مدينة شيآن؛ من أقدم العواصم الصينية على مدى 14 أسرة حاكمة، وكانت عاصمة الصين منذ توحيدها على يد إمبراطور الصين شين خوان دى «259-210» عام 221 قبل الميلاد، وهي تعد اليوم إحدى العواصم الثقافية المهمة، ففيها أهم متحف صيني تاريخي وهو متحف الجنود المحاربين المعروف باسم «تراكوتا»؛ أي تماثيل الجنود من الطين، وبها مقبرة أول إمبراطور للصين الموحدة، وبها ربما أهم مطعم إسلامي في الصين المعروف باسم «مطعم الإسلام» يزوره كبار الشخصيات وبها مسجد كبير من مساجد المسلمين فضلاً عن الكنائس المسيحية، والباجودا «للعقيدة البوذية» وهي بداية طريق الحرير البري المشهور، كما إن بها جامعة من أهم جامعات الصين، وهي جامعة شمال غرب الصين، وبها معهد لدراسات الشرق الأوسط أنشئ عام 1964 ولديه برنامج للدكتوراه منذ عام 1986، وكان يركز على الشرق الأوسط ودراسة الأديان والثقافات العالمية.
ومثل هذه المعاهد لا توجد إلا في مدن الصين الكبرى مثل بكين وشنغهاي، وأصدر المعهد عدة مؤلفات متخصصة باللغة الصينية شملت كافة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والجزائر وسوريا وإيران، والمتخصصون الصينيون بالمعهد منهم متخصصون في المذاهب الإسلامية المختلفة ومن بينها المذهب الشيعي وفي التراث والحضارة الإسلامية، وقد زرت مع وفد من الأكاديميين والباحثين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هذه الجامعة وأجرينا حواراً مع رئيس الجامعة وأساتذتها وأعربوا عن تطلعهم للتعاون مع الدول العربية وبخاصة دول مجلس التعاون، واستقدام الطلاب من هذه الدول، وإن الجامعة بها طلاب من العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وآسيا، وإن من بين خريجي هذه الجامعة أحد رؤساء المجلس الاستشاري السياسي للشعب الصيني «مجلس الشورى»، وأحد نواب رئيس الوزراء، والأديب الصيني Jia Pingwa الذي يعادل في شهرته وأدبه الصيني مويان الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، وإنها حصلت على مراكز متقدمة في الكيمياء والفيزياء والرياضيات على مستوى عالمي، كما إن أحد رؤساء الجامعة السابقين وهو «وانج جي تشين» كان العضو السادس في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني ومسؤولاً عن لجنة الانضباط والتي مهمتها مراقبة سلوك أعضاء الحزب ومكافحة أي انحراف في داخل الحزب.
والجامعة بها مركز للدراسات الفلسطينية أنشئ عام 2010، وهو المركز الوحيد في الصين، وقد زار الجامعة السفير أحمد رمضان، سفير فلسطين حالياً في الصين، وبعد ذلك تم إنشاء مركز للدراسات الفلسطينية، كما زارها الرئيس التركي عبدالله غول وغيره من قادة الدول، وعقدت الجامعة من خلال مركز دراسات الشرق الأوسط ندوات مع جامعة الملك سعود، وجامعات في قطر والكويت، ولديها مجلة باللغة الصينية عن الشرق الأوسط، والمركز ضمن الهيئات الاستشارية للقيادة الصينية في قضايا الشرق الأوسط، وقد تم في معهد دراسات الشرق الأوسط إجازة أكثر من 27 رسالة ماجستير ودكتوراه عن المنطقة، ومنها رسالة دكتوراه عن العلاقات الخارجية لمصر من 1970-2000، وقدمت تحليلاً ممتازاً عن السياسة المصرية في تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر، وحللت الأبعاد الـ3 في تلك العلاقات؛ البعد الأمريكي، البعد الإسرائيلي، والبعد العربي. وأعد الرسالة الباحث الصيني تشين تيان شي، وأشرف عليها البروفيسور وانج تياجنج، وخلصت الدراسة إلى أن أبرز التحولات الـ3 في السياسة المصرية في تلك الفترة هي الانتقال من التحالف مع الاتحاد السوفيتي للتحالف مع أمريكا في إطار التعاون، وعلاقة مصر مع إسرائيل التي حققت السلام المصري الإسرائيلي وإن ظل سلاماً بارداً.
