43.2% بالمقارنة مع المتوسط المسجل في عام 2014 والبالغ 96.29 دولاراً للبرميل.
إلى ذلك، واصل سعر النفط الخام الكويتي انخفاضه للشهر الثاني على التوالي حيث بلغ متوسط السعر 53.9 دولار للبرميل خلال شهر يوليو، أي بمقدار 5.4 دولارات للبرميل أو بتراجع بلغت نسبته 9.1% بعد شهرين متتاليين من الارتفاع الملحوظ .
وأنهى النفط الخام الكويتي تداولات شهر يوليو عند سعر 51.73 دولاراً للبرميل مسجلاً انخفاضاً شهرياً بنسبة 12.0%، مقارنة مع تراجع بلغت نسبته 0.7% خلال الشهر السابق. واستمر سعر النفط الخام الكويتي في الانخفاض خلال شهر أغسطس ليصل إلى 46.34 دولاراً للبرميل (في 06 - أغسطس)، مسجلاً بذلك أدنى انخفاض له منذ شهر يناير. ومن ناحية أخرى، بلغ متوسط السعر الفوري لمزيج برنت 56.56 دولاراً للبرميل خلال شهر يوليو مسجلاً بذلك انخفاضاً بلغت نسبته 8.0% أو بمقدار 4.92 دولارات للبرميل.
من ناحية أخرى، تم رفع توقعات نمو الطلب العالمي على النفط لعام 2015 إلى 90 ألف برميل يوميا مقارنة مع توقعات الشهر السابق، حيث من المقدر أن يرتفع النمو بمقدار 1.38 مليون برميل يومياً عن مستواه في عام 2014 ليصل إلى حوالي 92.61 مليون برميل يومياً. هذا وتبين هذه المراجعة بصفة أساسية الارتفاع الأعلى من المتوقع في معدل الطلب من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأمريكية والأوروبية خلال الربعين الأول والثاني من عام 2015 قد وازنه جزئياً انخفاض هامشي في الطلب من دول آسيا الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
كما أظهرت البيانات الصادرة حتى شهر مايو الماضي أن الطلب على منتجات النفط في الولايات المتحدة قد استمر في الارتفاع وخاصة وقود وسائل النقل وذلك تماشيا مع انخفاض سعر النفط، في حين أظهرت البيانات أن الطلب على النفط من دول أوروبا في شهر يونيو قد واصل النمو ولكن بوتيرة أبطأ بالمقارنة مع معدله في الشهر السابق. إلى ذلك، لم يحدث أي تغيير يذكر لتقديرات الطلب العالمي على النفط لعام 2016 مقارنة بالتقديرات السابقة حيث يتوقع أن ينمو الطلب بمعدل 1.34 مليون برميل يومياً عن مستواه في عام 2015.
إضافة إلى ذلك، تمت مراجعة المعروض النفطي من الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لعام 2015 ليصل إلى 90 ألف برميل يوميا، متماشيا مع نمو الطلب على النفط العالمي حيث من المتوقع حالياً أن ينمو بمقدار 0.96 مليون برميل يومياً بمتوسط يصل إلى 57.46 مليون برميل يومياً. ويعزى ارتفاع المعروض النفطي بصفة أساسية لنمو الإنتاج النفطي إلى مستوى أعلى من المتوقع في بحر الشمال، والصين، وكولومبيا وروسيا والولايات المتحدة خلال الربع الثاني من عام 2015.
من ناحية أخرى، تمت مراجعة توقعات نمو المعروض النفطي من الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لعام 2016 بانخفاض مقداره 40 ألف برميل يومياً، حيث من المتوقع أن يصل إلى 57.73 مليون برميل يومياً وفقاً لمراجعة خاصة بالتقديرات المستقبلية.
إلى ذلك، سجل إجمالي الإنتاج النفطي للدول الأعضاء في منظمة الأوبك تراجعاً هامشياً خلال شهر يوليو مقارنة بمستواه في شهر يونيو ليصل إلى 32.1 مليون برميل يومياً. وتراجع تأثير ارتفاع معدل الإنتاج النفطي في المملكة العربية السعودية بسبب انخفاض مستوى الإنتاج في باقي الدول الكبرى المنتجة للنفط والأعضاء في منظمة أوبك. هذا وارتفع معدل الإنتاج النفطي في السعودية بمقدار 70 ألف برميل يومياً ليصل إلى 10.57 مليون برميل يومياً، في حين شهد معدل الإنتاج النفطي في العراق انخفاضا بلغت نسبته 4.4% أو بمقدار 194 ألف برميل يوميا ليصل إلى 4.2 مليون برميل يومياً. إضافة إلى ذلك، تراجع معدل الإنتاج النفطي في نيجيريا بنسبة 3.6% أو بمقدار 70 ألف برميل يومياً ليصل إلى 1.88 مليون برميل يومياً خلال شهر يوليو، فيما سجلت معدلات الإنتاج في الإمارات العربية المتحدة وأنجولا تراجعاً مماثلاً بنسبة 3.4% و3.2% ليصل إلى 2.8 مليون برميل يومياً و1.81 مليون برميل يومياً، على التوالي. في حين، استقر معدل الإنتاج النفطي في إيران عند 2.85 مليون برميل يومياً، وهو ذات المستوى المسجل في الشهر السابق.