جاكرتا - (أ ف ب): غداة الهجمات الدامية في جاكرتا والمستلهمة دون شك من اعتداءات باريس، ينصب الاهتمام بشكل أساسي على مجموعة صغيرة من المتطرفين من جنوب شرق آسيا على ارتباط بتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، كانت توعدت بموجة تفجيرات في المنطقة. ونظراً للضغوط المتزايدة من ضربات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا، يعمل التنظيم المتطرف على توسيع ضرباته إلى مناطق جديدة.
ويسعى التنظيم الذي يحظى بجماعات تبايعه الولاء في ليبيا ونيجيريا، إلى تكوين خلايا في بلدان أخرى مثل اليمن والصومال وأفغانستان، باستخدام وسائله الفائقة العنف لجذب المقاتلين الذين أصيبوا بخيبة أمل إزاء الجماعات الجهادية الأخرى مثل طالبان.
وأعلن التنظيم المتطرف مسؤوليته عن التفجيرات الانتحارية والهجمات الدامية أمس الأول وسط العاصمة الإندونيسية، أسفرت عن مقتل اثنين من المدنيين والمهاجمين الخمسة، ويبدو أنه وجد موطئ قدم جنوب شرق آسيا.
ونفذت الشرطة الإندونيسية عمليات دهم في أنحاء عدة من البلاد، غداة الاعتداءات، فيما حدد المحققون هوية 4 من 5 مهاجمين يشتبه بانتمائهم إلى مجموعة على صلة بـ «داعش» الذي تبنى الهجمات.
ونفذ 5 أشخاص الاعتداءات بواسطة متفجرات وأسلحة نارية فنشروا الفوضى على مدى ساعات في حي ثامرين وسط جاكرتا حيث مراكز تجارية وناطحات سحاب ومكاتب عدد من وكالات الأمم المتحدة والسفارات ولاسيما السفارة الفرنسية. وقتل مدنيان في الاعتداءات فضلاً عن المهاجمين الخمسة وبعضهم من الانتحاريين. وأعلنت الشرطة العثور على أدلة تثبت ارتباط المهاجمين بـ «داعش» خلال دهم منزل أحد المشتبه بهم.
وقال رئيس شرطة جاكرتا، تيتو كرنافيان المدير السابق لقسم مكافحة الإرهاب، إن «تنظيم الدولة يغير استراتيجيته».
وأضاف للصحافيين الأسبوع الحالي أن «التنظيم أقام شبكات حول العالم، في فرنسا وأوروبا وأفريقيا وتركيا وجنوب آسيا».
وأشارت الشرطة الإندونيسية إلى «كتيبة نوسانتارا»، وهي مجموعة صغيرة من المتطرفين التابعين للتنظيم المتطرف يتحدث أفرادها المالاي ويقاتلون في سوريا.
وحتى الآن، لم تعلن المجموعة الصغيرة مسؤوليتها بشكل مباشر في حين أنها تسعى إلى إقامة الخلافة في جنوب شرق آسيا، بحسب عدد من الخبراء.
واكتسب عناصر المجموعة الصغيرة، خصوصاً من إندونيسيا وماليزيا متحدين من خلال اللغة والثقافة المشتركة، أهمية في عام 2015 بعد تميزها ميدانياً في سوريا والعراق، من خلال مساعدتها «داعش» على الأراضي في هذين البلدين.
وقد شكل نجاحها دعاية للتنظيم المتطرف الذي أشاد بها عبر شبكات التواصل الاجتماعية بلغة المالاي، محاولاً مخاطبة المرشحين للجهاد في المنطقة.
وقالت الشرطة الإندونيسية إن كتيبة نوسانتارا يقودها بحر النعيم، الذي يقاتل في سوريا ربما وهو متهم بتدبير تفجيرات الخميس من خلال إصدار تعليمات للناشطين جنوب شرق آسيا. وقد أكدت بعض وسائل الإعلام أنه موظف سابق في مقهى للإنترنت.
وقال محللون إن بحر النعيم سجن لفترة قصيرة في إندونيسيا لتورطه المفترض في أعمال إرهابية، وعلاقاته بجماعات متطرفة أخرى في السابق.
وأوضح جوزف ليو تشين يون خبير الشؤون الإسلامية في كلية الدراسات الدولية في سنغافورة «إنه عنصر نشيط» مضيفاً أنه «يملك موقعاً إلكترونياً يمجد التنظيم المتطرف ونجاحاته، وبشكل أكثر تحديداً، احتفل باعتداءات باريس».
يذكر أن إندونيسيا استهدفت بهجمات على نطاق واسع من قبل المتطرفين بين عامي 2000 و2009، لكن خطوات قمعية سمحت في وقت لاحق بإضعاف الشبكات المتطرفة.
وإذا كانت كتيبة نوسانترا مسؤولة عن هجمات الخميس، فستكون الأولى لها بهذا الحجم في بلدها كما إنها تشكل تحدياً للسلطات الإندونيسية التي ستحاول مرة أخرى إبعاد خطر التطرف.
من جهتها، قالت سيدني جونز الخبيرة في شؤون الإرهاب الإقليمي في مقالة صدرت مؤخراً حول كتيبة نوسانترا أن «أحد العوامل التي أنقذت إندونيسيا في السنوات الخمس الماضية هو انعدام الرؤية لدى الإرهابيين المحليين». وأضافت «لكن لدى بحر النعيم وبعض أصدقائه رؤية أوسع للأمور».
وقال محللون إن بعض المقاتلين من جنوب شرق آسيا عادوا من الشرق الأوسط بخيبة أمل كبيرة إما بسبب قلة الاحترام أو عدم إسناد أي مسؤوليات لهم.
لكن اللغة والثقافة المشتركة لدى أفراد كتيبة نوسانتارا يمكن أن تؤدي إلى هجمات منسقة جديدة جنوب شرق آسيا وتضاعف عمليات تجنيد المقاتلين للتوجه إلى سوريا، وفقاً لعدد من الخبراء.
وبالنسبة لجوزيف تشين يون، فإن «تنظيم الدولة متطور جداً ومهني في أنشطته بكل معنى الكلمة. يبدو أنه قادر حقاً على جذب مخيلة الكثير ينفي هذا الجزء من العالم».