أكد أكاديميون أن ظاهرة الغش في الامتحانات تعد خطيرة وسلوك مشين إضافة لعدم قانونيته وشرعيته سواء على المستوى الديني أو مستوى التشريعات والقوانين الوضعية، فيما أكد أستاذ علم النفس في كلية التربية جامعة البحرين د.توفيق عبد المنعم، أن مشكلة الغش لا تصل إلى مستوى الظاهرة.وقالوا «على الرغم من عدم تقبل هذا السلوك اجتماعياً وحرمته دينياً فإن بعض الطلاب يمارسونه تحت مبررات واهية وبأعذار غير مقبولة، ما ينتج عنه دخول الخريج إلى سوق العمل بشكل غير مؤهل»، فيما أكد طلبة أنهم قد يلجؤون إلى الغرش نظراً لصعوبة بعض الاختبارات.وقال الطالب في جامعة البحرين وعضو مجلس الطلبة عن كلية الآداب فادي سميرات، إنه من الصعب على الذين يلجؤون للغش الاعتراف وذلك بسبب الرفض المجتمعي لهذه الظاهرة.واستطرد «للتنشئة على الاستقامة والحصول على ما يريده الطفل من حاجات بطريقة صحيحة في البيت له دور محوري في استقامة الطالب، كما للمدرسة دور أساسي تربوي ورقابي».وأضاف سميرات «أن للغش آثاراً سلبية على الطالب نفسه وعلى مجتمعه، ويرجع السبب الرئيس لها إلى إهمال الطالب لواجباته ومقرراته الدراسية فتتراكم عليه فيلجأ للغش في الاختبار».الطالبة بثينة غازي الشرعة بجامعة البحرين كلية العلوم، تنظر للظاهرة على أنها سلبية ومضرة كثيراً وبعض الطلبة يلجؤون للغش لرفع درجاتهم وبهذا يتضرر الطالب المجتهد، حيث يحصل على نفس درجات الطالب المهمل أو قد يكون أقل وهذا يفقد الطالب المجتهد الحافز ليبذل المزيد من الجهد للتفوق والنجاح.أما الطالبة «ف. م»، في كلية الآداب ذكرت أنها قد تلجأ للغش في بعض الاختبارات نظراً لصعوبتها في بعض المقررات إضافة لأن بعض المواد يتم حفظها وبعد الامتحان لا يستذكرها الطالب ولا تفيده في مستقبله المهني.فيما استشهدت، طالبة الإعلام بجامعة البحرين نور عبد العزيز بالحديث الشريف «من غشنا فليس منا» وهذا يعتبر هو الدافع الأخلاقي لعدم الغش، موضحة أن هناك مبررات مختلفة لتبرير الغش منها الاستهتار والإهمال، وبعض الطلاب يصدم من صعوبة الأسئلة فيحاول الغش، وتؤكد أن للغش آثاراً مدمرة حيث سيتجه لسوق العمل الخريج غير المؤهل فيرجع ذلك بالضرر على المجتمع بشكل عام.أولياء أمور أكدوا أنهم لا يسمحون لأبنائهم باللجوء إلى الغش، حيث قالت شيخة محمد «وهي موظفة ولديها 3 أبناء في المرحلة الابتدائية»، إنها لا تسمح لأبنائها باللجوء للغش وتوبخهم في حالة امتدحوا طالباً يغش.وأضافت «هذه الأساليب تعطي الفرصة للطالب المهمل والكسول للحصول على التفوق والتكريم وتشعر الطالب المجتهد بالضيق والحزن لتساويه مع المهمل الذي يتبع أساليب ملتوية».فيما أكد نضال عباسي والد أحد الطلاب في المرحلة الثانوية، أنه لا يقبل بأن يحصل ابنه على شهادته بغير جهوده، موضحاً أن ابنه حاول الغش في أحد الاختبارات فتمت معاقبته من الاختبار وقام بتوبيخه ومعاقبته على هذا السلوك المشين.فيما أكد تربوين، أنه يتم التصدي للظاهرة باتخاذ الإجراءات بحق الطلاب الذين يسلكون طرق الغش، حيث أكد أحد المدرسين في مدرسة طارق بن زياد الإعدادية للبنين في المحرق، أن الظاهرة غير منتشرة بكثرة ويتم معالجتها تربوياً بالتوعية والتحذير. كما يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الطلبة الذين يتم ضبطهم في حالة غش بتدوين محضر غش بحق الطالب واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.