في أول خطوة رسمية قبل بيع حصص من أكبر شركة نفطية في العالم، وافقت هيئة السوق المالية السعودية على طلب شركة أرامكو تسجيلها في البورصة المحلية.

حيث أعلن مدير الاكتتاب لطرح شركة أرامكو السعودية بنهاية الخميس الماضي عن نتائج الاكتتاب، والتي وصلت إلى تغطية كاملة بالنسبة للأفراد، حيث تم جمع 47.4 مليار ريال بنسبة تغطية 148%، أما المؤسسات التي ينتهي الاكتتاب فيها 4 ديسمبر فقد تم جمع نحو 118.9 مليار ريال، ليصل إجمالي الأموال المجمعة للاكتتاب من المؤسسات والأفراد إلى 166 مليار ريال، وهذا يعني نسبة تغطية 173% تقريباً.

فقد حددت الرياض تقييماً أولياً للشركة يصل إلى تريليوني دولار، لكن تقديرات مصرفيين ومحللين ماليين أن قيمة أرامكو أقرب إلى 1.5 تريليون دولار



وأعلنت أرامكو السعودية، مطلع الأسبوعين الماضيين، تحديد النطاق السعري للطرح الأولي وبداية فترة بناء سجل الأوامر لشريحة المؤسسات المكتتبة وشريحة المكتتبين الأفراد، فيما سيكون الإعلان الرسمي عن سعر الطرح للأسهم المكتتب بها في الخامس من ديسمبر المقبل، حيث تم تحديد النطاق السعري للطرح بين 30 ريالاً سعودياً إلى 32 ريالاً سعودياً للسهم الواحد وهو بحجم 1.5% كحجم أساسي من إجمالي أسهم الشركة.

وتجدر الإشارة إلى أن النطاق السعري للاكتتاب يقيم أرامكو بين 1.6 و1.7 تريليون دولار. وسيتراوح عائد توزيعات أرامكو بين 4.4% و4.7% على الأقل العام المقبل.

وبغض النظر عن الجدل القائم عن القيمة الحقيقية لأرامكو لاسيما بعد الاستحواذ بالكامل على سابك واعتماداً على التقييم الداخلي لأرامكو عند 1.5 تريليون دولار، ستظل قيمتها أعلى 50% على الأقل عن الشركتين الأعلى قيمة في العالم، مايكروسوفت وأبل، اللتين تبلغ القيمة السوقية لكل منهما نحو تريليون دولار.

وإن طرح لكل 1% من الأسهم سيجمع نحو 15 مليار دولار فقط لخزائن الدولة أي أكثر من 40 مليار دولار إذا افترضنا نجاح 70% من الاكتتاب المحلي على أقل التقدير، وتظهر بيانات أن الطرح سيضع أرامكو لأكبر طرح أولي على الإطلاق، في المقابل سيجعل بيع 5% من أسهم أرامكو مع تقييمها عند 2 تريليون دولار، صاحبة أكبر طرح على الإطلاق متفوقة على اكتتاب شركة علي بابا.

ومن جانبنا، نتوقع أن السوق السعودية هي السوق النهائية والمستفيد الفعلي من عملية طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام، حيث إن الحجم الهائل للطرح يعني أن المستثمرين الأجانب سيضطلعون بدور كبير ومنافس للمواطن السعودي، على الرغم من أن الشركة عرضت مميزات خاصة للمواطن السعودي لتشجيعه وجذبه للاستثمار بسهم مجاني مقابل كل عشرة أسهم.

وقد يعني هذا تخصيص جزء كبير من الطرح لصالح مستثمرين أفراد سعوديي الجنسية، وتسعيره على نحو يعزز فرصهم في جني المال من وراء استثمارهم في تلك الأسهم عبر منحهم بعض التخفيض والمميزات عن غيرهم.

وبالنسبة للكثيرين من السعوديين، تعد "أرامكو" أكثر من مجرد شركة، باعتبارها جزءاً من الهوية السعودية وشريان حياة. وقد يشكل هذا الاكتتاب داخل البلاد رهاناً قانونياً آمناً، حيث انقسم معارضو الطرح العام إلى فئيتين الأولى تستند إلى القومية الاقتصادية، يُنظر إلى الشركة على أنها انعكاس الهوية السعودية وأنها يجب أن تظل ملكاً للسعوديين وحدهم، والفئة الثانية أن الطرح العام الأولي محاولة لجمع أكبر سيولة ممكنة لتمويل مشاريع سعودية أخرى.

وأكد بعض المواطنين البارزين الذين اعترفوا بالحاجة إلى التقشف، أنه ليس من الضروري بيع أسهم أرامكو لأن أسعار النفط تبدو متجهةً للارتفاع في السنوات القادمة

لكن في الوقت نفسه، فإن الطرح العام الأولي له مؤيدون أكبر حيث يرتكز المؤيدون على اعتبار اكتتاب أرامكو، على الرغم من معارضيه وفروقات التقييم الفعلي لعملاق النفط السعودي، فرصةً عظيمةً للاستثمار الآمن مقدمة على طبق بيد أبنائها، ليحققوا أرباحهم منها بشكل مباشر، وهو فرصة للأفراد السعوديين بالحصول على مصدر دخل إضافي بدون عناء، حيث ذهبت فوائد التوقعات المبدئية من الأسهم للأفراد خلال أربع سنوات من الأرباح المتحققة من كل سهم تكفي عن بيعه.

منافع الإدراج في السوق السعودية ربما تكون أكبر من تلك الدولية، كونها ستخلق قيمة مضافة في هذه السوق، عبر طرح شركة تشغيلية ضخمة للمتداولين، فضلاً عن وضع الدولة حلولاً ادخارية للمواطنين، عبر طرح أدوات استثمارية تمتص السيولة، كما أنه يعطي المصارف هامشاً لتمويل احتياجات المكتتبين، والأهم أنها تجذب أموالاً أجنبية للاستثمار في شركة بحجم "أرامكو".

الاقتصاد السعودي والسوق المالية السعودية سيستفيدان أيضاً، بشكل غير مسبوق، من هذا الطرح الذي سيضاعف بلا شك حجمهما ويرفع معدل الاستثمار بشكل عام في المملكة، وهو ما يسهم في تحقيق رؤية 2030، التي من أركانها الأساسية تحقيق اقتصاد مزدهر، يعود خيره على المواطن السعودي أولاً وأخيراً.

بتول شبر - سيدة أعمال

[email protected]