زهراء حبيب
قال المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام هارون الزياني إن محكمة التمييز أصدرت أمس حكمها في القضية الخاصة باستهداف قوات الشرطة بمنطقة الديه 3 مارس 2014 بعبوة متفجرة مما نجم عنه مقتل شهداء الشرطة الثلاثة الملازم أول طارق محمد الشحي والشرطيين محمد أرسلان وعمار عبدو علي محمد، حيث قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، ومن ثم صار الحكم الصادر بإعدام المدانين الثلاثة الرئيسيين في تلك القضية باتاً في حقهم.
وترجع وقائع القضية إلى قيام المدانين بوضع عبوات متفجرة بالطريق العام قابلة للتفجير عن بعد، وتمكنهم من استدراج قوات الشرطة إلى مكان الواقعة بافتعال أعمال شغب استدعت تدخل القوات، التي ما أن بلغت مكان العبوات المتفجرة حتى قام المتهمون بتفجير إحداها مما ترتب عليه وفاة المجني عليهم من القوات وإصابة 13 آخرين.
وأسفرت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة آنذاك عن قيام المدانين الأول والثاني بتشكيل جماعة إرهابية ضمن تنظيم سرايا الأشتر الإرهابي، ونجحا في تجنيد المدانين الآخرين وغيرهم ممن توافرت لديهم الخبرة في صناعة واستعمال المتفجرات وأعمال الشغب بهدف تكوين عدة مجموعات للقيام بأعمال إرهابية تستهدف قتل رجال الشرطة، وتدمير المنشآت الهامة الأمنية والحيوية للإخلال بالنظام العام ومنع السلطات من ممارسة عملها، وقاموا بتصنيع العديد من العبوات المتفجرة، وعقدوا عدة اجتماعات تمكنوا خلالها من وضع مخطط إجرامي تحقيقاً لأهدافهم وأغراض الجماعة، وفي إطار ذلك المخطط الإرهابي فقد اتفقوا على استغلال تشييع جنازة أحد المتوفين والتي يعلمون بتواجد قوات الشرطة آنذاك على مقربة من المكان لحفظ النظام، ووضع عبوات متفجرة مزودة بأجهزة تفجير عن بعد في أماكن متفرقة والتي يعلمون تجمع القوات بها، والعمل على استدراج تلك القوات لأماكن وجود هذه العبوات المتفجرة بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى بين صفوفهم، فقام المدانون في الليلة السابقة على ارتكاب جريمتهم بزرع ثلاث عبوات متفجرة بالطريق وأوكل لأحد المدانين بتفجير العبوة الأولى والتي أودت بحياة الشهداء الثلاثة، بينما كلف آخرون من أعضاء الجماعة بتفجير العبوتين الثانية والثالثة تحت إشراف المتهم الثالث على أن يتولى متهم آخر تصوير التفجير وباقي المدانين مراقبة المكان، وبتاريخ 3/3/2014 ونفاذاً لمخططهم الإجرامي قاموا بافتعال أعمال شغب لاستدراج القوات إلى المكان حيث قام المتهم الرابع باتخاذ مكانه أعلى أحد العقارات وفور وصول القوات إلى مكان إحدى العبوات المتفجرة قام بتفجيرها باستخدام هاتف نقال مما أدى إلى مقتل ثلاثة من أفراد الأمن وإصابة ثلاثة عشر آخرين في حين لم يتمكنوا من تفجير العبوتين الأخريين لتأثر الثانية بالانفجار ولعدم اقتراب أحد من القوات من مكان الثالثة.
وأحالت النيابة المدانين الثمانية إلى المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة منهم خمسة محبوسون احتياطياً وثلاثة هاربون، وذلك بتهم القيام بتنظيم وإدارة جماعة الغرض منها تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها متخذين من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضها، وتجنيد عناصر لها ومتابعة أنشطتهم في تصنيع واستعمال العبوات المتفجرة واستهداف أفراد الشرطة بقصد إزهاق أرواحهم بغرض إشاعة الفوضى وإثارة الفتن وإضعاف مؤسسات الدولة لإسقاطها، كما نسبت للمدانين من الثالث حتى الثامن الانضمام إلى تلك الجماعة الإرهابية، وقد وقعت منهم والمدان الثاني تنفيذاً لأنشطتهم وأغراضهم الإرهابية جرائم قتل والشروع في قتل المجني عليهم من أفراد الشرطة، وإتلاف الممتلكات العامة، وحيازة وإحراز واستعمال مفرقعات، وقد ارتكبت كل الجرائم تنفيذاً لغرض إرهابي، فضلاً عن تمويل جماعة إرهابية للإنفاق على أنشطتها الإرهابية. وتداولت القضية أمام المحكمة الجنائية الكبرى فقضت بإعدام ثلاثة مدانين وبمعاقبة مدانين آخرين بالسجن المؤبد وإسقاط الجنسية عن بعضهم، وقد تأيد ذلك الحكم استئنافياً.
وتم عرض القضية على محكمة التمييز تنفيذاً لحكم القانون باعتبار حكم الإعدام مطعوناً تلقائياً أمام تلك المحكمة، فقضت محكمة التمييز نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة الاستئنافية لنظرها من جديد ومن ثمة تداولت الدعوى أمام المحكمة الأخيرة إلى أن قضت بذات الحكم مستندة في ذلك إلى ما قام ضد المتهمين من أدلة قولية ومادية قاطعة. فعرض الأمر على محكمة التمييز للمرة الثانية حيث أصدرت حكمها المتقدم برفض الطعن وإقرار الحكم. يذكر أن محكمة التمييز اثبتت حكم الإعدام في 16/11/2016 في القضية الخاصة بقتل الشرطي عبد الواحد سيد محمد فقير والشروع في قتل آخرين والمتهم فيها اثني عشر متهماً، حيث قضت بإقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول والثاني وتأييد أحكام السجن المقضي بها بحق باقي الطاعنين.
وكان الشهيد الملازم أول طارق محمد الشحي شيع بمسقط رأسه في بلدة شعم في إمارة رأس الخيمة قبل نحو عام ونصف وسط حشود غفيرة من أبناء الإمارات وسكان المنطقة.
وقالت والدة الشهيد «طارق»، في تصريحات سابقة، إن حزنها لفراق «طارق» لا يوصف، لكنها في الوقت ذاته تشعر بالفرح والراحة لنيله الشهادة.
في حين، قال النجل الأكبر للشهيد الشحي، 12 عاماً، إنه لم يتمكن من وصف حالة الأسى والفاجعة، التي يشعر بها هو وأشقاؤه والعائلة برحيل والده، مشيراً إلى أن «ألم الفراق يعتصرنا، لكن عزاءنا هو أن والدي فارق الحياة خلال أدائه واجبه الوطني، في خدمة بلاده، التي أحبها وتطلع لخدمتها أكثر وأكثر خلال حياته، لينال ما أراد وما حلم به».
وبأسى وحزن، قالت مريم الشحي، شقيقة الشهيد انطفأت شمعة البيت، بعدما فقدنا شقيقنا «طارق» رحمه الله، رحل عنا صاحب القلب الحنون، محبوب الجميع، فجأة ومن دون مقدمات، فيما لم تفتر كلماتها حتي اليوم.
وأشارت كان وكيل الأسرة وعضدها بعد وفاة والدنا، رحمه الله قبل عامين وخمسة أيام، ولم يبرأ جرح فراقه إلا وتبعه شقيقنا.