أما أستاذ علم النفس في كلية التربية جامعة البحرين د.توفيق عبد المنعم، فقال «لا نستطيع إطلاق ظاهرة على مشكلة الغش في الاختبارات كونها تختفي أحياناً وتظهر أحياناً أخرى أي ليست دائمة، فبعض الطلاب جادون وحريصون على عدم اتباع سلوكيات غير قانونية».وفي المقابل، يرى توفيق أن هناك فئة تحاول الغش وهي فئة غير مبالية ولا تعطي الدراسة حقها تسعى للنجاح بأي وسيلة حتى لو كانت غير شرعية. والغش على العموم سلوك مرفوض تماماً عندما يأخذ الطالب درجة ليست من حقه.ويقترح توفيق أن يبدأ العلاج من البيت وهو البيئة الأساسية للطالب بأن لا يشجع الطالب على الغش بل تشجيعه بأن يستفيد من المادة وفهمها واستيعابها بدل التفكير بأساليب الغش للنجاح، وبالنتيجة عندما يجد الطالب الغش مرفوض من البيئة الأساسية ولا يجد دعماً ولا يحاول تكرار الموقف.وأوضح أن التوعية باستمرار بالاعتماد على النفس ومعرفة أن التكوين العلمي للطالب سيكون ضعيفاً ولن يساعده ذلك في المستقبل، مبيناً أن الطالب لن يستفيد من المؤهل الذي حصل عليه كما سيضر بالمجتمع وبالجهة التي يعمل بها. كما أن البعض لديهم مفاهيم خاطئة، حيث ينظرون للغش على أنه عملية مساعدة وتعاون ولا تصنف ضمن السلوكيات المحرمة وهذا تصور يجب أن نزيله من تفكير الطالب ولا ننميه وهنا يبرز دور الأسرة ومجموعة الأصدقاء.فيما أكد الباحث والمؤلف وأستاذ علم الجريمة في جامعة مؤتة الأردنية د.حسين المحادين، عدم وجود إحصاءات عن هذا السلوك الاجتماعي المرتبط بالاتجاهات الانحرافية لكي يطلع عليها أصحاب القرار من مخططين ومنفذين.وأرجع المحادين انتشار الظاهرة إلى تراجع التأثير الديني والأخلاقي جراء انتشار القيم الفردية والمصالحية على الصعد الوطنية كعامل داخلي تأثر بسطوة الرأسمالية المعولمة ومصاحباتها الثقافية / التكنولوجية وسيادة الخصخصة «دعه يعمل دعه يمر»، وباختصار لم يعد هناك ربط بين الهدف من النجاح والوسيلة للوصول له، وهذه مشكلة خطيرة يجب التصدي لها .وأضاف أن هناك توصيات للنهوض بالمؤسسات التعليمية لم يتم الأخذ بها سواء من المسؤولين عن هذه المؤسسات أو أصحاب القرار بشكل عام، وبذلك أصبحت الكثير من الشهادات العلمية لا تعكس كفاءة تناسب الشهادة التي يحملها الخريج.وينصح المحادين بزيادة التشاركية بين أهل العلم والاختصاص وبين صناع القرار، لصياغة أهداف المجتمع على الصعيد العلمي وتعديل السلوكيات الانحرافية التي شوهت مضامين القيم لدى أطراف البيئة التعليمية في المدارس والجامعات عموماً وتشمل «المدرس، الطالب، المنهاج، العوامل المساعدة»، وبالتالي إذا نجحنا في ذلك في المدرسة بعد الأسرة نكون أرسينا السلوكيات القويمة شريطة تعزيز الضوابط والعقوبات بصورة مستدامة وليس آنية.ولمعرفة الأساليب التي يتبعها الطلاب للغش في الاختبارات، حذر أستاذ الإعلام في جامعة البحرين د.عدنان بومطيع من أساليب جديدة يتبعها بعض الطلاب لمحاولات الغش مستفيدين من الأدوات التكنولوجية الحديثة مثل السماعة المخفية ونسخ المقررات على الهاتف النقال، وإخفاء أوراق الغش داخل العباءة واستخدام الساعات الذكية وادعاء الذهاب للحمام أو التمارض أثناء الامتحان، إضافة إلى سرقة ونسخ بحوث كاملة من الشبكة العنكبوتية أو مصادر أخرى وإلصاق اسم الطالب عليها.
970x90
970x90