عواصم - (وكالات): تطرح تساؤلات حول الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب غداة الاعتداء الذي أودى بحياة 50 شخصاً في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا ونفذه أمريكي من أصل أفغاني يدعى عمر متين شمله تحقيقان لشبهات تتعلق بالتطرف، فيما قال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي «إف بي آي» جيمس كومي إن مطلق النار كان يدعي في التحقيقات السابقة أنه على صلة بميليشيات «حزب الله».
وأضاف كومي في مؤتمر صحفي أن «المنفذ أجرى مقابلات مسجلة مع مقاتلين في «جبهة النصرة». وأنه أصبح متطرفا عبر الانترنت. وتابع «هناك دلائل قوية على أن القاتل تبنى معتقدات متشددة وعلى احتمال تأثره بجماعات متطرفة أجنبية».
وتبنى تنظيم الدولة «داعش» الاعتداء، وفق ما أوردت إذاعة البيان الناطقة باسمه عبر الإنترنت.
وبعد نيويورك، ستكرم لندن ثم باريس ضحايا إطلاق النار الذي كانت حصيلته الأكبر في الولايات المتحدة حيث قتل 50 شخصاً وأصيب نحو 53 آخرين.
وكانت تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي آي» سمحت بتحديد هوية منفذ الهجوم الذي وقع في ملهى ليلي للمثليين منذ الأحد الماضي، على أنه عمر صديق متين ويبلغ من العمر 29 عاماً ومولود في نيويورك. وقال مسؤول مكتب التحقيقات الفيدرالي في أورلاندو رونالد هوبر إنه قبل دقائق من تنفيذ أسوأ حادث إطلاق نار تشهده الولايات المتحدة، اتصل بأجهزة الطوارئ ليعلن «ولاءه» لتنظيم الدولة.
ووصف أحد الجرحى ويدعى إنجيل كولون الابن، لوالده المهاجم على أنه كان واثقاً من نفسه وتحرك بمنهجية. وقال الأب إنجيل كولون بعد زيارة لابنه في المركز الطبي في أورلاندو «كان يمر أمام كل شخص ممدد على الأرض ويطلق النار عليه ليتأكد من موته».
وتذكر وقائع هذا الاعتداء بالهجوم على باتاكلان في باريس في 13 نوفمبر الماضي الذي تخلله احتجاز رهائن وانتهى بهجوم. وقامت السلطات بتحديث لائحة القتلى الذين تم التعرف على هوياتهم وما زالت لا تضم سوى 10 أسماء بينما تبلغ حصيلة الهجوم 50 قتيلاً و53 جريحاً.
وأثار الاعتداء ردود فعل في العالم وتأكيدات تضامن مع الولايات المتحدة. وتحدث البابا فرنسيس عن «تعبير جديد عن جنون قاتل وكراهية جنونية».
وفي اورلاندو، جرت اولى التجمعات خصوصا في كنيسة بحضور حاكم فلوريدا ريك سكوت. لكن ستجرى تجمعات أخرى في أماكن أخرى في وقت لاحق.
ومع تراجع حالة الطوارئ التي سادت في الساعات الاولى، تتوجه كل الأنظار إلى التحقيق الذي يفترض أن يحدد ما اذا كان عمر متين تحرك بمفرده ومسيرته وصولا الى الهجوم. وقال رونالد هوبر إن متين استجوب 3 مرات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي في إطار تحقيقين، كان الأول في 2013 مرتبطاً بتصريحات متطرفة أدلى بها في مكان عمله. وأكدت البريطانية جي اس إحدى أكبر المجموعات الأمنية في العالم أنه يعمل لديها منذ 2007 لكن بعد تحقيق لدى زملائه ومراقبته وعمليات تدقيق، لم يتمكن الـ «اف بي آي» من إثبات أن عمر متين أدلى بهذه التصريحات، لذلك ألغى القضية.
وبعد عام، خضع لاستجواب جديد على علاقة مع منير محمد أبو صالحة وهو أمريكي من فلوريدا التحق بتنظيم الدولة قبل أن يقتل في هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة في مايو 2014. وقال رونالد هوبر إن الـ»اف بي آي» رأى حينذاك أن الاتصال بين الرجلين كان «محدوداً (...) ولا يعكس علاقة كبيرة أو تهديداً». وأضاف «لم يكن هناك شيء يسمح بالإبقاء على التحقيق مفتوحاً».
وبما انه بقي حرا وبدون سوابق قضائية، كان لدى عمر متين اجازتي حيازة سلاح وتمكن من شراء سلاح يدوي وبندقية قبل ايام من الهجوم.
وقال المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب إن الاعتداء يؤكد صواب اقتراحه بمنع المسلمين من دخول الأراضي الأمريكية. وأكد في بيان أنه «منذ 11 سبتمبر، تورط مئات المهاجرين وأبناؤهم بالإرهاب في الولايات المتحدة».
ويبدو أن ترامب عازم على استخدام المجزرة لتأكيد ما يعلنه دائماً عن الثقة بقدرته على التعامل مع الإرهاب أكثر من منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
ومع استمرار عمليات الكشف عن هوية العديد من ضحايا المذبحة، وتحقيقات الشرطة في صلات محتملة للمسلح القتيل، لم يهدر ترامب وقته مستغلا الاعتداء لتحقيق مكاسب سياسية.
واتهم المرشح الجمهوري الرئيس باراك أوباما وخليفته المحتملة كلينتون بالفشل في التعامل مع ما يدعوه «الإسلام الراديكالي». ورد رئيس مجلس النواب، الجمهوري بول راين بالقول «علينا ان نكون واعين. نحن امة في حالة حرب ضد الارهابيين». لكن الجدل يتوجه أكثر إلى القضية التي تطرح باستمرار وهي مراقبة الأسلحة في الولايات المتحدة.
وقال الرئيس باراك أوباما إن هجوم الأحد هو «تذكير جديد بالسهولة التي يمكن لشخص ما الحصول فيها على سلاح يسمح له بإطلاق النار على أشخاص في مدرسة أو مكان عبادة أو سينما أو ملهى ليلي».
وهو يشير بذلك الى إطلاق النار في نيوتن «26 قتيلاً في 2012» وتشارلستون «9 قتلى في 2015» واورورا «12 قتيلا في 2012».
وأدان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بشدة «العمل الإرهابي»، معتبراً أن «هذا الاعتداء الوحشي يؤكد على ضرورة مواصلة التكاتف وتضافر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب مهما كان مصدره ودوافعه».
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية المصرية في بيان بأشد العبارات «الهجوم الإرهابي» معربة عن «تعازي مصر حكومة وشعباً للحكومة والشعب الأمريكيين».
وشددت الخارجية المصرية على «الموقف المصري الثابت القائم على ضرورة المواجهة الشاملة لظاهرة الإرهاب التي لا تعرف حدوداً أو ديناً وتتنافى مع كافة المبادئ والقيم الإنسانية».
من جهته، أعرب صديق متين والد الشاب من أصل افغاني عمر متين الذي ارتكب مجزرة أورلاندو في شريط فيديو وضعه على صفحته على فيسبوك عن «حزنه الشديد» لما حصل، معتبراً أن «الله هو من يحاسب المثليين وليس عبيده».