الانفتاح العقاري في البحرين منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وبدء مشروع الميثاق، فقد ثبت موقع مملكة البحرين على خارطة الخليج وجعلها محط أنظار الاستثمارات العقارية بسبب ثبات أسواقها ومعقولية الاستثمار فيها والمضاربة والمزايدة حتى عليها.

ومن أبرز علامات التطور الاقتصادي وتحول الدول النامية إلى دول اقتصادية، الملامح المعمارية للبلد بدءاً بالواجهات الاقتصادية التي تتمثل في ناطحات السحاب ومروراً بالعواصم الدبلوماسية.

ولعلنا في مملكة البحرين، نجحنا في صناعة الأبراج وناطحات السحاب حتى أصبحت مألوفة وقد تسابقنا في جعل معظم أبراجنا بتصاميم منفردة تنافس الأسواق العالمية.



اليوم أتكلم بصفة استثمارية تحاكي الأرقام ومنظور معادلة الربح والخسارة مع إيماني الشديد، ألا خسارة في العقار أبداً حتى لو كانت ناطحة سحاب ولست ضد تشييد الأبراج. ولكن لطالما كانت ناطحات السحاب تتعلق بالغرور أكثر مما تتعلق بالربح، وهي فطرة الإنسان لحب التعمير والتحدي.

وبما أننا في فترة التوجه العام إلى تقليل التكاليف واستخدام الطاقة، فالسؤال الذي يطرح نفسه مع تشيد الأبراج، هل أرباح الأبراج بالتشييد العمودي بافتراض غلاء الأرض والذي يضمن استرداد قيمة الانتفاعية لمجموع الاستثمار؟

أضف إلى معدل استهلاك الطاقة الكهربائية في الأبراج خصوصاً بنظامي الحركة الديناميكية صعوداً ونزولاً، ونظام التهوية والتبريد، وذلك يشمل طول السنة دون توقف بسبب أن معظم الأبراج تحولت إلى ناطحات سحاب ذات واجهات زجاجية!!.

إن العالم يهتم في الوقت الراهن بكفاءة وتوفير استهلاك الطاقة، ومع هيمنة تلك البنايات الزجاجية على المشهد بدأ الاهتمام بالبحث عن وسائل لعلاج عيوبها.

فمن الناحية الكلفة الإنشائية فإن المباني العالية تستهلك الطاقة وتتطلب مزيداً من المضمون المادي لبناء نظامها الهيكلي لتحمل أعلى درجات الانحناء.

ومن جانب آخر، لا يمكننا التراجع عن البناء العمودي بسبب شح الأراضي وولادة نظام التراخيص الحديثة الذي ساهم بولادة ناطحات السحاب في البحرين.

ومنها اتجه الكوريون على سبيل المثال، وهم من سبقونا إلى عالم صناعة الطاقة وتوفيرها، لتشييد الجيل الجديد من ناطحات السحاب، وهي تلك التي يطلق عليها المعماريون مصطلح "الجيل الخامس" .

تشمل تلك الأبراج الجديدة الاستثنائية تشكيلة من الابتكارات صديقة البيئة ومنها توليد الطاقة المتجددة والواجهات المزدوجة الطبقات ذات أنظمة التهوية الطبيعية.

كما تمتاز الأبنية الجديدة أيضاً، بمواد قابلة لتخزين وتوزيع الحرارة والمساحات الخضراء في أواسط الأبنية وأحواض المياه وإعادة التدوير والمزارع الحضرية الرأسية والواجهات والأسطح المولدة للكهرباء.

ولطالما كتبت عن مصانع توليد الطاقة الخضراء وإيماني الشديد بالاستثمار في الطاقة المستدامة ودمجها مع الاستثمار العقاري، بسبب أن كلفة وصناعة تلك الأبراج الصديقة للبيئة مازال باهظاً حالياً نظراً لعدم توافر التكنولوجيا المحلية، لكن باعتقادي أن ارتفاع كلفة العزل وفواتير استهلاك الكهرباء والطاقة وبالتالي هروب المستأجرين والمنتفعين بالأبراج، سيجبر مستثمري الأبراج ومكاتب الهندسة وشركات المقاولات والتعمير، على إعادة النظر في طرق تشييد الأبراج بسبب الحاجة الملحة والتوجه العام لهذا النوع من الاستثمار.

نلمح بشكل عام إلى أننا في أيام نشطة جداً، بحيث أن الدورة الاقتصادية باتت تتقلص إلى أقل من 7 أعوام، ونحتاج إلى أفكار عقارية جديدة وطرح جديد إلى مفهوم العقارات المدرة بحيث تتحول إلى وحدات تجارية أو سكنية تتناسب مع متطلبات الحياة لثقافة الجيل الجديد بأسعار معقولة جداً أقل من الأسعار الحالية بالأسواق نظراً إلى تعدد العرض وتنوع الاستثمار، في المقابل تغير قناعات الملاك بسبب شراسة المنافسة والتوجه لجذب أعلى عدد من المستأجرين لرفع مردود العقار حيث بات المستأجر مدللاً في وقتنا هذا!!!.

بتول شبر - سيدة أعمال

[email protected]