أما علاقات مصر العربية فقد ظلت تتسم بالاستمرارية رغم الخلافات حيناً، والتعاون حيناً آخر، واتبعت الرسالة في التحليل أسلوب تعدد المناهج البحثية، وتضمنت المفاهيم الجديدة في التحليل مثل الاتصال الحضاري السياسي والثقافي والاقتصادي والعسكري، وما قامت عليه هذه المصطلحات من صور التفاعل بين الدول مثل مفاهيم السلام والحرب والتعاون والصراع، نتيجة العوامل المتعددة، في مقدمتها عوامل الجغرافيا والبيئة والدين والثقافة والنظام السياسي فضلاً عن شخصية الحاكم ومصالح الدولة ونشرت خلاصة الأطروحة باللغة الإنجليزية، كما هو شأن باقي الرسائل الجامعية التي تصدرها الجامعة.
«مطعم الإسلام»، كما يسمى وكما هو مكتوب على مدخله، يقدم أجود أنواع الأطعمة الإسلامية بنكهة صينية وشرق أوسطية، ومديره يكن مودة خاصة للعرب والمسلمين القادمين من خارج الصين، وحرص على الاحتفاء بالوفد بدرجة لا تقل عن احتفائه برؤساء الدول الذين زاروا المطعم، وعلق صورهم في ردهاته الفسيحة، وبالمطعم صورة لمسجد الشيخ زايد آل نهيان.
أما متحف الجنود المحاربين، فهو متحف رائع في مبانيه وأسلوب العرض والمحتويات الفريدة فيه، والتي تم اكتشافها في منتصف السبعينات من القرن العشرين بواسطة فلاح صيني كان يحفر في حقله فوجد تماثيل لجنود، وكان يساعده أربعة آخرون، فأصبحوا كلهم شخصيات مشهورة بما فيهم الفلاح الأول الذي جرى تعيينه موظفاً بالمتحف، وأصبح كل من يزور المتحف يحرص على أخذ صورة معه ليكون ضمن سجلات زوار المتحف، وقد فعلت ذلك مثل معظم الزائرين، واشتريت كتابه عن الاكتشاف ووقع عليه بإمضائه، وهو يبلغ من العمر أكثر من ثمانين عاماً، ولم يغادر الصين، وأصبح مثل التراكوتا ضمن مقتنيات المتحف، إذا جاز مثل هذا التعبير.
المسجد الإسلامي الكبير تحفة الأشجار وبداخله أيضاً في الردهات الفسيحة ويضم قاعتين للصلاة إحداهما للرجال والأخرى للنساء، وبه مكتب لإمام المسجد، والمسلمون في مدينة شيآن هم خليط جميل بين العرب والفرس والصينيين، فهو نتاج تصاهر أبناء الحضارتين الإسلامية والصينية، ولذلك فهم يحبون وطنهم ويعبرون عن ولائهم له كما يحبون بعضهم وإخوانهم في الدين وفي الوطن.
وفي مدينة شيآن أكبر مصانع سيارات الشحن الكبرى وسيارات ناقلات الجنود التي تورد للجيش الصيني، ويصدر جزء منها للخارج، وقد أنشئ عام 1968 ثم جرى تحديثه عام 2000 وعام 2005 بتعاون صيني ألماني، فأصبح يجمع بين الخبرة التاريخية والتطورات الحديثة في مجال التكنولوجيا، وفي المصنع اثنان من الشرق الأوسط في مجال المبيعات أحدهما مصري والآخر إيراني، وهما يجيدان اللغة الصينية، ولدى مدينة شيآن مسرح للفن الصيني الحديث، ويعرض مسرحية عشيقة الإمبراطور المفضلة والتي لعبت دوراً مع أول أباطرة الصين، والمسرحية تجمع بين الحقيقة والأسطورة عن هذه العشيقة، وعن الإمبراطور وتتميز بإخراج فني رائع ولوحات مسرحية بالغة الروعة ولذلك تجتذب السائحين من مختلف دول العالم.
