قال الشاعر :
«قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ الـتبجيلا
كـادَ الـمعلّمُ أن يـكونَ رسولا»
إن هذه الكلمات بلا شك تعبر عن قداسة الدور الذي يلعبه المعلم في تربية الأجيال للنهوض بقيم الإنسانية والعيش برفاهية، لذا فالدور المنوط به هو التربية والتعليم دون التركيز على أحد منهما فالتربية والتعليم مفهومان يكمل كل منهما الآخر ولكن أين نحن الآن من دور المعلم في التربية فمعظم المعلمين اقتصر دورهم على التعليم فقط وإهمال دورهم في التربية الأمر الذي جعل هذا الجيل متعلماً منقوصاً من ركن أساسي من أركان فلسفة التعليم التي هي بالأصل التربية والتعليم.
ما الأسباب التي دفعت المعلمين إلى لعب دور التعليم فقط وإهمال التربية؟
من خلال لقاءاتي ببعض المعلمين من أصدقائي عن سبب القصور في التركيز على التعليم دون التربية تبين منهم ما يلي:
إن تشريع القوانين المبالغ فيها في عدم الإساءة للطالب بدنياً ونفسياً شجع الكثير من الطلبة في استغلال ذلك بالتمادي الواضح على الأستاذ داخل المدرسة والتقليل من هيبته، فنحن لسنا ضد القوانين التي تحد من الإساءة للطالب، ولكننا ضد استغلال هذه القوانين في الإساءة للمعلم وتقليل هيبته.
أصبح تجريد المعلم من القيام بدور المربي مقيداً بمفاهيم الطلبة المغلوطة عن قوانين حمايتهم من الإساءة مما دفع إلى سوء فهم هذا الدور والنظر إلى أنه موظف لخدمة الطالب وليس مربياً فاضلاً كما هو الدور الذي يليق به.
ومن الآراء الأخرى حول هذا الموضوع عدم وعي الأسرة بدور المعلم في التربية وعدم تكامل دور المدرسة مع البيت فكلاهما يعمل على حدة والدليل على ذلك اقتصار مجالس الآباء والأمهات على مناقشة الجانب الأكاديمي للطالب والجانب الاقتصادي والابتعاد كلياً عن مناقشة الأبعاد التربوية بل الأحجام عن المشاركة في مجالس الآباء والأمهات وإن اشتركوا فذلك بالاسم وأدل على ذلك غيابهم المتكرر عن مجالس الآباء والأمهات.
الأمر الآخر تحفيز أولياء الأمور بوضع اللوم على المعلم في حالة إخفاق ابنهم أكاديمياً وعدم الإنصات إلى صوت العقل إلى الجانب التربوي ودور الأسرة في معالجة تدني مستوى تحصيل ابنهم وكأن تدني مستوى الطالب الأكاديمي هو أحد منجزات المعلم الذي يعمل من وجهة نظر البعض موظفاً لخدمة أبنائهم.
إن التراجع الشديد في النظر إلى قدسية المعلم والتعليم مرده إلى أمية وجهل بعض الأسر وبعض التلاميذ والبعض من المعلمين إلى فلسفة التعليم وفي إدراك العملية التعليمية كونها نتاج تكامل بين مؤسسة البيت ومؤسسة المدرسة ولكلاهما دور في تنشئة جيل يدرك قيم التعليم والتربية وأن التركيز على الجانب الأكاديمي فقط يخلق جيلاً خاوياً من القيم الأصيلة التي تربينا عليها جيلاً بعد جيل.
عمار محمود عبد العال
مدير قنوات التواصل الاجتماعي
فريق البحرين للإعلام التطوعي