مازال الرأي العام البحريني غاضباً من استمرار الأعمال الإرهابية في مناطق عدة، وهي أعمال جبانة مدعومة بأيدٍ إيرانية مكشوفة، ويحق للبحرينيين أن يتعاطفوا معاً تجاه أي تحد يواجهونه، خاصة أن التحدي يتعلق بأمنهم ومصيرهم ومكتسباتهم وأيضاً مستقبلهم.
رجال الأمن قدموا التضحيات الكثيرة، ورجال النيابة العامة قاموا بجهود كبيرة من أجل الحفاظ على النظام والأمن العام، وهو ما عكس حساً أمنياً رفيعاً، ومسؤولية وطنية كبيرة تستحق كل ثناء وتقدير.
حفظ الأمن وتطبيق القانون وترسيخ النظام حلقة تبدأ بأفراد المجتمع وفق مفهوم الشراكة المجتمعية، ثم تنتقل إلى دور رجال الأمن، وبعدهم أعضاء النيابة العامة، وتنتهي عند أعضاء السلطة القضائية الذين يتولون مهام البت في القضايا الإرهابية المختلفة بإصدار أحكامهم وفق ما يقتضيه القانون.
طول إجراءات التقاضي، ساهم في إضعاف مبدأ الردع الذي يمكن أن يتم بصدور الأحكام القضائية، ومن ثم زادت الأعمال الإرهابية مؤخراً. فمن يسعى للتورط في الإرهاب يدرك جيداً أنه لن يحاكم سريعاً، وسيظل شهوراً طويلة إن لم يكن سنوات إلى أن تنتهي مستويات التقاضي الثلاث الرئيسة، وقد تكون قضية الشهيد الشحي مثالاً واضحاً عما نقصده بعد أن مر عام وخمسة شهور ولم ينفذ الحكم حتى الآن في الإرهابيين المتورطين بالجريمة النكراء.
كم عدد قضايا الإرهاب المنظورة لدى السلطة القضائية، والتي لم تحسم بعد أو مازالت تنتقل في مستويات التقاضي؟
بالتأكيد عددها كبير جداً، ولا يتناسب مع طريقة تعاطي القضاء البحريني مع تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف. رجال الأمن العام قاموا بتطوير إمكانياتهم وقدراتهم في مواجهة الإرهاب، والنيابة العامة أيضاً قامت بإنشاء نيابة متخصصة لمباشرة الأعمال الإرهابية، ومحاكمنا مازالت تسير وفق نمطية الظروف العادية التي يمكن أن يمر بها أي مجتمع لا يواجه أعمالاً إرهابية.
ففي ظروف استثنائية نتوقع اجتماعات مستمرة للمجلس الأعلى للقضاء لمناقشة كيفية مواكبة تطور الأعمال الإرهابية، وبحث الإسراع في إنشاء محاكم متخصصة للإرهاب قادرة على استيعاب العدد الهائل من القضايا في هذا المجال. ولكننا للأسف نفاجأ بدخول الإجازة القضائية الطويلة، فكيف يكون نظامنا القضائي في شبه إجازة والمجتمع يواجه الإرهاب وينتظر الشهور الطويلة ليصدر حكماً ابتدائياً!
ظروفنا لا تحتمل التأخير، وحان الوقت لمصارحة وطنية، ومكاشفة ذات مسؤولية، جزء من الردع يكون في نوع العقوبة، والجزء الآخر من الردع يتمثل في سرعة إصدار الأحكام القضائية، وهي مسؤولية جماعية لأن ما نواجهه من إرهاب يتطلب حسماً قضائياً سريعاً، كما فعلت دول العالم عندما واجهت الإرهاب. نحن على ثقة في إمكانيات وقدرات أعضاء السلطة القضائية، ونقدر جهودهم كافة كما نقدر جهود رجال الأمن والنيابة العامة، ولكن مسؤوليتنا تلزمنا الصراحة، فلا مواربة في أمن الوطن، ولا مجاملة في حماية مكتسباته.
يوسف البنخليل