يعكس البرنامج المتكامل الذي قدمه الشيخ سلمان بن إبراهيم رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم والمرشح لرئاسة الاتحاد الدولي، حالة من عبقرية «الرؤية»، للظروف الصعبة التي يعيشها «FIFA»، وهو الأمر الذي يمنح المرشح الأبرز للرئاسة، من تحدي الصعاب، وإثبات أن لديه الجديد ليقدمه لبيت اللعبة الأول في العالم، ليعيد توحيد الجميع خلف مبادئ وأهداف وشعارات، اندحرت وتوارت خلف ما أصاب الاتحاد الدولي من هزات متتالية، وأثرت على سمعته العالمية.
ورغم وجود حالة من الاجماع على أن التصدي لتصحيح مسار FIFA، بات أشبه بالمهمة «الصعبة» في ظل تسارع إيقاع التطورات «السلبية» في مسيرة الاتحاد الدولي، فإن البرنامج الطموح الذي يقدمه الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة لم يترك شيئاً للمصادفة، اعتمد على الدقة والوضوح، والشمولية، بهدف «التمكين» غير المسبوق لدور FIFA، في قيادة اللعبة لمزيد من التطور والنماء.
قراءة واقعية
وبقراءة واقعية لطبيعة برنامج الشيخ سلمان بن إبراهيم لرئاسة الفيفا، يمكننا ملاحظة عدة أمور أساسية، تعكس مدى ما يتمتع به الرجل من فكر، أقل ما يوصف به بأنه مختلف، وهي في الأفكار «الواضحة» والمباشرة، والتي تبعد تماماً عن وعود غير قابلة للتحقق، أو بالأحرى، زائفة، وقائمة على تقديم ما يريح الأذان، ولكن لا يظهر على أرض الواقع.
وأبرز تلك الوعود القابلة للتحقق، هو تطوير رياضة كرة القدم، حيث سيحول البرنامج هذا الهدف لأن يكون هو النشاط الأساسي للفيفا، كما سيكون هو أهم أولوياته كرئيس للفيفا، وذلك بالعمل على إدارة الفيفا كمنظمة مهنية «وليست سياسية»، تركز على تطوير رياضة كرة القدم والارتقاء بالاتحادات الوطنية، التي سيتم زيادة الاهتمام بها إلى حد أعمق.
وقبل ذلك، أعلن برنامج سلمان، عن تبني دور «غير تنفيذي» يركز على تمكين الموظفين المهنيين، لإدارة الأنشطة اليومية، بقيادة رئيس تنفيذي، يؤدي مهامه طبقاً لأفضل الممارسات.
المال للتطوير وليس البذخ
من أهم بنود ومحاور البرنامج، وهو تحديد مسارات التطوير الأشد احتياجاً للتدخل فيها، ويقصد به الجانب المالي، حيث ركز على السعي لزيادة الإنفاق، ليس بأسلوب البذخ، أو توزيع «التركة» المالية للفيفا، على الأعضاء لإرضائهم، بل بالعمل على توجيه ذلك الإنفاق في الأطر السليمة التي تحقق النقلة النوعية المطلوبة للعبة، بمختلف قارات ودول العالم.
وبناء على ذلك سيعمل البرنامج على إعادة تقييم هذا الإنفاق، بحيث يستند إلى الاحتياجات والمتطلبات الفعلية، ويستخدم في الطرق الأكثر فعالية وابتكارية، ويعمل على مكافأة الأفكار والمبادرات التي تصدر عن الاتحادات الوطنية المتميزة .
ويفترض البرنامج الانتخابي للشيخ سلمان بن إبراهيم، ضرورة أن تركز FIFA على التالي بشكل خاص على الفئات العمرية، كون أطفال اليوم هم لاعبو المنتخبات الوطنية المستقبلية، والأنشطة الفنية، عبر إدارة فنية كروية بإشراف خبراء على مستوى عال لتقديم مختلف أوجه الدعم الفني الى الاتحادات الوطنية، إلى جانب تطوير الكرة النسوية، ثم بالعمل على توسيع مشاريع بناء الملاعب، التي تخدم مختلف الاتحادات الوطنية، في خطوة تعد هي الأكثر تأثيراً وقوة في البرنامج، كون الملاعب والبنى التحتية هي الأرض الخصبة لنمو اللعبة وانتشارها».
الشمولية الواضحة
الشمولية كانت واضحة في كافة بنود ومحاور البرنامج الانتخابي للشيخ سلمان بن إبراهيم، وذلك وفق البند الخاص بالعمل على تغيير البيئة السائدة في الفيفا من خلال ترسيخ قواعد الشفافية الأصيلة، واستنباط أفكار نوعية، واستقطاب دماء جديدة الى الفيفا، وتعزيز الانفتاح على المقترحات الهادفة للتطوير، من قبل الاتحادات والأندية والشركاء، ولم يكن ذلك مجرد كلام أو شعارات، بل تحدث البرنامج عن أهم قرار لتحقيق تلك التصورات، وذلك عبر «مجلس المستشارين» الذي سيختص بمناقشة جميع القرارات الهامة في الفيفا، إلى جانب الاستئناس بآراء مجتمع كرة القدم العالمية، وفتح المزيد من قنوات التواصل مع عشاق اللعبة من أجل مستقبل أفضل للمنظمة العالمية.
