عواصم - (وكالات): دخل وقف اطلاق نار شامل في سوريا حيز التنفيذ منتصف ليل أمس بموجب اتفاق روسي تركي وافقت عليه دمشق والفصائل المعارضة، تمهيداً لبدء جولة جديدة من المفاوضات لإنهاء النزاع المستمر منذ نحو 6 سنوات. ويأتي الاتفاق على ضوء التقارب الأخير بين موسكو حليفة دمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، في غياب أي دور للولايات المتحدة التي كانت قد توصلت وروسيا إلى اتفاقات مماثلة سابقاً لكنها لم تصمد. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين جماعات المعارضة السورية وحكومة الرئيس بشار الأسد بدءاً من منتصف ليل أمس، فيما أكدت المعارضة السورية المسلحة أن «الهدنة شاملة وأصابعنا على الزناد». وذكر بوتين أن الأطراف على استعداد أيضاً لبدء محادثات سلام بعد أن قالت روسيا وإيران وتركيا إنهم على استعداد للتوسط في اتفاق سلام في الحرب السورية المستمرة منذ قرابة 6 أعوام.
وأعلن جيش الأسد وقفاً للقتال على مستوى البلاد لكنه قال إن الاتفاق يستثني تنظيم الدولة «داعش» وجبهة فتح الشام التي كانت تعرف باسم «جبهة النصرة» وكل الجماعات المرتبطة بهما. ولم يحدد الجيش الجماعات.
وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر وهو تحالف فضفاض من الجماعات المعارضة إنه سيلتزم بوقف إطلاق النار كما سيشارك في محادثات في المستقبل. وذكر بوتين ان جماعات المعارضة والحكومة السورية وقعتا عددا من الوثائق بينها اتفاق وقف إطلاق النار وإجراءات مراقبة الاتفاق وبيان بشأن الاستعداد لبدء محادثات السلام. وأوضح بوتين أن روسيا وافقت على الحد من انتشارها العسكري في سوريا حيث حول دعم موسكو للرئيس الأسد كفة المعركة لصالحه في حرب تسببت في مقتل أكثر من 300 ألف شخص وأجبرت أكثر من 11 مليون شخص على النزوح عن ديارهم. وقالت تركيا إنها وروسيا ستضمنان الاتفاق. وقال 3 مسؤولين من المعارضة إن الاتفاق يستبعد «داعش» لكنه يشمل جبهة فتح الشام التي كانت تعرف باسم «جبهة النصرة» في تصريحات تتناقض فيما يبدو مع بيان جيش الأسد. وذكر الجيش السوري الحر أن وقف إطلاق النار لا يشمل وحدات حماية الشعب الكردية. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن الجماعات المسلحة التي وقعت الاتفاق شملت جماعة أحرار الشام وجيش الإسلام التي تنشط بشكل أساسي قرب دمشق والجبهة الشامية وهي واحدة من الجماعات الرئيسية التي كانت تنشط في حلب. وتم تهميش واشنطن في المفاوضات الأخيرة ومن غير المقرر أن تحضر الجولة المقبلة من محادثات السلام في أستانة. وفي وقت لاحق، قال الكرملين إن الرئيس بشار الأسد أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي أنه مستعد للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا.
وذكر الكرملين في بيان أن الرئيسين اتفقا على أن بدء محادثات السلام السورية في كازاخستان ستكون «خطوة مهمة للحل النهائي للأزمة». ورحبت واشنطن بحذر بإعلان بوتين وقفاً لإطلاق النار في سوريا، معربة عن الأمل في أن «تحترم جميع الأطراف» المشاركة في النزاع هذا الاتفاق. واعتبر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اتفاق وقف اطلاق النار «فرصة تاريخية» لانهاء الحرب في سوريا. وبعد لقاءات عدة في تركيا بين مبعوثين روس وممثلين للفصائل المعارضة، أعلن بوتين التوصل إلى وقف لإطلاق النار ضمن إطار اتفاق بين النظام السوري وفصائل المعارضة يتضمن بدء محادثات سلام دولية مع تركيا وإيران في أستانة عاصمة كازاخستان. وتحدث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن 7 مجموعات تمثل 62 ألف مقاتل من «أبرز قوات» المعارضة، وقعت على اتفاق وقف إطلاق النار مع دمشق، بينها حركة أحرار الشام الإسلامية التي تحظى بنفوذ. من جانبه، قال أسامة أبو زيد المستشار القانوني لفصائل المعارضة الذي شارك في المفاوضات مع الجانبين الروسي والتركي، في مؤتمر صحافي في أنقرة أن الاتفاق «يشمل جميع المناطق وجميع الفصائل العسكرية الموجودة في مناطق المعارضة السورية». وشدد أحمد رمضان رئيس الدائرة الإعلامية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» على أن «الاتفاق يستثني فقط «داعش» وتنظيمات إرهابية أخرى» لكنه يشمل جبهة فتح الشام «جبهة النصرة سابقاً قبل إعلانها فك ارتباطها مع القاعدة». وبالتوازي مع اتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت موسكو بدء الاستعدادات لمحادثات سلام يفترض أن تعقد في أستانة قريباً، في يناير المقبل على الأرجح. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «سنبدأ مع تركيا وإيران الأعداد للقاء أستانة»، مضيفاً أن موسكو مستعدة لدعوة مصر وتحاول جذب قوى إقليمية أخرى كالسعودية وقطر والعراق والأردن.
وأشار كذلك إلى سعي موسكو لغشراك إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي يتسلم مهامه الشهر المقبل، خلفاً للرئيس الحالي باراك أوباما الذي يبدو أن لا دور لإدارته في المفاوضات الجارية.
وأكد أبو زيد بدوره «التزام المعارضة بأن تشترك في مفاوضات الحل السياسي خلال شهر من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ» وفق بنود الاتفاق، موضحاً أن وفد المعارضة سيكون «منبثقاً عن الهيئة العليا للمفاوضات». وفي جنيف، أعرب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا عن دعمه لمحادثات أستانة، أملا أن تساهم هذه التطورات في «استئناف المفاوضات السورية التي ستتم الدعوة إليها برعاية الأمم المتحدة في 8 فبراير المقبل».
وشدد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو على أن اجتماع أستانة «ليس بديلاً عن لقاء جنيف (...) بل مرحلة مكملة له». وفي مؤشر على الحد الذي بلغه التقارب الثنائي في سوريا، شنت مقاتلات روسية غارات على مدينة الباب، حيث تخوض القوات التركية وفصائل معارضة هجوماً لطرد «داعش» منها.