تقرير - تختلف ظروف وطبيعة الأسواق العقارية بين دولة وأخرى نتيجة المدخلات التي تؤثر إيجاباً أو سلباً على القطاع العقاري، وحركة العرض والطلب في ظروف الانتعاش والتراجع. وبات ملاحظاً أن القطاعات الاقتصادية الرئيسية لدى كافة دول العالم مازالت تعاني من الضغوط المالية والاقتصادية، ولم تستطع أي من الدول من التعافي تماماً من تداعيات الأزمة بل بقيت آثارها وتأثيراتها ظاهرة حتى اللحظة، وأن كل ما تقوم به حكومات الدول هو إيجاد الحلول المؤقتة لتحديات طويلة الأجل تحتاج في الغالب إلى إعادة هيكلة النظام الاقتصادي برمته.
الجدير ذكره أن العام الحالي والأعوام القليلة القادمة ستشهد المزيد من التحالفات المالية والاقتصادية والمزيد من الانقسامات أيضاً فالاندماج والاستحواذ سيكون من نصيب الشركات والمؤسسات حول العالم، فيما سيكون التفكك والانقسام من نصيب الدول، وبين هذا الاتجاه وذلك فإن القطاعات الاقتصادية المحلية والاقتصاد العالمي سيكون على المحك، وستخضع لاختبارات من نوع آخر، مع الإشارة إلى أن القطاع العقاري سيكون في مقدمة القطاعات التي ستتأثر بكافة التطورات كونه مر بمراحل تطور واتساع حيث عبرت استثماراته الحدود واستقرت في كل مكان وضمن كافة المجالات والقطاعات.
وأشار التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة إلى أهمية الاستثمارات الأجنبية على الاقتصاد البريطاني، والتي تتركز ضمن قطاعات الطاقة والعقارات والبنية التحتية، ويقدر حجم الوظائف التي توفرها هذه الاستثمارات الأجنبية بما يزيد عن 65 ألف وظيفة، بينما يقدر حجم الاستثمارات الأجنبية بنهاية العام 2014 بما يزيد عن 975 مليار جنيه إسترليني، وكانت حصة الدول الأوروبية نحو 566 مليار جنيه إسترليني.
ويقول التقرير الأسبوعي لشركة المزايا إن الاقتصاد البريطاني يوفر الكثير من فرص الاستثمار الناجحة والجاذبة للاستثمارات الأجنبية، فيما تعتبر الاستثمارات في مشروعات البنية التحتية عالية الجودة كالطرق والسكك الحديدية ومشاريع الطاقة من أكثر الفرص جذباً للاستثمارات التي تدفع بمؤشرات النمو والتطور للاقتصاد البريطاني وتعمل على تحسين دخل الأفراد والمجتمع مع الإشارة هنا إلى أن الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد البريطاني قد تسارعت خلال السنوات القليلة الماضية نظراً لما يتمتع به الاقتصاد في الخارج من جاذبية وسمعة استثمارية تعتبر محركاً للنمو وتوفير الوظائف. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العقاري البريطاني استطاع خلال السنوات الماضية من جذب استثمارات خليجية بمليارات الدولارات نظراً لما يتمتع به من استقرار ونمو ومعدلات عائد مجزية. ويقول تقرير المزايا إن الاستثمارات البريطانية في الخارج ستكون بمنأى عن التأثيرات السلبية لتداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي، وستمثل تلك الاستثمارات ملاذات آمنة خلال فترة التحول، بينما سيكون أصحاب هذه الاستثمارات في الجانب الإيجابي من معادلة الاستثمار، حيث ستحافظ استثماراتهم على قيمها وتتعاظم وفقاً لقوى العرض والطلب في أسواق الاستثمار بالخارج، وستكون هذه الاستثمارات بعيدة كل البعد عما يجري من تطورات مالية واقتصادية في بريطانيا خلال الفترة القادمة.
