تحقيق: علي الأسعدي
من الملاحظ والمتعارف عليه منذ القدم تعرض طبقة الأرض بما تحتويه من قشرة خارجية "سطحية" وداخلية للعديد من عوامل التعرية والظواهر الطبيعية (كالفيضانات والبراكين و الزلازل و الزحف القاري و انقراض النبات والحيوان وغيره الكثير...) وكان أيضا للإنسان دور وعامل كبير في تدمير طبقة الأرض.
كما أن هناك ظاهرة انتشرت بكثرة في العقود الأخيرة مؤخرا وباتت ملحوظة ألا وهي ظاهرة الاحتباس الحراري فالتقارير العلمية التي تدرس ظاهرة الاحتباس الحراري تتنبأ بحدوث الكثير من الكوارث لمختلف مناطق العالم بصرف النظر عن ثراء هذه الأمم، فعلى سبيل المثال تتوقع تقارير لجان المناخ العالمية بحدوث حالات جفاف، وتطرف المناخ بين برد قارس أو حر شديد، وحدوث العواصف الاستوائية، وأخيرا ارتفاع مستوى سطح البحر.
فالتحقيق يركز على الظاهرة الأخيرة لأن المملكة عبارة عن مجموعة من الجزر الطبيعية والصناعية، وبالتالي هناك تكهن بوجود تهديد ليس لهذا الجيل تحديدا، لكن هناك إمكانية للأجيال القادمة أن تعاني إن لم تتخذ الخطوات الاستباقية.
ارآء مختلفة
عند استطلاعي لآراء طلاب كان منهم المؤيد أن الانسان هو من اختلق هذه الظاهرة والسبب الرئيسي فيها بينما الجزء الأخر كان معارض لهذه الفكرة. قالت ندى سامي طالبة في جامعة البحرين "تلك تعد مشكلة سببها الإنسان وأنها لم تكن موجودة بالأساس وذلك مثلا من خلال عوادم السيارات و ما تخلفه المصانع من دخان وأيضا التدخين بمختلف أنواعه سواء كان بسبب السجائر أو الشيشة وأضافت لا ننسى كذلك حرق القمامة والمخلفات وما إلى ذلك فتلك كلها مسببات رئيسية أولى في مشكلة الاحتباس الحراري" ووافقها في الرأي الطالب أحمد عماد.
من جهة أخرى قال محمد محمود "تلك مشكلة ليست من صنع الإنسان وإنما هذا شئ من الطبيعي أن نتعرض له كل سنة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة كل سنة عن السنة التي سبقتها" وأيدته الطالبة ميس في رأيه.
زيادة...في أدنى طبقات الأرض
فقد عرف العلماء هذه الظاهرة بأنها زيادة ولكن بنسبة مرتفعة في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض وذلك نتيجة لغاز اكتشف بعد الثورة الصناعية وخلالها وهو يسمى بغاز "greenhouse gases" الصوبة الخضراء وهو عبارة عن خليط من مجموعة من غازات (بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والأوزون) فهي غازات مهمة وضرورية كأساس لتدفئة سطح الأرض فمن مهامها امتصاص الأشعة تحت الحمراء والحفاظ على درجة حرارة الأرض في معدلها الطبيعي.
ولكن مع تقدم العالم في مجالات عدة وبالأخص في مجالي الصناعة والمواصلات بسبب انطلاق عنصر هام وأصبح وجوده ملاحظا وظاهرة في فترة التسعينيات ألا وهو عنصر الوقود من (فحم ، بترول ، غاز طبيعي) فأصبح يستخدم كمصدر أساسي للطاقة وغاز الكلوروفلوروكربونات في الصناعة.
فكانت من أسباب زيادة درجة حرارة طبقات الأرض استخدام غاز الصربة الخضراء بكثرة ظنا من أن استخدامه بكثرة سيحافظ على درجة حرارة الأرض ثابتة ولكن ما توقعوه من نتائج جاءت سلبية وعكسية تماما فأدى ذلك إلى الزيادة التدريجية في درجة حرارة الأرض.
الخمسمائة عام الأخيرة...بمعدل درجة سيليزية واحدة
وفقا لدراسة حديثة قد نشرت في دورية geophysical research letters كشفت التأثير المناخي على البحر الأحمر الذي أدى إلى ارتفاع درجة حرارة مياهه منذ التسعينات.
وأظهرت دراسة قد تم نشرها في دورية science في عام 2010 تفيد بأن ارتفاع درجة حرارة سطح البحر الأحمر قد أدت إلى بطأ في نمو بعض المستعمرات الصحية ونذكر منها مستعمرة "ديبلواستريا هيليوبورا" وهي سلالة مرجانية ضخمة بنسبة 30% منذ عام 1998.
