وارسو - (أ ف ب): أنهي حلف شمال الأطلسي «الناتو» في وارسو قمة استمرت يومين وضع خلالها اللمسات الأخيرة على تعزيز وجوده العسكري في أوروبا الشرقية.
وركزت المناقشات التي شارك فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بشكل خاص على المساعدة المقدمة إلى أفغانستان، والتعاون مع أوكرانيا. وحذر أوباما الذي يشارك للمرة الأخيرة في قمة الأطلسي، من مغبة التأخير في تنفيذ عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن ذلك سيضر بالاستقرار المالي والأمني في أوروبا.
وقال «ليس من مصلحة أحد إجراء مفاوضات طويلة وخلافية» حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن العلاقات بين دول الأطلسي تمر في مرحلة «قد تكون الأكثر حساسية منذ الحرب الباردة». وتبدي الولايات المتحدة قلقها من المخاطر التي قد يواجهها الاقتصاد العالمي جراء الغموض المهيمن على عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. كما أن بريطانيا، القوة النووية والعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، قد تفقد من نفوذها بخروجها من الاتحاد، ما سيؤدي بدوره إلى إضعاف أوروبا. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ان على لندن البدء بمفاوضات الخروج من الاتحاد بعد استفتاء 23 يونيو، مؤكدا في المقابل ان الاتحاد الاوروبي سيجري هذه المفاوضات بروح بناءة.
وقال «لن نفعل ذلك (...) بطريقة عدائية»، مشدداً على أن «مصلحة الجميع» تقتضي بأن تبقى بريطانيا شريكاً قوياً. من جهته أكد كاميرون لدى وصوله للمشاركة في القمة أن دور بلاده على الساحة العالمية لن يتراجع بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
إلى ذلك أعلن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي تعزيز التعاون بينهما، ولا سيما على صعيد تبادل المعلومات الاستخبارية.
ومن المقرر أن يتزود الحلف بطائرات بلا طيار مقرها في صقلية، وأن يدعم بمعلومات استخبارية العملية البحرية التي ينفذها الاتحاد الأوروبي لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالأسلحة في البحر الأبيض المتوسط. وبعد عامين من قمة نيوبورت التي أقرت رسمياً بالوضع الجديد في أوروبا بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم، وضعت الدول الأعضاء الـ28 اللمسات الأخيرة على موقفها الاستراتيجي الجديد في الشرق الأوروبي.
وصادق زعماء الحلف على نشر أربع كتائب «تضم كل منها 600 إلى ألف عنصر» في دول البلطيق وبولندا. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن «هذه الكتائب ستكون ضخمة ومتعددة الجنسيات (..) وأي هجوم على أحد الحلفاء سيعتبر هجوماً ضد الحلف بكامله». وستكون تلك الكتائب تحت إشراف الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وكنداً، وهي الدول التي توفر العديد الأكبر من القوات، مع مشاركة على نطاق أضيق لبلدان أخرى في الحلف فرنسا وبلجيكا «150 عنصراً لكل منهما». وقالت اليسا سلوتكين، المسؤولة في وزارة الدفاع الامريكية، ان الكتائب الاربع «تشكل اكبر حشد لقوات حلف شمال الاطلسي منذ نهاية الحرب الباردة» وستنجز انتشارها بحلول العام المقبل.
وفي خطوة قد تثير غضب موسكو، أعطى حلف شمال الأطلسي الضوء الأخضر لبدء العمل بدرعه الصاروخية في أوروبا والتي باتت تمتلك «قدرة أولية على العمل».
وقال ستولتنبرغ إن منشآت الدرع المنشورة في تركيا ورومانيا وإسبانيا «باتت حالياً قادرة على العمل بقيادة الأطلسي وإشرافه».
ورغم ذلك أبدى الحلف حرصه على استئناف الحوار مع روسيا لتفادي أي حادث من شأنه أن يتفاقم، وترميم الاستقرار في أوروبا. وقالت ميركل «سنشدد على هذا الحوار».
من جهته قال الرئيس الفرنسي إن روسيا ليست «خصماً» ولا تمثل «تهديداً» بل هي»شريك»، نافياً أن تكون مهمة الحلف الأطلسي تقضي بـ»ممارسة ضغط في العلاقة بين أوروبا وروسيا». وأكدت دول الحلف من جهة ثانية، التزامها بزيادة موازناتها الدفاعية إلى نحو 2 % من الناتج المحلي الإجمالي لمواجهة التهديدات الجديدة في الشرق، إنما كذلك الخطر الإرهابي في الجنوب.
وحققت خمس فقط من دول الحلف هذا الهدف حتى الآن. ومن المتوقع أن يزيد الإنفاق الأوروبي والكندي في هذا المجال بنحو 3 % في 2016.
وشدد هولاند على ضرورة أن تتحمل دول أوروبية أخرى جزءاً أكبر من عبء الحرب على الإرهاب، قائلاً إن «فرنسا ستفعل ما يتوجب عليها، وليس أكثر من ذلك».