قال الخبير والباحث البحريني في مجال الآثار والتاريخ د.عبد العزيز صويلح إن الإمكانيات الطبيعية هي التي كانت وراء حضارة دلمون، وأهمها الموقع الجغرافي الاستراتيجي بالنسبة للخليج العربي كممر مائي حيوي لسفن التجارية، وتوفر مصادر المياه العذبة والأراضي الصالحة للزراعة، مؤكداً، في محاضرة بعنوان «ماذا نعرف عن حضارة دلمون»، ونظمها مؤخراً مركز الجزيرة الثقافي بالمحرق، أن الإمكانيات الهائلة هي التي هيأت الظروف لقيام حضارة دلمون ومن أهمها خيرات البحر من أسماك ولؤلؤ، والتي كانت على شكل حكومات مدن صغيرة نشأت خلال الفترة ما بين الألف الثالث إلى الألف الأول قبل الميلاد. وقدم المحاضرة الزميل حافظ عبدالغفار، وحضرها جمع من المهتمين والباحثين وأعضاء المركز.
وقدم د. صويلح عرضاً من المعلومات التي تعتبر جديدة بالنسبة للحضور، وعرض عدداً من الصور والمجسمات التي تعكس الحياة في دلمون ومحيطها ومكوناتها، كما عرض لمحة عامة حول أهمية التعرض لتاريخ البحرين القديم من خلال التعرف على الحضارات التي نشأت في هذه المنطقة، مشيراً إلى أن هدف المحاضرة يتمثل في «التعرف على حضارة دلمون وإيضاح ما تم معرفته حول أصحابها، من خلال الدراسة التحليلية للمكتشفات الأثرية بالبحرين كمركز رئيس لحضارة دلمون».
وحول تحديد رقعة دلمون أوضح صويلح أن «أعمال التنقيب التي نفذت بعدة مناطق من الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية بما في ذلك الجزر القريبة منه أظهرت بأن دلمون شملت رقعة جغرافية واسعة، تمتد من الكويت شمالاً إلى حدود دولة الإمارات العربية المتحدة جنوباً، وغرباً من حدود نجد في وسط شبه الجزيرة العربية إلى حدودها الشرقية المطلة على الخليج العربي بما في ذلك الجزر القريبة منه، والتي من أهمها جزيرة البحرين وجزيرتي تاروت وفيلكا».
وأضاف صويلح»هذه المدن كانت تدار من قبل سلطة دينية متمثلة في سلطة المعبد، ومن هذه المدن ما اكتشف في جزيرة فيلكا بالكويت، وتاروت بالسعودية، ومدن موقع قلعة البحرين، ومدينة سار ودراز والناصرية بالبحرين، وانصرف النشاط الاقتصادي في ممارسة التجارة وركوب البحر، والاستفادة من خيراته وتحويله لحلقة وصل بمراكز حضارية عدة».
وبين صويلح «أن البحرين من خلال موقعها الإستراتيجي بالنسبة للخليج العربي احتلت أهمية كبيرة في حضارة دلمون ما بين الألف الثالث إلى الأول قبل الميلاد، فقد كانت محطة تجارية هامة للسفن القادمة من الجنوب حيث مراكز حضارتي وادي السند ومجان «سلطنة عمان» ومن الشمال حيث مراكز حضارات بلاد الرافدين وعيلام، فكانت تصل إليها مختلف البضائع من تلك المراكز وغدت مقرًا للعديد من التجار الذين تركوا الكثير من آثارهم التي تشير إلى اتخاذهم البحرين مركزاً لإدارة أنشطتهم التجارية».
وأشار الباحث إلى أن أهم المدن الدلمونية هو موقع قلعة البحرين، حيث يعد أكبر وأهم موقع أثري في منطقة الخليج العربي، اكتشفت فيه آثار ومعالم حضارة دلمون حيث تم التعرف على أربع مدن دلمونية، إضافة إلى مدينة سار التي تشكل بمختلف مرافقها نموذجاً للمدن الدلمونية المكتشفة في بالبحرين.
وفي هذا الصدد قال صويلح :»تم التعرف من خلال دراسة الهياكل العظمية المكتشفة في تلال المدافن على أشكال وأوصاف الدلمونيين والسلالة التي ينتمون إليها، فهم يتصفون بالرؤوس الطويلة والمتوسطة الارتفاع والوجوه الطويلة جداً والعيون الواسعة، كما إن معدل الطول بالنسبة للذكور بلغ 173,9سم أما بالنسبة للإناث فقد بلغ165,9 سم».