من الواضح أن هذا الأسبوع كان حافلاً، بالأخبار الاقتصادية المهمة والتي نأمل بانجلاء تأثيراتها خلال الأسبوعين القادمين. ولأول مرة سأتطرق إلى مجموعة أحداث متسلسلة لارتباطها المباشر أو غير المباشر بمملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، بدءاً من إنشاء صندوق استثماري في قطاع النفط والذي أعلن عنه سابقاً كما تصدرته عناوين الصحف مروراً بانتشار فيروس كورونا (كوفيد19) الذي جاء من الخارج ونجحت البحرين في التعامل معه.

سأبدأ بالصندوق الاستثماري الذي تناولته وسائل الإعلام مؤخراً، بإطلاق الصندوق بالتعاون مع "أصول" التي تدير محفظة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بهدف إعطائهم الأولوية في الاستثمار، حيث إن الصندوق المقترح وبيع حصة فيه سيكون بمثابة قناة للمستثمرين من القطاع الخاص للدخول، وهو ما لم يفعلوه فعلاً في قطاع النفط والغاز في البحرين.

وهذا ما كنت ألمحت له في مقالات سابقة بالسير على النهج السعودي الاستثماري خصوصاً في ما يعرف فكرياً أو اقتصادياً نهج الدولة السعودية الحديث أو الحقبة الثالثة وهو حالة اقتصادية ممتازة ليس مجاملة أو حياء يمنعنا من انتهاجه.



ولربما بعد التصريح تراجعت الهيئة الوطنية للنفط والغاز بتوضيح أكثر بعناوين نصها منقول على الإعلام الرسمي بأنه "لا توجه لبيع حصة من أصول النفط"، حيث أوضحت الهيئة أن البحرين تقوم بدراسات لإشراك القطاع الخاص في الاستثمارات النفطية وليس بصدد بيع الأصول، مشيرة إلى أن الخبر المنشور من شبكة بلومبرغ الإخبارية بعنوان البحرين قد تتجه لبيع حصة من أصول النفط، ليس دقيقاً.

وإذا ما توجهت الهيئة باستنساخ تجربة أرامكو في الاكتتاب بإشراك القطاع الخاص أو الأفراد أو تفصيل آخر أمر يدعو إلى المفخرة، بسبب نجاح تجربة اكتتاب أرامكو في تسييل موارد وحصص هذه الاستثمارات وإعادة استثمارها في سلة الاستثمارات الهيئة القابضة للنفط والغاز، ما سيدعم بلاشك رفع حصص الإنتاج الثقيل للمصانع البحرينية والتي لا نحتاج إلى تبريرات رقمية لتوضيح هذا التوجه.

وفي نقلة سريعة أخرى، جاء فيروس كورونا الذي نجحت البحرين في الحيلولة دون تفشيه بسبب الشفافية في التعامل معه، حيث قاد إلى صدور تعميم من مصرف البحرين المركزي بخصوص دراسة إعادة الجدولة أو تأجيل أقساط القروض في ضوء تفشي الفيروس.

ومن شأن دعوة المصرف المركزي البنوك والشركات المالية العاملة في البحرين، أن يحد من الآثار الاقتصادية السلبية لانتشار الفيروس وتدفع بالقطاعات المتأثرة من انخفاض مستوى الأنشطة التجارية جراء ذلك، إلى الاستمرار في أنشطتها على النحو الطبيعي.

يعكس التعميم الصادر عن المصرف المركزي لكافة البنوك والمؤسات المالية بشأن تقليل أو تأجيل أوإعادة جدولة القروض، مدى حرص المملكة وأجهزتها الحكومية على عدم تأثر المواطن البحريني والقطاع الاقتصادي من تداعيات الأزمة العالمية جراء الفيروس.

ويظهر جلياً، أن قرار "المركزي"، جاء بالتزامن مع عدم تأجيل سباق الفورمولا1 واقتصاره فقط على المشاركين، بالإضافة إلى تعليق الدخول إلى مملكة البحرين عبر جسر الملك الفهد، وهو قرار سيادي يخص المملكة العربية السعودية والذي سيتم مناقشة أبعاده لاحقاً.

وبالنظر إلى القطاع السياحي، والذي تعتمد عليه البحرين بشكل كبير وتبلغ إيراداته مليار دولار سنوياً حتى 2020، فنجد أنه تأثر جراء إغلاق جسر الملك فهد وخصوصاً أن البحرين تعتمد على السواح من المملكة العربية السعودية، والذين يسهمون بشكل مباشر في تنشيط القطاع بالبحرين..هذا الجسر العريق يساهم، برفع حصص ربحية المجمعات والمطاعم ودور السينما والمحلات وصولاً حتى قطاع الفندقة والقطاع العقاري الاسثتماري.

وليس من الغريب تأثير إغلاق الجسر اقتصادياً، والذي كان أكبر من حالة تعليق الدراسة قبل أسبوعين، بالإضافة إلى إلغاء مئات وآلاف الرحلات السياحية بين مملكة البحرين وبعض الدول، حيث سجلت شوارع البحرين هدوءاً غير طبيعي قد نسترجع به ذاكرتنا لأعوام مضت.

هذا الأمر دفع مجموعة نواب، محاولة إصدار قرارات تشريعية حازمة لمنع انتشار المرض بالتشديد على الكشف عبر المنفذ البري لجسر الملك فهد محاولة منهم لحث الجهات المعنية في السعودية على إعادة فتح الجسر تحت تعهدات وإجراءات بحرينية صارمة قد تكلف البحرين مبالغ ليست ببسيطة جراء تلك الإجراءات الوقائية الطبية والتي نعرف أنها باهظة، وهو اعتراف ضمني برلماني أو حتى شعبي بقيمة هذا القرار الذي كلف البحرين كثيراً حتى لو افترضنا بتفاؤل أنه سيكون لمدة أسبوعين فقط.

المغازلة البرلمانية التي قادها مجموعة من النواب وعلى رأسهم النائب غازي آل رحمة والنائب محمد بوحمود للمملكة العربية السعودية، جاءت كدعوة لإعادة فتح الجسر وتحصين البحرين من أي أزمات مستقبلية اقتصادية نتيجة قرارات احترازية مثل منع اتنشار أي وباء هي الأفضل تشريعياً باعتبار أن الملف الاقتصادي لدور جسر الملك فهد من الثوابت الاقتصادية لمملكة البحرين.

حفظ الله المملكتين حكومة وشعباً من أي داء.

بتول شبر - سيدة أعمال

[email protected]