إن مدينة شيآن هي مدينة عريقة تجمع بين عبق التاريخ وتراثه وبين التطور الحديث في مصانعه وتحرص على تراثها الإسلامي والبوذي، كما تحرص على التفاعل العلمي مع نتائج العلوم الحديثة. وفي تقديري أنها يمكن أن تكون منارة علمية لدراسة الطلاب من الشرق الأوسط للاطلاع على التطور العلمي في الصين ذات المساهمة العريقة في تاريخ العلوم، منذ أكثر من عشرين قرناً، وهو ما دعا للقول المأثور «اطلبوا العلم ولو في الصين»، والآن أصبحت الصين على بعد بضع ساعات وليس شهوراً عندما ذهب إليها الرحالة ابن بطوطة، وكما ذهب إليها المسلمون تجاراً ودعاة منذ الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان.
تلك لمحات عن مدينة شيآن عاصمة الصين القديمة وبداية طريق الحرير التاريخي المشهور.
ومثل هذه المعاهد لا توجد إلا في مدن الصين الكبرى مثل بكين وشنغهاي، وأصدر المعهد عدة مؤلفات متخصصة باللغة الصينية شملت كافة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والجزائر وسوريا وإيران، والمتخصصون الصينيون بالمعهد منهم متخصصون في المذاهب الإسلامية المختلفة ومن بينها المذهب الشيعي وفي التراث والحضارة الإسلامية، وقد زرت مع وفد من الأكاديميين والباحثين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هذه الجامعة وأجرينا حواراً مع رئيس الجامعة وأساتذتها وأعربوا عن تطلعهم للتعاون مع الدول العربية وبخاصة دول مجلس التعاون، واستقدام الطلاب من هذه الدول، وإن الجامعة بها طلاب من العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وآسيا، وإن من بين خريجي هذه الجامعة أحد رؤساء المجلس الاستشاري السياسي للشعب الصيني «مجلس الشورى»، وأحد نواب رئيس الوزراء، والأديب الصيني Jia Pingwa الذي يعادل في شهرته وأدبه الصيني مويان الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، وإنها حصلت على مراكز متقدمة في الكيمياء والفيزياء والرياضيات على مستوى عالمي، كما إن أحد رؤساء الجامعة السابقين وهو «وانج جي تشين» كان العضو السادس في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني ومسؤولاً عن لجنة الانضباط والتي مهمتها مراقبة سلوك أعضاء الحزب ومكافحة أي انحراف في داخل الحزب.
والجامعة بها مركز للدراسات الفلسطينية أنشئ عام 2010، وهو المركز الوحيد في الصين، وقد زار الجامعة السفير أحمد رمضان، سفير فلسطين حالياً في الصين، وبعد ذلك تم إنشاء مركز للدراسات الفلسطينية، كما زارها الرئيس التركي عبدالله غول وغيره من قادة الدول، وعقدت الجامعة من خلال مركز دراسات الشرق الأوسط ندوات مع جامعة الملك سعود، وجامعات في قطر والكويت، ولديها مجلة باللغة الصينية عن الشرق الأوسط، والمركز ضمن الهيئات الاستشارية للقيادة الصينية في قضايا الشرق الأوسط، وقد تم في معهد دراسات الشرق الأوسط إجازة أكثر من 27 رسالة ماجستير ودكتوراه عن المنطقة، ومنها رسالة دكتوراه عن العلاقات الخارجية لمصر من 1970-2000، وقدمت تحليلاً ممتازاً عن السياسة المصرية في تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر، وحللت الأبعاد الـ3 في تلك العلاقات؛ البعد الأمريكي، البعد الإسرائيلي، والبعد العربي. وأعد الرسالة الباحث الصيني تشين تيان شي، وأشرف عليها البروفيسور وانج تياجنج، وخلصت الدراسة إلى أن أبرز التحولات الـ3 في السياسة المصرية في تلك الفترة هي الانتقال من التحالف مع الاتحاد السوفيتي للتحالف مع أمريكا في إطار التعاون، وعلاقة مصر مع إسرائيل التي حققت السلام المصري الإسرائيلي وإن ظل سلاماً بارداً.
أما علاقات مصر العربية فقد ظلت تتسم بالاستمرارية رغم الخلافات حيناً، والتعاون حيناً آخر، واتبعت الرسالة في التحليل أسلوب تعدد المناهج البحثية، وتضمنت المفاهيم الجديدة في التحليل مثل الاتصال الحضاري السياسي والثقافي والاقتصادي والعسكري، وما قامت عليه هذه المصطلحات من صور التفاعل بين الدول مثل مفاهيم السلام والحرب والتعاون والصراع، نتيجة العوامل المتعددة، في مقدمتها عوامل الجغرافيا والبيئة والدين والثقافة والنظام السياسي فضلاً عن شخصية الحاكم ومصالح الدولة ونشرت خلاصة الأطروحة باللغة الإنجليزية، كما هو شأن باقي الرسائل الجامعية التي تصدرها الجامعة.
