مريم محمد

مع نزوح الأهالي من مناطقهم بمحافظة العاصمة، وترك بعضهم لبيوتهم السابقة مهجورة أصبحت عرضة للممارسات غير القانونية التي يرفضها المجتمع. وعلى الرغم من سد منافذ الدخول لتلك البيوت من قبل الجهات المختصة، إلا أن بعض البيوت لاتزال مفتوحة ويتسلل إليها الأطفال والشباب والمقيمون بصورة مخالفة مما يشكل خطرا عليهم وعلى الأهالي.

ويرى عقيل فتيل "55 عاماً"، أن ترك البيوت مهجورة وسط الأحياء السكنية يشكل خطراً على الأهالي وتحديدا الأطفال، إذ يستغلهم ضعاف النفوس بإدخالهم إلى تلك البيوت للاعتداء عليهم، بالإضافة إلى توجه المقيمين بصورة غير شرعية إليها لممارسة أعمالهم المنافية للقانون. كما تتراكم الأوساخ فيها مما يفسد صورة الحي.



وترفض منى الذوادي "51 عاماً"، وجود البيوت المهجورة في المناطق السكنية، وقالت: "يجب إعادة ترميم تلك البيوت واستغلالها لتلبية الطلبات الإسكانية، إذ لا يستفيد منها أحد وتتحول إلى مكان للقاذورات والقوارض".

فيما يرى محمد حاجي "59 عاماً"، أن الحل الأفضل للتخلص من ظاهرة البيوت يتمثل بإعادة ترميمها وتحويلها إلى شقق إسكانية مع مواقف سيارات تكفي السكان للتخفيف على الطلبات الإسكانية أو تحويلها إلى مواقف متعددة الطوابق للأحياء القديمة، أو مبانٍ خدماتية للمناطق التي تعاني من نقص، فالبيوت المهجورة تضايق أهالي الحي بسبب التلوث الذي تسببه والتجاوزات التي تحدث داخلها.

من جهته أكد رئيس اللجنة الفنية بأمانة العاصمة مجدي النشيط إن البيوت المهجورة مرتع للممارسات غير الأخلاقية ويمكن استغلالها لتعاطي المخدرات، وقد يتجه إليها الشباب أو الصغار بالسن مما يشكل خطراً عليهم أو تكون مكاناً للسكن غير القانوني، مضيفاً أن أمانة العاصمة اتخذت الإجراء المناسبة ضد منزل مهجور اتخذه عمال الـ"فري فيزا"مسكناً لهم في منطقة النعيم.

وقال: "شكلت أمانة العاصمة لجنة خاصة للبيوت المهجورة وستضع الدراسات والحلول لهذه الظاهرة خلال العام الحالي. تقوم اللجنة بدورها بالتعاون مع هيئة الثقافة هيئة الثقافة والآثار، محافظة العاصمة والجمعيات الخيرية لمعالجة هذه الظاهرة لأن بعض البيوت تقع ضمن تصنيف الأبنية الأثرية مما يمنع التصرف ضدها، وتقوم الجمعيات الخيرية بتزويدنا بمعلومات حول أصحاب البيوت وطرق الاتصال معهم أو الورثة في حالات الميراث، كما نتواصل مع وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد البيوت التي بها ممارسات لاأخلاقية ونلقى تجاوباً بوضع حواجز على منافذ البيوت وإزالة كل ما يعيق رؤية ما يحدث فيها في حال تسلل أحدهم".

وأضاف النشيط: "بعض المنازل في محافظة العاصمة هجرت لما يزيد عن 70 عاماً، وبعضها عليها إشكالية الورث، فيصعب التواصل مع الورثة الذين لا يسكنون في تلك البيوت ويمكن أن يكونوا خارج البحرين، وعوضاً عن ذلك يتجه إليها المقيمون بصورة غير قانونية ليسببوا مشكلة أخرى وهي مساكن العزاب".

وأكد الحاجة إلى تحرك وتعاون من جميع الجهات لسد الفراغات في القانون؛ إذ توجد مواد في قانون البلديات حول إجازات البناء والهدم والترميم، ولكن لا توجد مواد حول البيوت المهجورة.

واقترح النشيط أن تصدر الأمانة حكماً من المحكمة بإلزام صاحب البيت الذي ترك بيته لمدة تزيد عن 3 أعوام بترميم البيت الذي هجره أو هدمه. وإذا لم يعرف صاحب البيت، تستملك وزارة الإسكان الأرض لتستفيد منها في تلبية الطلبات الإسكانية للمناطق التي لا يمكن إنشاء مدن جديدة فيها أو تحويلها إلى مواقف سيارات للمناطق القديمة التي تعاني شحاً في المواقف. وقال: "نأمل إصدار قانون يلزم بهذه الأمور حتى لا تترك البيوت على الشكل الذي يسبب تلوثا بصرياً وخطراً على الأهالي".

اجتماعياً، أكدت أستاذة علم الاجتماع بجامعة البحرين د.أحلام القاسمي أن البيوت المهجورة تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع لما يحدث داخلها من تجاوزات وأضرار اجتماعية وبيئية تسببها، ووجود هذه الظاهرة وما يترتب عليها من سلبيات في العاصمة التي تعتبر نبضاً لمملكة البحرين يشكل خطراً حقيقياً بضياع هوية البلد.

وقالت: "أصبحت هذه الظاهرة ملحوظة بشكل لافت في المناطق القديمة بمحافظة العاصمة، وتعود أسباب هذه المشكلة إلى نزوح العوائل إلى أحياء سكنية جديدة، وبالتالي تتحول بيوتهم التي هجروها لزمن طويل إلى تهديد للمجتمع".

وأوضحت القاسمي "فمن الجانب البيئي تتحول إلى بيئة خصبة للقوارض والحشرات فتعرض الحي إلى التلوث، كما ستتحول إلى أماكن مستهدفة لأغراض الفساد والممارسات الخاطئة وقد يلجأ إليها المقيمون بصورة مخالفة مما يؤثرون على ديموغرافية المجتمع، ومع كثرتهم تتحول الأحياء إلى صورة تعكس المجتمع الذي جاؤوا منه بالتالي تتنتشر الممارسات التي يرفضها مجتمعنا".

وأضافت أن ترك البيوت وعدم استثمارها يحولها إلى بؤر فساد يصعب السيطرة عليها، ووجودها في الأحياء سكنية سيؤدي إلى نزوح الأهالي، الأمر الذي لا يقدر عليه الجميع مما يعرضهم للسرقة والعنف من قبل القاطنين لتلك الأماكن المهجورة.