لا يوجد بلد متكامل، ولا أحد منا يعيش في المدينة الفاضلة، وطالما هناك عمل، فهناك أخطاء بكل تأكيد، فمن لا يعمل لا يخطئ، وأيضاً من يتآمر على وطنه فهو خائن بكل تأكيد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال قبول خيانته، ولكن هناك فئة تنضم إلى الخونة دون أن تعلم، تحت مسمى «الحياد».

هذه الفئة تصنف نفسها على أنها «محايدة» عندما يتعرض وطنها للهجمات، وتنادي بالإصلاح مع الدول المعادية التي تستهدف وطنها، ولا يكون لها رأي عندما يتعلق بالأمر بالمساس بسيادة بلدها أو شعبها أو قيادتها، وحتى مكتسباته وإنجازاته وكل ما يتعلق به.

المشكلة في هذه الفئة أنها ترى نفسها أنها «محايدة» فقط، بل وترى نفسها أكثر عقلانية من غيرها، وأنها تنادي بالحفاظ على أمن الوطن واستقراره، وتنتقد كل من يدافع عن وطنه، وتعتبرهم أنهم شلة «أبواق حكومية» لا تفهم، بل ويصل بها الأحيان إلى اتهامهم بالمرتزقة.

أيضاً، تسبب هذه الفئة الانشقاق في المجتمع، من خلال اتهاماتها الباطلة لمن يدافع عن الوطن، وطلبها من الناس أن يقفوا على الحياد كونه الخيار الأمثل، ولديها غالباً عذوبة لسان، وتعرف كيف تدس السم بالعسل.

وللأسف، فإن هذه الفئة متغلغلة بشكل كبير في أوساط المجتمع، وترى بأنها تصلحه، وهي تفسده، وتولى البعض منها مناصب قيادية، وهم يحاولون دائماً إيهام الآخرين بأن لديهم رجاحة في العقل وبعد نظر، وأقصى ما يرونه هو تحت أقدامهم فقط.

البعض منهم، يكون عميل لدول أخرى ولكنه «متستر»، وينفذ أجندات تلك الدول بطريقة احترافية من خلال تخفيه، وهذا نفاق، والمنافقون أشد كفراً بكل تأكيد.

رأينا هذه الفئة كثيراً مؤخراً، وللأسف الشديد في مملكة البحرين، خصوصاً من رفضوا التعليق أو الحديث عن الاعتداءات والتدخلات القطرية السافرة في شؤون المملكة، ومحاولتها زعزعة الأمن والاستقرار، أو حتى التدخلات الإيرانية هي الأخرى، وأيضاً المحاولات التركية لفرض هيمنتها في المنطقة، ويرون بأنهم «عقلاء»، رغم كل تلك المصائب.

* آخر لمحة:

نعود مجدداً، الحياد في حضرة الوطن خيانة، وعدم الرغبة في الحديث عنها لا يمكن تصنيفه حتى جبناً، وبكل تأكيد، ليس له مبرر نهائياً.