يذكر أن استثمارات البريطانيين بالقطاع العقاري في دبي تصل قيمتها إلى 62 مليار درهم، حيث يحتل البريطانيون المركز الرابع على قائمة الجنسيات الأكثر استثماراً في السوق العقاري في دبي ويعكس حجم الاستثمارات القائمة والفرص الاستثمارية المتنوعة التي يوفرها السوق العقاري الإماراتي بشكل عام وسوق دبي بشكل خاص، حيث تتركز استثماراتهم بين الأراضي والمباني والوحدات السكنية، في المقابل فقد بلغت حصة الإمارات من إجمالي مشتريات العقارات المخصصة للتأجير في السوق البريطاني أكثر من 20% في نهاية العام 2015، ووصلت إلى هذه المستويات نظراً لما يتمتع به السوق من معدلات عائد مرتفعة ومعدلات نمو اقتصادي قوي، وتطور البنية التحتية بالإضافة إلى النمو المسجل على قيم الأصول المستثمر بها، والتي تصل إلى 7% في المدن الرئيسية.
وأفاد تقرير شركة «المزايا» أن الاستثمارات السعودية في الاقتصاد البريطاني كبيرة وتتوزع على كثير من القطاعات والفرص الاستثمارية، والأسهم، والسندات، والعقارات حيث تقدر قيمة الاستثمارات بـ 18 مليار دولار، والتي يمكن أن تتأثر نتيجة قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي خصوصاً وأن كافة المؤشرات تفيد بأن قرار الخروج سيكلف الاقتصاد البريطاني الكثير من الخسائر والجاذبية الاستثمارية في ظل التوقعات بدخوله حالة انكماش على المدى القصير والمتوسط، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قرار الخروج سيؤثر حتماً على الثقة الاستثمارية وسيزيد من تقلبات أسواق المال، وسيضغط على النشاط المصرفي في المملكة المتحدة، فيما سيكون لقطاعات العقارات ونشاط الشركات الأجنبية حصة من التقلبات والتأثيرات السلبية.
وأضاف تقرير المزايا أن الاستثمارات السعودية في الأسهم وسندات الخزانة والعقارات ستكون في عمق الأزمة كونها من الاستثمارات شديدة التأثر بقرار الخروج من الاتحاد الذي سيفقدها الكثير من الدعم المقدم من الاتحاد، وهو الأمر الذي سيدفع اقتصادها إلى المزيد من التراجع، في الوقت الذي تعتبر فيه الممكلة المتحدة شريكاً تجارياً رئيسياً مع السعودية بقيمة صادرات إلى السعودية بلغت في نهاية العام 2015 نحو 7.8 مليار دولار، في حين تجاوزت الصادرات السعودية إلى بريطانيا حاجز 2.6 مليار دولار.
ويضيف تقرير المزايا إن تأثيرات قرار الخروج ستطال الاستثمارات الخليجية والعالمية في بريطانيا، وستطال أيضاً الاستثمارات لدى العديد من الدول الأوروبية التي تتمتع بعلاقات مالية واقتصادية مباشرة وعميقة مع الاقتصاد البريطاني وبشكل خاص الاستثمارات في هولندا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا، وجاءت كافة توقعات صندوق النقد الدولي سلبية تجاه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ذلك أن توقعات دخول الاقتصاد البريطاني بالتباطؤ باتت أكثر يقيناً الآن، فيما يتوقع أن يعاني الاقتصاد البريطاني من الانكماش خلال العام القادم، وبالتالي التأثير سلباً على الشركاء الاقتصاديين مع بريطانيا.
