جاء العرض الذي قدمه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، خلال الملتقى الحكومي 2019 الذي عُقد الأسبوع الماضي، برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وبمبادرة من صاحب السمو الملكي ولي العهد متماشياً مع توجهات الحكومة لتحقيق التنمية الشاملة، إذ أعرب سموه عن شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء على رعايته الكريمة للملتقى.

وقال سمو ولي العهد في الملتقى "إنه بفضل حكمة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى، ودعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، استطاعت المملكة الحفاظ على الاستقرار الذي جاء أيضاً نتيجة برنامج التوازن المالي الذي وضعه فريق وطني بحريني هو محل فخر واعتزاز من الجميع، معرباً سموه عن تقديره للأشقاء على هذه الوقفة التي تؤكد عمق العلاقة التي تربط البحرين بهم أمنياً واقتصادياً".

وأكد سموه خلال الملتقى، أن الوضع المالي اليوم أكثر استقراراً مقارنة بالعام الماضي، وكل ما يلزمنا هو تجديد العزم نحو تحقيق الهدف المنشود من برنامج التوازن المالي، وهو نقطة التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية بحلول عام 2022، مشيراً سموه إلى أن الإحصاءات الأولية للبرنامج التي تم تحقيقها حتى اليوم تعزز الثقة في القدرة على الوصول إلى نقطة التوازن.



لا ننكر أننا بدون تلك المساهمات الكريمة جداً، لم نكن لنصل إلى نقطة التوازن الذي سعى إليه صاحب السمو الملكي ولي العهد مع برامجه الجباره في الوصول إليه ولربما أننا في نقطة تحول تاريخية خصوصاً في هذا الوقت الذي ينسلخ العالم من عنق الزجاجة بسبب الانتكاسات الاقتصادية وتغير المناخات الاستثمارية بشكل لايمكن أحد التنبؤ فيها مطلقاً.

ولطالما كتبت مطولاً في برامج الدعم الخليجية وتأثيراتها على الاقتصاد البحريني في المقالات السابقة، ولكن في المراجعات الاقتصادية وجب التحقق من الحدث والأرقام ومن ثم دراسة النتائج بشكل حقيقي وكل ذلك في سبيل تطوير البرامج ومن ثم طرحها طرحاً حقيقياً في الأسواق.

ولعل ما نقصده من كل هذا أن برامج الدعم الخليجية، دعمت بشكل أساس نقطتين وهما إعادة هيكلة الاقتصاد المحلي للوصول إلى نقطة التوازن ودعم مشاريع البنية التحتية.

أما في الطرف المقابل فإننا لم نستشعر تأثيرها في الأسواق المحلية بالقيمة الحقيقية لعشرة مليارات دولار أو حتى نصفها، حيث بقي القطاع الخاص المحلي يتيماً بدون هذه المناقصات بسبب إشراك المستثمر الخليجي بالدرجة الأولى ومن ثم قد يوزع ما تبقى من فتات الفائدة لمجموعة شركاء أو مقاولين الذين هم نفسهم تورطوا بالارتفاع المفاجئ للتكلفة التشغيلية.

ولربما من هنا تطرق سمو ولي العهد إلى تحديات القطاع الخاص في االملتقى الحكومي، حيث نوه سموه بأنه وعلى الرغم من المبادرات والخطط والبرامج التي تقوم بها المملكة، إلا أن الاقتصاد الوطني يظل مرتبطاً بالتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، وسيتم الآن التركيز على دعم بعض القطاعات الاقتصادية للتغلب على التحديات التي تواجه القطاع الخاص وتحويلها إلى فرص حيوية.

ومن هنا نذكر الحدث الأهم لقرارات سموه الذي كلف وزارة المالية والاقتصاد الوطني بالتنسيق مع وزارة الصناعة التجارة والسياحة، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، وصندوق العمل "تمكين"، والبنوك الوطنية، بإنشاء صندوق للسيولة بحجم 100 مليون دينار بهدف إعادة هيكلة الالتزامات المالية للشركات.

الحقيقة، أننا كنا ذكرنا في مقالات سابقة سبب انتعاش الأنشطة الحديثة للدخول في الأسواق ببساطة وبدعم من "تمكين"، بسبب ضخ تمكين لسيولة لدعم هذه الأنشطة بمبالغ جيدة جداً، في المقابل احتضار شركات ومؤسسات قديمة بدون أي دعم مهم، حيث سيكون صندوق السيولة حلاً لأوجاع الانكسار الإقتصادي إذا مافشل العلاج لاسمح الله.

نحن لا نستهين بأي مبلغ حقيقي سيدخل في دائرة التدوير المحلي للصرف، فإنه بالتأكيد إما أن يكون انتعاشاً للسوق أو حتى لو كانت المحاولات الأخيرة لإنعاش بعض المؤسسات التي تعاني احتضاراً حقيقياً وتأن ألماً على الرغم من أنه من المبكر جداً فرض أي نتائج حقيقية لبرنامج صندوق السيولة دون معرفة نتائجه على القطاع الخاص ومن ثم السوق البحرينية ولربما سيستغرق تأثير نشاطه بعد 6 أشهر إذا كنا متفائلين جداً أي بعد الربع الثاني من العام 2020.

في المقابل، أشار وزير المالية والاقتصاد الوطني إلى أنه وتنفيذاً لتكليف صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء لوزارة المالية والاقتصاد الوطني بإنشاء الصندوق، قامت الوزارة بالإسراع بتنفيذ وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بمباشرة العمل على هذا التكليف ووضعه موضع التنفيذ، مؤكداً على ما سيمثله هذا الصندوق من استفادة للشركات بهدف التغلب على التحديات المختلفة التي تواجهها.

كما صرح رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، أنه تم تكليف الغرفة بالتعاون مع كل من وزارة الصناعة التجارة والسياحة والغرفة و"تمكين" والبنوك المحلية لإطلاق صندوق للسيولة بحجم إجمالي وصل إلى 100 مليون دينار.

ومن المؤمل أن يكون لوزراتي المالية والاقتصاد الوطني، والصناعة والتجارة والسياحة دور مهم في إنشاء الصندوق ومن ثم التنظيم لوضع شروط تضمن الإستفادة الحقيقية للشركات الحقيقية التي تساهم في نشاط الأسواق المحلية.

ستسهم ملاحظات غرفة تجارة وصناعة البحرين - بلا شك - في إعطاء خطة لكيفية التنفيذ ومن الفئات الحقيقية المستحقة للدعم من الصندوق، مع الأخذ بالاعتبار انعكاس ما يقدمه الصندوق للمستفيدين بشكل يساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

بتول شبر - سيدة أعمال

[email protected]