شاركت جامعة الخليج العربي بدعوة من منظمة الفاو في الاجتماع التشاوري الإقليمي للخبراء للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية من أجل تحويل أنظمة الأغذية الزراعية في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، حيث مثلت الجامعة في الاجتماع رئيسة قسم الموارد الطبيعية والبيئة، أستاذ الهندسة البيئية المساعد بكلية الدراسات العليا الدكتورة سمية يوسف، ممثلةً عن مملكة البحرين.
حضر الاجتماع نحو 62 مشاركًا هم من الأوساط الأكاديمية والبحثية والمجتمع المدني والقطاعين العام والخاص، إلى جانب المنظمات الدولية العاملة في أنشطة الحد من الفاقد والمهدر من الغذاء من بلدان الشرق الأدنى وشمال إفريقيا.
وأتاحت المناقشة فرصة لتبادل وتحديد التحديات ومجالات التدخل ذات الأولوية لمعالجة مشكلة الفقد والهدر من الغذاء بطريقة شاملة وفعالة وبالتنسيق عبر الحكومات ومع جميع أصحاب المصلحة المعنيين في البلدان، إذ ستؤخذ جميع المشورات في الاعتبار عند تطوير إطار العمل الإقليمي وستساعد في تقديم خطة موجهة نحو التأثير والنتائج لتقليل فاقد الأغذية مع المساهمة في تحسين الاستدامة الشاملة لأنظمة الأغذية الزراعية.
وطرحت الدكتورة سمية يوسف خلال الاجتماع التشاوري أمثلة على أفضل الممارسات خلال ردها على الأسئلة المطروحة للمناقشة حول التحديات الرئيسية التي تواجه أنظمة الأغذية الزراعية الوطنية الخاصة بمملكة البحرين، والتي تؤدي بطبيعة الحال إلى الفقد والهدر في الغذاء، والإجراءات التي يجب اتخاذها لمعالجة الأسباب الثانوية والنظامية لظاهرة الفقد والهدر والتي تعتبر أولويات في معالجة وضع الفقد والهدر في مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي .
ناقش الاجتماع ايضاً تأثير الجهود الإقليمية في المساعدة في دفع أو توجيه الإجراءات الوطنية أو دون الوطنية للحد من الفقد والهدر وتحديد الفاعلين والمؤسسات والهيئات الرئيسية على المستويين الوطني ودون الوطني للمشاركة في الحد من الفاقد والمهدر والإنجازات الرئيسية التي حققتها حتى الآن .
يذكر ان دول مجلس التعاون الخليجي قد صنفت من اعلى معدلات الهدر عالميا من حيث نصيب الفرد، اذ احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عربيا في 2021 بمعدل 184 كجم سنويا للفرد، وبتكلفة 40 مليار ريال سعودي سنويا، فيما تراجعت مملكة البحرين للمرتبة الثانية اذ كانت مصنفة في المرتبة الأولى في 2020 بمعدل هدر للطعام يصل الى 132 كجم للشخص سنويا. حسب تقرير مؤشرات هدر الغذاء الصادر من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة بمجموع 230 ألف طن سنويا بتكلفة تفوق 100 مليون دينار سنويا مما يستوجب تحركا عاجلا للحد من هذا الهدر الكبير للغذاء .
واستعرضت في الوقت ذاته أولويات الإدارة المستدامة للمهدر والفاقد من الطعام، على مستوى المنتج والمستهلك، خلال سلاسل التوريد واللوجستيات وصولا الى المستهلك، حيث قالت: "من المهم معرفة المستويات والمصادر لهذا الهدر والوقوف على أسبابه لإيجاد الحلول الناجعة، في كافة القطاعات المهدرة للغذاء: القطاع الزراعي، قطاع الضيافة، القطاع التجاري والقطاع البلدي؛ اذ ان سياسات المنع والتقليل من المصدر تعتبر دائما في قمة أولويات هذه الإدارة المستدامة، وذلك من خلال تعزيز الوعي وانتهاج أنماط الحياة المستدامة والوعي الاستهلاكي وترشيد الاستهلاك، والشراء الذكي المستدام والمسؤول، مع وجود إطار تشريعي داعم ومحفز لهذه الإدارة المستدامة في كافة القطاعات وعلى كافة المستويات للوصول لهدف تقليل الهدر والفقد".
وشددت على خطورة الهدر على حياة الإنسان حيث يشكل مصدر تهديد رئيسي للأمن الغذائي، خاصة في ظل الأرقام التي تشير إلى أن نحو 7 ملايين شخص عالمياً يعانون من الجوع، كما تطرقت لدور منهجية الاقتصاد الدائري في تدوير هذه المخلفات في حال انتاجها، واستعرضت أبرز التقنيات المستدامة لإدارة مخلفات الطعام.
وأشارت إلى وجود تقنيات لتحويل المخلفات إلى طاقة من خلال التخمر اللاهوائي، والحرق المتطور دون انبعاثات، وأنها تعتبر من التقنيات المجدية اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا لمملكة البحرين، وينبغي الاستثمار فيها، كما نوهت إلى أنّ فعالية مشاريع التسميد لتحويل المخلفات العضوية إلى سماد ليتم استخدامه محليًا في الزراعة، او للتصدير ليشكل مصدرا للدخل وموفرا لفرص عمل ومساهما في تنوع الاقتصاد ومساهما في تنويع مصادر الدخل والطاقة للبلد ومحافظا على البيئة والموارد ومحققا بالتالي اهداف التنمية المستدامة .
يذكر انه من بين جميع الأغذية التي تُفقد أو تُهدر في المنطقة العربية، يُهدر حوالي ثلثها على مستوى البيع بالتجزئة والمستهلكين، إذ أظهر تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ، أن مقدار هدر الطعام عالمياً وصل إلى 931 مليون طن من الأغذية المستهلكة في العام 2019، وفي العالم العربي وصل مقدار الهدر إلى أكثر من 40 مليون طن .
وفي الختام، أوصت بإنشاء شراكات ومبادرات إقليمية لوضع خطوط الأساس للحد من الهدر والفقد للغذاء (خاصة لدول مجلس التعاون الخليجي) والاستفادة من خبرات الدول التي قامت بهذه المبادرة كالمملكة العربية السعودية. تعزيز البحوث العلمية وتخصيص ميزانيات لدعم الأبحاث في هذا المجال، تعزيز شراكات القطاعين الصناعي والأكاديمي، والقطاعين العام والخاص. حملات التوعية وتحسين المناهج التعليمية في هذا المجال، انشاء بنوك الطعام ودعم جمعيات حفظ النعمة، مشيرةً الى دور التعليم والقطاع الأكاديمي في مجال بناء القدرات لزيادة التوعية وتهيئة صناع القرار في هذا المجال، وأهمية الاستثمار في الابتكار البيئي، واتباع منهجية الاقتصاد الدائري واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لابتكار الحلول لمنع الهدر والفقد للغذاء ودور مراكز الإحصاء الوطنية لإنشاء قاعدة بيانات متخصصة داعمة لهذه المبادرات .