يشار إلى أن التوقعات الأكثر سلبية كانت من نصيب القطاع العقاري، حيث يتوقع المتابعون عدم قدرة سوق العقارات في بريطانيا على تفادي الهبوط بأسعاره حتى نهاية العام الحالي، في وقت تتزايد فيه التقديرات بتعرض السوق العقاري لعملية تصحيح ملموسة على الأسعار التي واصلت الارتفاع خلال الفترة الماضية نتيجة نقص العرض، وتجدر الإشارة هنا إلى أن القيود الحكومة المالية والضريبية على شراء البيوت لتأجيرها من شأنه أن يدفع بالكثير من المستثمرين للخروج من السوق العقاري، وبالتالي مزيد من التصحيح على الأسعار السائدة، ومع أي رفع متوقع على أسعار الفائدة سيعني ذلك ارتفاع كلفة قروض الرهن العقاري وبالتالي تراجع الطلب.
وتطرق تقرير المزايا إلى الاستثمارات القطرية في الاقتصاد البريطاني والتي تتوزع على عدة قطاعات أيضاً وفي مقدمتها القطاع العقاري وبشكل خاص الفنادق والأبراج والقرى الأولمبية وأسهم البنوك والبورصة، بالإضافة إلى الاستثمارات في قطاع الطاقة حيث تقدر هذه الاستثمارات بـ 44 مليار دولار ويمكن أن ترتفع قيم الاستثمارات القطرية نظراً لعدم توفر بيانات شاملة، يأتي ذلك في الوقت الذي تعد فيه قطر من أكبر المستثمرين في الاقتصاد البريطاني وبشكل خاص على العقارات الفخمة والراقية والتي تميز الاستثمارات القطرية في بريطانيا، وجاءت هذه الاستثمارات الضخمة في الأساس نظراً لما يتمتع به الاقتصاد البريطاني من استثمار آمن وقدرة على الصمود أمام الأزمات المالية التي تعرض لها الاقتصاد العالمي في الماضي، كما أن العلاقات الاقتصادية بين قطر وبريطانيا تعتبر مستقرة في جميع المجالات، وتعتبر العقود بين الجانبين في مجال النفط والغاز عقوداً طويلة الأجل وبالتالي فإن قرار الخروج لن يؤثر كثيراً على مجمل العلاقات الاقتصادية القائمة.
وشدد تقرير المزايا على حقيقية أن الاستثمارات البريطانية في الخارج سواء كانت عقارية أو صناعية أو فندقية ستكون في مأمن، وأن إمكانية نموها وتزايد قيمها ستبقى قائمة وترتبط ارتباطاً وثيقاً بتطورات اقتصادات الدول المضيفة مع بقاء احتمالات التأثير الإيجابي لقرار الخروج قائمة، حيث من المتوقع أن ترتفع استثمارات البريطانيين في الخارج خلال الفترة القصيرة القادمة، في المقابل فإن الاستثمارات الأجنبية في بريطانيا وبغض النظر عن طبيعتها وتركزها ستتعرض لاختبار على القيم والجاذبية ومعدلات العائد وإمكانيات التخارج بأقل الخسائر.
واستبعد التقرير أن تتعرض الاستثمارات العقارية الأجنبية لعملية تسييل أو تخارج خلال الفترة القادمة كردة فعل لقرار الخروج من الاتحاد الأوروبي وذلك اعتماداً على أن المناخ الاستثماري سيبقى قوياً، إلا أن الثابت الوحيد ضمن هذه المعادلة أن حجم الاستثمارات القادمة إلى الاقتصاد البريطاني ستتعرض للارتباك خلال الفترة القادمة حتى تتوصل المملكة الى اتفاقات جديدة مع دول الاتحاد ووضوح الرؤية وأن السوق العقاري كغيره من القطاعات سيتعرض لعملية جمود نتيجة عدم رغبة أطراف المعادلة في المخاطرة سواء بالبيع أو الشراء، والجدير ذكره هنا أن أسعار السوق العقاري قبل قرار الخروج تعتبر مرتفعة وأن الاتجاه نحو التصحيح كان وما زال مستحقا وبغض النظر عن المرجعيات والأسباب.