باريس - لوركا خيزران

قبل يوم من أول أيام عيد الأضحى في فرنسا، كان ولايزال مطلب المسلمين فيه معلقاً للحصول على يوم إجازة حكومي في أول أيام العيد، على غرار الأعياد الأخرى التي تعطل فيها الجهات الحكومية في فرنسا، إلا أن عدم تلبية هذا المطلب لا يغير من حقيقة يعترف بها مسلمو هذا البلد أن كثيراً من العبادات والطقوس والعادات تغيرت لتصبح شبيهة بطقوس العيد في بلدانهم الأم.

على غرار احتفالات المسلمين في العديد من الدول، احتفل مسلمو فرنسا الأحد بأول أيام عيد الأضحى، بعد أن اجتمع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية مع الهيئات الرئيسية للإسلام في فرنسا، بمسجد باريس الكبير، وأصدر بياناً أعلن فيه عن بدء العيد في 11 أغسطس ونهايته الأربعاء 14 أغسطس.



الدعم الذي جاء لمطلب الفرنسيين المسلمين بمنحهم عطلة حكومية اول أيام عيدي الاضحى والفطر من قبل مركز أبحاث "تيرّا نُوفَا"، المقرب من الحزب الاشتراكي، لم يغير شيئا من قرار الحكومة الفرنسية حتى الآن، رغم أن مسلمي فرنسا يطالبون منذ فترة طويلة، بأن تمنحهم الحكومة يوم عطلة، على الأقل، في أحد أعيادهم، خصوصاً أنّ الفرنسيين يحظون بالعديد من العطل ذات الأصل المسيحي.

وفي 2017 تقدم مركز أبحاث "تيرّا نُوفَا"، بمطلب لمنح الجاليتين الإسلامية واليهودية يومي عطلة في السنة، عيد الأضحى ويوم كيبور، حتى تنشأ "مساواة بين الديانات". ولم يتحقق ذلك، هذا العام أيضاً، وإن كان كثير من الفاعلين يرون أنّ الأمر لابدّ له من أن يحصل، في المستقبل.

محمود بلعلباس الفرنسي، جزائري الأصل، قال لـ"الوطن" إن طقوس عيد الأضحى تغيرت كثيرا مقارنة بما كانت عليه قبل 30 عاماً"، موضحاً أنه "قبلاً كانت مظاهر الاحتفالات محدودة بأحياء محددة يتجمع بها المهاجرون أما الآن فإن مدناً فرنسية كاملة قد تتحول أحياؤها لما يشبه أحياء بلداننا بالعيد".

الفرنسيون غير المسلمين باتوا يعرفون عيد الأضحى جيداً لكن تحت اسم "عيد الخروف" وهم يبادرون لتهنئة أصدقائهم وزملائهم المسلمين به.

يقول عروة القباني، لاجئ في فرنسا، "أصدقاء فرنسيون أخبروني أنهم يبقون مستيقظين أو يصحون باكراً صباح العيد ليشاهدوا المصلين وهم يخرجون معاً من صلاة العيد.. هم يرون في هذا المشهد محبة وانسجاما كبيراً".

وحول عدم تحديد يوم عيد الأضحى عطلة في فرنسا يقول كريم وهو فرنسي من أصول مغاربية "هناك تسامح من كثير من أرباب العمل مع موظفيهم وعمالهم، الذين تغيّبوا بعض الوقت في صباح العيد".

ولم تتردّد بلديات تتميز علاقاتها مع مواطنيها المسلمين بالسلام والمودة، في فتح منشآتها الرياضية كمصلَّيات، حتى تكتمل فرحة هذا المكوّن من المجموعة الوطنية الفرنسية.

ويضيف كريم "لطالما تغيبت أو تأخرت باليوم الأول من العيد، لكن لم يحدث أن مانع مدرائي، هم يتساهلون دائما معي".

وبحسب الحاج عبدالقادر وهو فرنسي من أصول تونسية: كنت في السابق أصر على السفر إلى تونس لقضاء عيد الأضحى لكن الآن هناك الكثير من الأهل هنا وهناك أجواء وطقوس تحاكي تماماً طقوس العيد في تونس لذلك لم أعد مضطراً للسفر".

وفيما يخص أسواق العيد، فمع وجود جالية إسلامية تقترب من 9 ملايين شخص في فرنسا، أصبحوا يشكلون سوقاً يثير لعاب التعاونيات الفلاحية، لبيع الخراف واللحوم.

وتقترح مساجد كثيرة على المصلين أن تتكفل بذبح أضحياتهم، وتحضر الذبائح إلى بيوتهم، من دون عناء. كذلك، اقترحت بعض الجزارات الإسلامية أن تتبرّع بـ20 يورو من ثمن الأضحية لتشييد مساجد.

ومنذ العام الماضي ظهرت شركة بفكرة جديدة تحت اسم "آلو خروف "Allo Mouton"" متخصصة في مجال الخراف وفي الذبح الحلال. وتحاول الشركة التي تمارس التجارة على الإنترنت المزاوجة بين احترام الشريعة الإسلامية والتواريخ والشفافية والنوعية واحترام آجال التسليم.

وتقترح هذه الشركة التي تشتغل بشعار "احتفلوا بالعيد بين عائلاتكم، آلو خروف تهتم بالباقي" التكفل باستقبال وتوزيع الهبات على الجمعيات الخيرية وعلى المحتاجين. ويصل ثمن الأضحية، كما تقترحه هذه الشركة، بعد ذبحها وتقطيعها وإيصالها إلى بيت المشتري إلى 269 يورو، في حين يكلف شراء أضحية والتصدق بها لجمعية خيرية 229 يورو.

ويعيش في فرنسا نحو 8.5 مليون مسلم متمركزين في الضاحية الباريسية وكبرى المدن كليون وليل ومرسيليا.