عدن - (الجزيرة نت): تذكر النازح اليمني سعيد علي الشربي بحزن شديد صديقه الذي غيبته الحرب قبل أشهر في مديرية الوازعية جنوب غرب تعز، وهو يتطلع بشرود نحو شاطئ بلدة صغيرة على تخوم مدينة عدن نزح إليها مع أفراد أسرته من مدينته التي مازالت تطحن بيوتها رحى الحرب.
والشربي -الذي تجاوز العقد الخامس من العمر- كان ضمن 400 أسرة تعيش ظروفا إنسانية صعبة للغاية في بلدة صلاح الدين بمدينة البريقة غرب عدن بعد أن نزحت من خطوط المواجهات الشديدة بين ميليشيا المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وبين المقاومة الشعبية في منطقة الوازعية.
ويقول إن صديقه الذي كان يقطن بجواره قتل بقذيفة عشوائية، ويضيف «يومها نجوت وعائلتي المكونة من 12 شخصاً بأعجوبة عندما انهالت على مدينتنا صواريخ الكاتيوشا التي أطلقها الحوثيون بشكل عشوائي على منازل المدنيين».
ويبدو هذا النازح بعد عام من النزوح حائرا لا يدري ماذا يفعل لإطعام أطفاله، فبعد أن كان يعتاش بمبلغ يعادل 500 دولار هو ثمن مواشٍ اضطر لبيعها لسد نفقات النزوح أصبح الآن معدما يصارع الفقر ليبقي على تماسك أسرته.
وتعيش عائلة الشربي في منزل خشبي صغيرة سقفه من القش والبلاستيك، ويتكون من غرفتين تنهش جدرانها الحشرات بفعل الرطوبة، إحداها تحوي بضع قطع ثياب مهترئة ومتآكلة، وأخرى بها حزمة حطب وموقد وأشياء معدنية بسيطة.
ويقول الشربي إنه ظل مع أسرته 3 أشهر يفترش الرصيف بعد أن عجز عن إيجاد مكان للعيش وتحمل نفقات الإيجار قبل أن يحصل على المنزل الخشبي من عجوز تبرعت به إليه، ويضيف «لكن هذا المنزل لا يقي حر الصيف، والمطر، ويفتقر إلى الماء والكهرباء، وقد تعرض للغرق وتلف محتوياته خلال هطول الأمطار».
وعلى غرار الشربي، يتذكر النازح محمد حسن -وهو أحد المشرفين على نازحي الوازعية- الدمار والقتل والتهجير الذي حل بتلك المنطقة، وتقول تقارير حقوقية إن المتضررين من الدمار والتهجير يفوق عددهم الثلاثين ألفا، معظمهم من النساء والأطفال.
وقال حسن إن معظم النازحين الذين فروا بأسرهم من الوازعية باتجاه محافظة عدن ومناطق أخرى فقدوا آباءهم أو إخوتهم أو بيوتهم بسبب القصف العشوائي للحوثيين على المنازل.
وكان تقرير حقوقي صادر عن منظمة العدالة والإنصاف للتنمية وحقوق الإنسان رصد ووثق ما يقارب 7530 حالة انتهاك ارتكبها الحوثيون وقوات صالح ضد المدنيين بمنطقة الوازعية في الفترة من سبتمبر 2015 وحتى منتصف أبريل 2016.
وقال التقرير الحقوقي إن 132 مدنيا قتلوا بنيران الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع في الوازعية، وأصيب 300 آخرون في 7 أشهر، كما أورد التقرير انتهاكات أخرى بينها 4160 حالة تهجير، و354 حالة اعتداء على ممتلكات خاصة، و15 حالة اعتداء على ممتلكات عامة.
وقدر رئيس مبادرة شباب الخير في منطقة البريقة بعدن ياسر علوان عدد نازحي الوازعية الذين وصلوا إلى مناطق متفرقة في البريقة بأكثر من 350 أسرة تعاني من وضع معيشي وصحي سيء للغاية بعد أن تركت لشهور من دون أي مساعدات.
ويضيف علوان «هذا الوضع المأساوي دفع بنا لإطلاق مبادرة شباب الخير صيحات ونداءات الاستغاثة تحت عنوان «أنقذوهم»، وقمنا بالتواصل مع كل من نعرف من جمعيات ومنظمات إلا أن عددا قليلا من المنظمات والجمعيات تفاعل معنا وقدم مساعدات على فترات متباعدة وبكميات قليلة ? تكفي الأسرة».
وأضاف رئيس مبادرة شباب الخير أن أهم ما يحتاجه النازحون -إضافة للأغذية والدواء- هو السكن لأنهم يعيشون في منازل ضيقة ومتسخة ومهترئة، وتخلو من الخدمات، فضلا عن حاجتهم للملابس وخزانات الماء، وحملات طبية ميدانية للكشف عنهم وعلاج مرضاهم، خاصة الأطفال دون سن العاشرة.