«مطعم الإسلام»، كما يسمى وكما هو مكتوب على مدخله، يقدم أجود أنواع الأطعمة الإسلامية بنكهة صينية وشرق أوسطية، ومديره يكن مودة خاصة للعرب والمسلمين القادمين من خارج الصين، وحرص على الاحتفاء بالوفد بدرجة لا تقل عن احتفائه برؤساء الدول الذين زاروا المطعم، وعلق صورهم في ردهاته الفسيحة، وبالمطعم صورة لمسجد الشيخ زايد آل نهيان.
أما متحف الجنود المحاربين، فهو متحف رائع في مبانيه وأسلوب العرض والمحتويات الفريدة فيه، والتي تم اكتشافها في منتصف السبعينات من القرن العشرين بواسطة فلاح صيني كان يحفر في حقله فوجد تماثيل لجنود، وكان يساعده أربعة آخرون، فأصبحوا كلهم شخصيات مشهورة بما فيهم الفلاح الأول الذي جرى تعيينه موظفاً بالمتحف، وأصبح كل من يزور المتحف يحرص على أخذ صورة معه ليكون ضمن سجلات زوار المتحف، وقد فعلت ذلك مثل معظم الزائرين، واشتريت كتابه عن الاكتشاف ووقع عليه بإمضائه، وهو يبلغ من العمر أكثر من ثمانين عاماً، ولم يغادر الصين، وأصبح مثل التراكوتا ضمن مقتنيات المتحف، إذا جاز مثل هذا التعبير.
المسجد الإسلامي الكبير تحفة الأشجار وبداخله أيضاً في الردهات الفسيحة ويضم قاعتين للصلاة إحداهما للرجال والأخرى للنساء، وبه مكتب لإمام المسجد، والمسلمون في مدينة شيآن هم خليط جميل بين العرب والفرس والصينيين، فهو نتاج تصاهر أبناء الحضارتين الإسلامية والصينية، ولذلك فهم يحبون وطنهم ويعبرون عن ولائهم له كما يحبون بعضهم وإخوانهم في الدين وفي الوطن.
وفي مدينة شيآن أكبر مصانع سيارات الشحن الكبرى وسيارات ناقلات الجنود التي تورد للجيش الصيني، ويصدر جزء منها للخارج، وقد أنشئ عام 1968 ثم جرى تحديثه عام 2000 وعام 2005 بتعاون صيني ألماني، فأصبح يجمع بين الخبرة التاريخية والتطورات الحديثة في مجال التكنولوجيا، وفي المصنع اثنان من الشرق الأوسط في مجال المبيعات أحدهما مصري والآخر إيراني، وهما يجيدان اللغة الصينية، ولدى مدينة شيآن مسرح للفن الصيني الحديث، ويعرض مسرحية عشيقة الإمبراطور المفضلة والتي لعبت دوراً مع أول أباطرة الصين، والمسرحية تجمع بين الحقيقة والأسطورة عن هذه العشيقة، وعن الإمبراطور وتتميز بإخراج فني رائع ولوحات مسرحية بالغة الروعة ولذلك تجتذب السائحين من مختلف دول العالم.
إن مدينة شيآن هي مدينة عريقة تجمع بين عبق التاريخ وتراثه وبين التطور الحديث في مصانعه وتحرص على تراثها الإسلامي والبوذي، كما تحرص على التفاعل العلمي مع نتائج العلوم الحديثة. وفي تقديري أنها يمكن أن تكون منارة علمية لدراسة الطلاب من الشرق الأوسط للاطلاع على التطور العلمي في الصين ذات المساهمة العريقة في تاريخ العلوم، منذ أكثر من عشرين قرناً، وهو ما دعا للقول المأثور «اطلبوا العلم ولو في الصين»، والآن أصبحت الصين على بعد بضع ساعات وليس شهوراً عندما ذهب إليها الرحالة ابن بطوطة، وكما ذهب إليها المسلمون تجاراً ودعاة منذ الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان.
تلك لمحات عن مدينة شيآن عاصمة الصين القديمة وبداية طريق الحرير التاريخي المشهور.