فادي الشيخ

يؤسفنا القول إن قطاع العقار البحريني على أعتاب الاحتفال، أو بالأصح قبول التعازي، بمرور عقد من الزمن، أي 10 سنوات كاملة على توقف العمل فيما كان يمكن أن يصبح أكبر مجتمع سكني مسوّر مطل على البحر في البحرين، هو مشروع مارينا ويست، أضخم مشاريع التطوير العقاري المتعثرة في تاريخ المملكة.

الطرف الجنوبي من البديع كان مخططاً له أن يتحوّل الى أيقونة معمارية فخمة مع إنشاء أكثر من ألف و 200 شقة سكنية بنظام "الدوبلكس" و"السيمبليكس" وأجنحة "بنتهاوس" علوية في الربع الأول من العام 2010، تزيّنها تشكيلة متكاملة من مرافق الترفيه والتسوق والنشاط الرياضي وإقامة مرسى للقوارب وشاطئ خاص على طراز عالمي رفيع، إلا أنه تحوّل إلى 11 برجاً تسكنها الأشباح على مساحة تفوق 74 ألف متر مربع!



لم يكن أحد ليتخيّل أن تصبح "البنتهاوس" أو الفلل السماوية ذات الطابقين في قمة كل برج، آيلة للسقوط وقد اعتراها الصدأ وتآكلت زواياها، علماً بأنها بيعت على الخريطة بالكامل بسعر مليون دولار أمريكي للبنتهاوس الواحد! كذلك الحال بالنسبة لمئات الشقق السكنية في المشروع التي تفتقر الآن لأبسط مقومات الحياة والتي قدرت كلفة إنشائها بـ 160 مليون دينار.

أكثر من 500 مشترٍ على الخريطة من 32 جنسية، راحوا ضحية تعثر المشروع، ينتظرون الفرج من مزاد علني أو مستثمرين يخلصهم من براثن سنوات عجاف تسببت في تبخّر مدخرات حياتهم لشراء بيت العمر أو الاستثمار بعقار الأحلام.

الساحل الغربي للبحرين بأبراجه الكئيبة كالحة السواد هو أحوج إلى بث الحياة فيه مجدّداً بإنعاش فرص البحث عن مستثمرين جدد للمشروع، ولعل لجنة تسوية مشاريع التطوير العقاري المتعثرة ذات الصفة القضائية، مطالبة بكشف آخر مستجدات مصير "مارينا ويست"، حتى لا يبقى التعثر شاخصاً للعيان في سماء البحرين فترة أطول، ولينال جميع المساهمين حقوقهم في أقرب فرصة مع توزيع حصيلة البيع إن حصل على الدائنين.

"مارينا ويست"، مُحالٌ الى لجنة تسوية مشاريع التطوير العقاري المتعثرة من قبل اللجنة الوزارية للإعمار والبنية التحتية منذ العام 2016، ومايزال المشروع مكانك سر إن صح التعبير، ثمة تعقيدات تشوب هذا المشروع الضخم في حجم تعثره، ولكنها ماتزال مبهمة للمستثمرين والدائنين ولعموم العاملين في العقار حتى اللحظة!.

لجنة تسوية مشاريع التطوير العقارية المتعثرة ذكرت في شهر مايو من العام 2017 بأن قيمة تثمين مشروع مارينا ويست من أرض وإنشاءات تبلغ نحو 86.5 مليون دينار، أي ما يعادل نحو 230 مليون دولار، فيما قدّرت حجم مديونيات المشروع بحوالي 32.5 مليون دينار، ولم نسمع بعدها أي تطورات تذكر في هذه القضية العقارية الشائكة بسبب فوضى البيع على الخريطة في السابق دون قيود تشريعية تحكمها.

ثمة أنباء عن وجود مستثمرين خليجيين راغبين بانتشال المشروع من محنته الطويلة، ولكنها ماتزال في طور الطبخ على نار هادئة إلى أن تتضح الأمور في المستقبل المنظور، على أمل أن تخرج لجنة تسوية مشاريع التطوير العقارية المتعثرة من عزلتها وتكشف الستار عن خفايا مشروع أضر بصورة البحرين العقارية. فقد آن الأوان لغلق ملفات العقار المتعثر إلى غير رجعة لصالح الحفاظ على سمعة المملكة الاقتصادية ناصعة برّاقة في الداخل والخارج.