كما يعطي هذا المقترح قوة «أدبية» لرئيس الفيفا القادم، بأنه ليس لديه هاجس السيطرة المطلقة، على الفيفا، ومنح الأخر من التطوير والعمل، كما كان حال الاتحاد الدولي، في السنوات السابقة.
اللعب بورقة «المونديال»
ويعد اللعب بورقة المونديال، من الأمور الشائعة في برامج معظم المرشحين، ولكن الأمر يختلف تماماً في برنامج الشيخ سلمان بن إبراهيم، وهو الذي يؤكد على ضرورة احترام مقترح «الزيادة» لمنتخبات المونديال، لكن في نفس الوقت، حذر من عدم استغلال ذلك في الوعود الانتخابية، بل طرح الفكرة للبحث والدراسة، ووفق رؤية البرنامج، فقد شدد على أن زيادة منتخبات المونديال سيساعد بالتأكيد على تطوير رياضة كرة القدم في العالم، على أنه لا


يجوز استخدام ذلك الأمر كأداة لأغراض انتخابية، لذا يجب دراسة مسألة عدد المنتخبات في كأس العالم، وتقييمه ضمن إطار من المشاورات الشاملة مع الاتحادات القارية والوطنية والأندية ومختلف الجهات المعنية لكرة القدم العالمية، وذلك قبيل اتخاذ أي قرار يخص هذا الأمر.
حوكمة حقيقية
كما يعالج البرنامج ما يمكن أن نسميه، الحوكمة الحقيقية، لإدارة دفة FIFA، وذلك عبر التأكيد على ضرورة التمسك بتحقيق المزيد من «المهنية والشمولية» والتي تستدعي تطبيق توصيات الحوكمة الصادرة عن لجنة إصلاح FIFA وذلك فور إقرارها من الجمعية العمومية لـ FIFA.
بينما سيكون أقوى ملامح الشفافية والوضوح التي يعتمد عليها البرنامج الانتخابي، في إنشاء «وكالة نزاهة عالمية» يكون هدفها الأول مناهضة الفساد، تمتلكها الهيئات الرياضية وتديرها، بالتعاون مع وكالات تطبيق القانون حول العالم، وهو أيضاً ما يعكس مدى ما يتمتع به البرنامج من «مبادئ ومثل وأخلاقيات مهنية وإنسانية لافتة».
التمويل ضروري
اللافت في البرنامج الانتخابي، هو تركيزه على تحقيق المزيد من التمويل، وعدم اكتفائه بما يتواجد في أرصدة FIFA، وهو أمر صحيح تماماً، كون الحديث عن التطوير، وتطبيق أفكار جديدة، لابد أن يعني ضرورة التفكير في «التمويل»، وتوفير الميزانيات الكافية لتحقيق هذا الغرض، وبالرغم، من أهمية المسابقات الكروية التي تشرف عليها الفيفا، فإنها قد تواجه عجزاً كبيراً في الإيرادات المالية المتوقعة، في ظل وجود العديد من حقوق البطولات غير المباعة حتى الآن، ومع ذلك تمتلك الفيفا احتياطات مصرفية جيدة لمواجهة أي أزمات؛ إلا أن ذلك يدفع على السعي الجاد من أجل ضمان انسيابية الإيرادات المالية عبر تحسين سمعتها، وإدارتها بمهنية عالية، وإعادة هيكلتها وتقنين الإنفاق غير الضروري.
ما يعكس مدى الطموح غير المحدود بسقف، الذي يتمتع به فكر سلمان بن إبراهيم، الباحث عن أفضل الممارسات، التجارية والاستثمارية بما يعود بالنفع على الكيان.
هيئتان للفيفا
ويرتبط هذا البند مع سابقه، حيث يتطلب العمل على التطوير الفني، بالإضافة للعمل على زيادة الاستثمارات، في ظل ضرورة الحرص على الشفافية والمصداقية والنزاهة، ضرورة فصل العقل الفني عن المالي، ويعالج البرنامج تلك النقطة تحديداً عبر فكرة مبتكرة وجديدة في عالم اللعبة، وهو ما يتعلق بالفصل بين الأنشطة الرياضية والتجارية، ومن خلال إنشاء قسم «FIFA لكرة القدم» الذي يعمل على إدارة رياضة كرة القدم من وجهة النظر المهنية، وقسم «FIFA لإدارة الأعمال» الذي يعنى بإدارة القضايا المالية والتجارية والتمويل، وذلك بما يعزز مبدأ الحوكمة في الفيفا والقضايا المالية التابعة لها».سلمان بن إبراهيم يتصدر المشهد الانتخابي الدولي
عشية انتخابات الـ FIFA