ولتحديد ما إذا كان الاتجاه اتجاها إقليميا قامت وحدة أبحاث المناخ في جامعة إيست إنجليا ومركز هادلي في إكستر التابع لهيئة الأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة بمقارنة دراسة هذا الاحتباس الحراري في البحر الأحمر بدرجات حرارة نصف الكرة الشمالي.
وأثبتت بعض الدراسات الحديثة التي أجراها الكثير من الباحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا ارتفاع حاد في درجة حرارة مياه البحار بشكل عام وبالأخص مياه البحر الأحمر بنسبة 0,7 مستمدة من الأقمار الصناعية.
في بداية 2008 تم نشر بحث محكم في مجلة علمية عالمية وبواسطة فريق عمل أكاديمي من جامعة الخليج العربي وجامعة الإسكندرية المصرية لدراسة تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب ظاهرة تغير المناخ على سواحل مملكة البحرين. تم استخدام أدوات نظم المعلومات الجغرافية (GIS) والإستشعار عن بعد (Remote Sensing) للتحليل وتم تصميم عمليات محاكاة لعدة سيناريوهات مستقبلية في حال ارتفاع مستوى سطح البحر بحوالي 0.5، 1، 1.5، 2 و5 أمتار. نتائج الدراسة تم إدراجها ضمن ملف الإبلاغ الوطني الأول (Initial National Communication) والتي تم تسليمها عام 2005 ضمن التزامات البحرين كعضو غير مدرج في المرفق 1 Non Annex 1)) في اتفاقية كيوتو. الدراسة توصلت الى توقع غرق نحو 11 في المئة (77 كيلومتر مربع) من المساحة الكلية للمملكة في حال ارتفاع مستوى سطح البحر بنصف متر فقط، وتوقعت الدراسة أن تكون المناطق الجنوبية الغربية وجزيرة المحرق من أكثر المناطق تضررا.
في نهاية هذا القرن من المتوقع ان تواجه الأجيال القادمة مشاكل اقتصادية عدة بسبب أفول عصر الذهب الأسود في البحرين على الأقل. لذلك هناك ضرورة لتنفيذ التوصيات العملية لحماية سواحل المملكة من ظاهرة الاحتباس الحراري، خصوصا مع وجود فترة الرخاء الحالية. قد يظن البعض ان هناك مبالغة، لكن زيادة مستوى البحر بحوالي 5 مليمتر (نصف سنتيمتر) سنويا معناه زيادة مستوى البحر بنصف متر خلال 100 عام.
ليست ظاهرة إقليمية
قال الباحث إبراهيم حطيط "أن تحليله لهذه الدراسات لا يبين العوامل التي أدت إلى الارتفاع في درجات الحرارة ويقول أيضا: أن هذا النمط لا يرجع إلى ظاهرة إقليمية من وجهة نظره وإنما يرى أن التغيرات المصاحبة في المناخ هي السبب وراء احترار البحر الأحمر".
كائنات زوزانتلي
وأضاف محمود حسن حنفي أخصائي في علوم الأحياء البحرية بجامعة قناة السويس في الإسماعيلية بمصر عن مدى حزنه لما آلت إليه الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم من تبييض وموت.
ولكن كما قال فيليب فلا ليزكانو بأن الشعب المرجانية هي الأكثر مرونة في مواجهة تغيرات المناخ.
وأضاف حنفي قائلا أنه توجد أنواع من الكائنات تساهم في بناء الشعاب فهي توجد في البحر الأحمر وتسمى "كائنات زوزانتلي".
وذكر بحث في الولايات المتحدة أن النباتات تزهر أسرع مما توقع العلماء استجابة لتغير المناخ وهو ما قد يكون له آثار مدمرة غير مباشرة على سلاسل الغذاء والنظم البيئية.
وقال العلماء إن ظاهرة الاحتباس الحراري سيكون لها تأثير كبير على مئات الأنواع النباتية والحيوانية في مختلف أنحاء العالم مما يغير بعض أنماط التربية والهجرة والتغذية موضحين ان زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري قد تؤثر على إنتاج النباتات للأوكسجين في حين أن ارتفاع درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار قد تغير من سلوكها.
وقال باحثون في جامعة كاليفورنيا في سان دييجو وعدة مؤسسات أمريكية أخرى "توقع استجابة الأنواع لتغير المناخ يمثل تحديا كبيرا في علم البيئة".
واعتمدت الدراسة التي نشرت على موقع "ناتشر" على الانترنت على أدلة من دراسات عن دورة حياة النبات وتجارب في أربع قارات شملت 1634 نوعا وكشفت أن بعض التجارب قللت تقدير سرعة الإزهار بمقدار 8.5 مرة ونمو الأوراق بمقدار أربع مرات.
نجني تراكمات السنوات الماضية !
عبر الدكتور حسين غانم أستاذ في كلية العلوم بجامعة البحرين عن مشكلة الاحتباس الحراري بأنها مشكلة ليست وتيرة اللحظة وإنما هي مشكلة نتيجة لتراكمات السنوات السابقة وأن تلك المشكلة من الأساس لم تكن ملحوظة في السابق حتى وإن كانت ظواهر الأرض الطبيعية سبب في ذلك ولكن تفاقم المشكلة يأتي بالفعل منذ أن خلق الإنسان وأصبح يدمر في طبقات الأرض فإذا يتفق الباحث مع أن من أوجد مشكلة الاحتباس الحراري وكان مسبب أول فيها ما هو إلا نتيجة من صنع الإنسان نفسه وكانت الدكتورة أفنان محمود فريجة أستاذ مساعد بكلية علوم من ضمن من وافقته الرأي.
أما عن الدكتورة ثريا أستاذ مساعد في كلية العلوم فآلت إلى أن تقول بأن الاحتباس الحراري بالفعل يعد مشكلة من المشاكل التي نعاني منها جميعا على مستوى العالم وليس فقط على المستوى الإقليمي أو الدولي ويكمن ذلك بسبب عدم إيجاد حلول أوبدائل سريعة لحل مثل تلك المشكلة فبالتالي يؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلة سنة تلو الأخرى وأضافت فيجب على الخبراء والمتخصصين معالجة المشكلة من جذورها فمن وجهة نظرها هنا يكمن أساس المشكلة بالإضافة إلى ما ذكره الدكتور حسين غانم وكان من ضمن من اتفقوا مع الدكتورة في الرأي الدكتور قاهر علي منديل أستاذ مشارك في كلية العلوم.
الغازات... وحقيقة عن تلك الظاهرة
أثبتت حقائق أن وجود غازات الصوبة الخضراء في الغلاف الجوي لسطح الأرض تقوم على امتصاص الأشعة تحت الحمراء وتقول الحقائق أيضا بوجود أشعة تسمى بالأشعة المحتبسة وهذه الأشعة تقوم بتدفئة سطح الأرض ورفع درجة حرارته.
ومن ضمن الغازات التي تنتج نتيجة لنشاط الإنسان بشكل عام ونتيجة لحرق الوقود (البترول والفحم) بشكل خاص غازات مثل بخار الماء والميثان وأكسيد النيتروز.
فكان لأنشطة الإنسان هذه نتيجة سلبية أدت إلى الزيادة في نسبة تواجد مثل هذه الغازات عن النسب الطبيعية لها.
ومن جهة أخرى أكدت حقائق بأهمية وجود ظاهرة الاحتباس الحراري وضرورة وجودها حيث بدونها قد تصل درجة حرارة الأرض ما بين 19و15 درجة سيليزية تحت الصفر.
العلماء...بين...مؤيد ومعارض
قام البعض بحساب احتمالات لأي زيادة في درجات الحرارة على سطح الأرض واكتشاف ما إذا كانت توجد أي زيادة في نسب انبعاثات غازات الصوبة الخضراء وذلك من خلال تصميم برامج كمبيوتر تضاهي أنظمة المناخ على سطح الأرضض ، ومن ثم قاموا بتخزين أي بيانات قد تم الحصول عليها.
حيث يرى المؤيدون أن هذه الظاهرة هي العنصر الرئيسي وراء ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسب غازات الصوبة الخضراء والتي بالتالي تؤدي إلى احتباس كمية أكبر من الأشعة الشمسية وبالتالي يؤدي ذلك إلى الارتفاع في درجة حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي.
فكانت من ضمن مطالب المؤيدين لهذه الفكرة التعدد في استخدام الطاقات النظيفة مثل طاقة الشمس والرياح في إنتاج الوقود بدلا من الوقود الحفري حيث اكتشف أن نسبة استخدام الطاقات النظيفة لم يتعدى 2% من إجمالي الطاقات المستخدمة.
وأيضا من وجهة نظر المؤيدين من العوامل التي ستؤدي إلى تقليل مثل هذه الظاهرة هي الخفض لنسب غازات الصوبة الخضراء المستخدمة وأهمها غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تمثل نسبته نسبة عالية وتقدر ب 63% من هذه الغازات.
من جهة أخرى كان للمعارضين اراء مختلفة ، فأعرب المعظم عن مدى عدم تأكدهم من الزيادة في الاحتباس الحراري أو الارتفاع في درجات الحرارة.
وأضافوا بأن قدرات برامج الكمبيوتر المستخدمة للتنبؤ بتغيرات المناخ المضاهية لنظام مناخ الكرة الأرضية ليست بكافية بسبب ، شدة تعقيد المؤثرات التي يخضع لها هذا النظام ولصعوبة التعامل معه وكما يصعب التنبؤ بالتغيرات المناخية طويلة الأمد لأن ، هذه البرامج المستخدمة بالكمبيوتر تفوق قدرات أفضل أجهزة كمبيوتر وأسرعها.
ومن ناحية أخرى نفى البعض عن ضرورة البحث وراء وجود ارتفاع في درجات الحرارة حيث يرون أن من الطبيعي أن تكون هناك حالات كتلك على سطح الكرة الأرضية من ارتفاع أو انخفاض.
حيث قال الأغلبية "أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة ملحوظ منذ عام 1900 حتى منتصف الأربعينيات حتى بدأت درجات الحرارة بالانخفاض تدريجيا بين منتصف الأربعينيات والسبعينيات حتى أصبحت جملة "قرب حدوث عصر جليدي" جملة رائجة ومشهورة آنذاك".
ومن ثم بدأ حدوث ارتفاع في درجات الحرارة تدريجيا في فترة الثمانينيات وأصبحت فكرة "ظاهرة الاحتباس الحراري" فكرة منتشرة عند الكثيرين في ذاك الوقت.
الرياح الشمسية...وفكرة جديدة
كما أن يوجد فكر آخر عند البعض ألا وهو أن السبب الرئيسي في زيادة درجات الحرارة هي الرياح الشمسية التي من وجهة نظر البعض تعمل على تقليل الأشعة الكونية التي تخترق الغلاف الجوي بمساعدة مجالنا المغناطيسي.
وبالتالي فإن هذا النشاط الذي يسمى "بالنشاط الشمسي" يعمل على تقليل كمية الأشعة الكونية أي ، بمفهوم آخر يعمل على نقص السحب المساعدة على برودة سطح الأرض وارتفاع درجة حرارة كوكبنا الأرض.
فهذه الفئة من الناس الذين يراودهم هذا الفكر يرون أن هذه الفكرة أكثر منطقية من الأفكار التي تلتها وأنها تبرر الارتفاع في درجات الحرارة.
ولتعود درجات الحرارة إلى الانخفاض كما كانت عليه في السابق يجب ولابد من انخفاض هذا النشاط الشمسي.
وأخيرا وليس آخرا بات أيضا من الضروري إنفاق مبالغ طائلة لخفض نسب ثاني أكسيد الكربون وذلك لتنقية هواءنا الذي نتنشقه وماءنا الذي نشربه يوميا.
العلماء في حيرة من أمرهم؟!!!
أصبح العلماء في حيرة من أمرهم بين المؤيد والمعارض فمنهم من اقتنع بفكرة أن الاحتباس الحراري هو المسبب الرئيسي والحقيقة وراء الارتفاع في درجات الحرارة.
والبعض الآخر شكك في ذلك ورأوا من وجهة نظرهم أن الرياح الشمسية هي العامل وراء ذلك.
في حين أن البعض الآخر قالوا بأنه لايوجد ارتفاع غير طبيعي في درجات الحرارة وإنما هو شئ نسبي وطبيعي وما من ضرورة للبحث.
ولكن اتفق العلماء جميعا على شئ واحد ألا وهو حتما التقليل من نسب التلوث سواء كان ذلك في الماء أوالهواء أوالتربة حول العالم أجمع.
وأخيرا وليس آخرا .. !
من الضروري وجود حلول جسيمة وجذرية لحل مثل تلك المشكلة وحل مشكلة انبعاثات غازات الصوبة الضراء وثاني أكسيد الكربون وذلك بالتقليل من استخدامها وإيجاد الغازات البديلة أواستخدامها بنسب ضئيلة بحيث لا تكون لها آثار جانبية ذلك من جهة.
ومن جهة أخرى استخدام الطاقات النظيفة لخفض نسب التلوث التي تؤئر على كوكبنا وبيئتنا وحياتنا اليومية فهي أصبحت كالوباء أوالمرض الذي ينتشر ولابد من التخلص منه.
فعلى الدولة اتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة للحد من جميع أنواع التلوث التي قد تؤدي بالسلب على المجتمع وتؤدي الى تفاقم الظاهرة بدلا من حلها !